الغرب يستثني أثرياء روساً من العقوبات حفاظاً على مصالحه

العالم - Wednesday 30 March 2022 الساعة 08:15 pm
نيوزيمن، بلومبيرغ:

أظهر تحقيق استقصائي لوكالة ”بلومبيرغ“، أن نصف أغنى 20 شخصًا في روسيا، لم يتم إدراجهم ضمن قوائم العقوبات الأمريكية والأوروبية التي فرضت على خلفية الحرب الروسية على أوكرانيا، ما ترك مجموعة من أصحاب الثراء الفاحش المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، دون قيود قانونية في العمل دوليا.

وقامت الوكالة بتجميع وتحليل بيانات العقوبات المالية من وزارة الخزانة الأمريكية والجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي ووزارة الخزانة البريطانية حتى 24 مارس الجاري.

كما أجرت تحليلا لأغنى 20 روسيًا وفقًا لترتيبهم على مؤشرها للمليارديرات كما كان يوم 18 فبراير 2022، وهو آخر يوم عمل قبل تنفيذ أول عقوبات تتعلق بإجراءات روسيا العسكرية في أوكرانيا.

وانتهى التحقيق إلى أن ”العقوبات طالت أباطرة ثروات بقيمة إجمالية لا تقل عن 200 مليار دولار“، مشيرًا إلى أن ”أسلوب العقوبات والاستثناءات الراهن يشكل نمطًا جديداً مختلطًا من العقوبات العابرة للحدود، وتعمد أن يستثني العديد من الروس الذين لديهم مصالح تجارية في الأسواق العالمية“.

 كيف توزعت العقوبات؟

ومن بين أغنى 20 مليارديرا روسياً في قائمة ”بلومبيرغ“، كشفت البيانات أن بريطانيا، مثلًا، فرضت عقوبات على 10 فقط، فيما كان العدد 9 ضمن قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي، أما الولايات المتحدة فلم تعاقب سوى 4 فقط من ضمن هذه القائمة.

كما أظهر التحقيق، تكرار أسماء 3 أشخاص فقط في القوائم الأوروبية والأمريكية والبريطانية، وأن 4 من أغنى 5 رجال في روسيا لم تتم معاقبتهم في أي مكان، بينهم أغنى رجل في روسيا، فلاديمير بوتانين، قطب المعادن الذي تبلغ ثروته 30 مليار دولار.

أما أغنى روسي خاضع للعقوبات في القائمة فهو أليكسي مورداشوف، المساهم في شركة ”سيفيرستال“، رابع أكبر صانع للصلب في روسيا، والذي جمدت أصوله من قبل الاتحاد الأوروبي في 28 فبراير، ومن قبل لندن بعد أسبوعين.

ومن بين أغنى الروس الذين لم يعاقبوا، مسؤول الطاقة التنفيذي، ليونيد ميخلسون، ورجل الأعمال الروسي، فلاديمير ليسين، ورئيس شركة النفط العملاقة ”لوك أويل بي جي إس سي“، فاجيت أليكبيروف، التي تمتلك الكثير من المساهمات الكبيرة في الشركات المدرجة وفي بيئة الأعمال الروسية الشديدة التسييس، بحسب وصف ”بلومبيرغ“.

أسباب الاستثناءات

ينقل التحقيق عن خبراء العقوبات أن قرار عدم توجيه عقوبات لبعض أغنى الرجال في روسيا، مرتبط جزئيًا بحصصهم الحاسمة في شركات الطاقة والمعادن والأسمدة الضخمة.

ويقول جون سميث، الذي ترأس وحدة العقوبات بوزارة الخزانة الأمريكية، حتى مايو 2018، إن ”هناك أسبابا لملاحقة بعض الأوليغارشية وهناك أسبابا لاستثناء البعض.. يمكن أن يكون ذلك لأنهم بعيدون عن عملية صنع القرار في الكرملين، أو لصعوبة معاقبتهم، أو حتى بسبب عدم جاهزية خطة تفصيلية لتنفيذ ذلك“.

وأضاف: ”تعلمت الولايات المتحدة من تجربة 2018، عندما فرضت عقوبات على الملياردير، أوليج ديريباسكا، الذي كان يسيطر على شركة يونايتد روسال إنترناشونال، أكبر شركة ألمنيوم في العالم خارج الصين.. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع الأسعار عالميا“، حيث لم تستقر تلك الأسعار إلا بعد موافقة ديريباسكا، على التخلي عن السيطرة على ”روسال“ في 2019.

وتابع سميث: ”يجب أن يكون الهدف الأساسي للعقوبات، إلحاق الضرر بالطرف الآخر أكثر مما نؤذي أنفسنا". 

واستدرك "عندما تتحدث عن الغاز، لا تزال أوروبا بحاجة لروسيا، لذلك تبحث واشنطن لمعرفة المنتجات الروسية الضرورية للغرب والسعي لتجنب الآثار الضارة لفرض العقوبات“.

ويكشف التحقيق أنه ”تم استهداف بعض الروس بسبب صلاتهم بشركات مملوكة للدولة، بغض النظر عن صافي ثروتهم.. علما أن أي شركة كبرى تعمل في روسيا تفعل ذلك فقط بمباركة الرئيس الروسي، ومع ذلك، ليس من السهل قياس القرب من بوتين“.

ويظهر التحقيق وجود اختلافات صارخة بين العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، مرجحا أن "قوائم العقوبات لم تنته".

وخلص التحقيق إلى القول: "عندما تنظر إلى المزيد من الأهداف المحتملة، فإنك لا تنظر إلى من هو قريب من الكرملين ولكن إلى تأثير العقوبات على السوق العالمية، وهو مسار لم يصل إلى نهايته حتى الآن".