كان يقود عطروش الكفيف إلى مسجده كل أذان.. "عمر نسير" شاعر زنجبار

الجنوب - Friday 16 September 2022 الساعة 05:33 pm
نيوزيمن، كتب/ صالح الحنشي:

في ذكرى وفاة الشاعر الغنائي عمر نسير، صاحب كلمات أغنيات: سبولة. يا بايعات البلس والقات. يا رب من له حبيب. للمه... وغيرها الكثير.

نسير يشبه الأرض التي ترعرع فيها.. لون بشرته تقاسيم وجهه. ولهذا جاءت قصائده تشبهه. 

رصد صوت الزرع وعلاقته بالطبيعة كما في أغنية شي حلال في معزوب، حتى الزرع لما جيت ما حشحش.

وصور الصراع بين الشراح والطيور في أغنية سبولة:

 طير السماء بايرضي فضوله

مهما شرحتوا لازم بايهوش

استعاراته مأخوذة من الطبيعة المحيطة، استطاع أن يصنع من هذه البيئة البسيطة غنائية عظيمة. 

الفنان الحقيقي هو الذي يستطيع أن يرفع من شأن كل من حوله.

لم أر أحدا بخجل الشاعر نسير، إلى آخر يوم في حياته. 

هناك ما أجزم أنه قد تفرد به نسير دون غيره، لم ينتظر يوما مالا أو جاها أو شهرة مما كتبه، وكأنما قام بكل ما قام به كواجب عليه القيام به. 

لم يتحدث يوما عن ما طاله من جحود، بل إنك تشعر أنه حتى لم يشعر في داخله أنه تعرض للظلم، رغم أن لا أحد تعرض للظلم مثله..

حتى حين يتحدث معه بإطراء على ما قدمه يحاول أن يغير مجرى الحديث وكانما يقول حتى الإطراء لا حاجة لي به.

أما نسير الإنسان فكان متفردا أيضا، كان الحاج محسن عطروش والد الفنان عطروش كفيفا واماما لاحد مساجد زنجبار، فكان الشاعر نسير يأخذه إلى المسجد خمس مرات يوميا. 

حتى الطريقة التي كان يشبك بها الحاج العطروش يده في ساعد نسير لا تتغير. طريقة سيرهم هي نفسها ايضا، وكأنك أمام صورة تعرض أمامك خمس مرات في اليوم.

 هذه الصورة التي تتكرر خمس مرات يوميا في الطريق الممتد من منزل العطروش إلى الجامع الذي يمر في الشارع اليتيم لمدينة زنجبار. تحولت هذه الصورة إلى أحد معالم المدينة. 

أتذكر أنني رسمت هذه الصورة للشاعر نسير والعطروش، واهديتها للصديق العزيز ايزاك فلاشا واعتقد انه ما زال يحتفظ بها.

كنت قد رسمتها كتصور لإقامة مجسم يخلد الشاعر نسير، ويتم وضع المجسم في مدخل مدينة زنجبار..

أولاً، كأقل ما يمكن أن نقدمه للشاعر الغنائي نسير. 

وثانياً، كي لا تغيب هذه الصورة عن مدينة زنجبار التي اعتاد الناس على رؤيتها طوال أكثر من ثلاثين عاماً...

رحم الله الشاعر عمر نسير.

* نقلاً عن صفحة الكاتب في الفيس بوك