حصاد النُخب.. بين خطى الجنوب نحو استعادة الدولة وشمال يغرق في الذل والمجاعة

تقارير - Friday 16 September 2022 الساعة 03:44 pm
عدن، نيوزيمن، خاص:

على قاعدة عسكرية تطل على البحر غربي العاصمة عدن، نظمت ألوية العمالقة الجنوبية حفل تخرج للمئات من مقاتليها "للرفع من مستوياتهم والتعزيز من الخبرة والمهارات التي يمتلكونها"، بحسب الخبر الذي نشره الموقع الرسمي لها الخميس.

ويضيف الخبر، إن الأفراد تلقوا العديد من التدريبات لرفع مستوى المهارات، مشدداً على حرص قيادة ألوية العمالقة الجنوبية على رفع مستوى مهارات وخبرات منتسبيها لتطوير مستواهم وصناعة قوة تمتاز بالقوة والخبرة والمهارة في ميدان المعركة.

ويُنظر إلى ألوية العمالقة كأهم مكسب للجنوب منذ ما بعد 2015م بامتلاك قوة عسكرية ضاربة تضم نحو 40 ألف مقاتل شكلت كابوس رعب لمليشيات الحوثي، ذراع إيران، في جبهات القتال وتلقت على يدها هزائم مذلة بدءاً من معارك الحديدة عام 2018م وآخرها معارك تحرير مديريات بيحان في شبوة مطلع العام الحالي.

وإلى جوار قوات العمالقة تتواجد على أرض الجنوب تشكيلات عسكرية جنوبية تضم نحو 150 ألف مقاتل تتوزع بين قوات الحزام الأمني وألوية الدعم والآسناد وقواتي النخبة الشبوانية والحضرمية، تسيطر على محافظات الجنوب باستثناء محافظة المهرة ووادي حضرموت.

تولدت هذه التشكيلات من عناصر المقاومة الجنوبية التي استطاعت خلال السنة الأولى من الحرب إنجاز مهمة تحرير ما سيطرت عليه مليشيات الحوثي من مساحة الجنوب، وانطلقت بعدها لتحريره من سيطرة التنظيمات الإرهابية وحققت في ذلك انتصارات كاسحة في ساحل حضرموت وأبين وشبوة، قبل أن تتعرض لانتكاسة في أغسطس عام 2018م، بسيطرة القوات الموالية للإخوان على محافظة شبوة وبعض مديريات محافظة أبين.

ليتغير المشهد عقب ثلاث سنوات بعودة القوات الجنوبية إلى محافظتي أبين وشبوة، والتي تخوض اليوم عمليات عسكرية واسعة لتطهير المحافظتين من الإرهاب، كمنطلق للتوجه نحو المهرة ووادي حضرموت، بحسب تصريح حديث لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي.

وبموازاة هذه القوة العسكرية الجنوبية، يأتي المجلس الانتقالي الذي تشكل منتصف 2017م ليمثل الذراع السياسية لهذه القوة العسكرية، ومنجزا سياسيا هاما للجنوب كمعبر عن مطالب أبنائه في استعادة دولتهم وفق ما قبل عام 90م، ونجح في انتزاع الاعتراف بهذا المطلب إقليمياً ودولياً بعد ان باتت على رأس القضايا المطروحة في أي تسوية نهائية للصراع في اليمن.

ويقود المجلس الانتقالي حالياً حراكاً سياسياً للحوار مع كافة المكونات والقوى السياسية في الجنوب والتي تشاركه الهدف المتمثل في استعادة الدولة، مؤكداً بان "التباينات والاختلافات في الرؤى أمرٌ صحي طالما وأن الهدف والمصير واحد"، بحسب تصريح الزبيدي خلال لقائه، اليوم الخميس، برئيس المكتب السياسي للمجلس الأعلى للحراك الثوري فادي حسن باعوم.

وبحسب ما نشره موقع المجلس عن اللقاء، يرى رئيس المجلس الانتقالي بأن "الجنوب يمّر بمرحلة مخاض ومعترك سياسي، للانتقال من مرحلة الثورة إلى مرحلة بناء الدولة"، في تلخيص لافت لرؤية المجلس وملامح تحركه للمرحلة القادمة.

هذا الحراك الجنوبي وتسارع خطى قواه العسكرية ونخبه السياسية نحو هدف بناء الدولة، يقابله مشهد مأساوي يعيشه الشمال القابع تحت سيطرة مليشيات ذراع إيران، وإمعانها في إذلال سكانه وترهيبهم من أي محاولة للتمرد أو الاحتجاج.

ففي الوقت الذي كانت فيه ألوية العمالقة تستعرض قواتها العسكرية لتأمين وحماية الجنوب، كانت جماعة الحوثي تستعرض في أكبر ميادين صنعاء "ميدان السبعين" تشكيلاتها الأمنية بعناصرها وأسلحتها، في رسالة ترهيب واضحة بعد مظاهر الاحتجاج والممانعة التي أبداها المواطنون ضد حملات مليشيا الحوثي لنهب الأراضي في محافظات الشمال وآخرها ما شهدته قرى القُصرة الساحلية في الحديدة.

حملات الترهيب التي تقودها مليشيات الحوثي تتزامن مع أخطر تحذير أممي من تهديد شبح المجاعة لمناطق سيطرة المليشيات جراء ما تعيشه من أزمة حادة في انعدام الأمن الغذائي، وفق تقرير حديث لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو".

مشهد الشمال المهدد بالموت برصاص المليشيات أو بالجوع وحالة التوحش من قبل ذراع إيران ضد أبنائه، يأتي كثمرة لغياب تخلق نخب وقوى جديدة بالشمال، كما حصل في الجنوب، تعمل على تنظيم معارك تحريره من قبضة إيران وذراعها مليشيات الحوثي.

غياب قاد بالخطاب في الشمال نحو معارك عبثية ونصبت له أعداء وهميين كالتحالف أو الجنوبيين ورفع شماعة "الانفصال" كخطر وجودي يهدد الشمال أكبر من خطر الحوثي، رغم تأكيد الانتقالي ورئيسه لأكثر من مرة على تأجيل ذلك إلى حين استعادة صنعاء وإنهاء انقلاب الحوثي.