السفير السعودي ووفد عسكري مصري يزوران عدن.. ما هي اتجاهات المرحلة القادمة؟

تقارير - Friday 12 May 2023 الساعة 09:58 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

بعد أيام قليلة من اختتام اللقاء التشاوري الجنوبي وإعلان مخرجاته، شهدت العاصمة عدن حراكاً سياسياً إقليميا أبرزه زيارة وفد عسكري مصري رفيع المستوى بالتزامن مع زيارة سفير المملكة العربية السعودية لدى اليمن محمد آل جابر للمدينة.

تم استقبال السفير آل جابر من قبل الرئيس رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي وعضو المجلس عيدروس الزُّبيدي في دلالة على مباركة المملكة العربية السعودية لمخرجات اللقاء التشاوري وعلى تقارب سياستها مع سياسة الإمارات العربية المتحدة في ما يخص التطورات الأخيرة في البلاد وتحديد ملامح المرحلة المقبلة.

زيارة السفير آل جابر لعدن هذه المرة لم تكن كسابقاتها، حيث حفل برنامجه بأنشطة تنموية لافتة ومنها مشاركته مع الرئيس رشاد العليمي ورئيس الحكومة معين عبدالملك ومسؤولين حكوميين آخرين، في افتتاح أو وضع حجر الأساس لما يقارب 229 مشروعاً تفاوتت بين الصغير والمتوسط والكبير في 14 محافظة. وتبلغ كلفت هذه المشاريع 400 مليون دولار وتتركز أغلبها في قطاعات الصحة والتعليم والنقل.

أبرز هذه المشاريع هو مستشفى عدن ومركز القلب فيه، الذي أعيد تأهيله على نفقة السعودية عبر برنامج إعادة الإعمار في اليمن الذي يرأسه السفير آل جابر، إضافة لافتتاح العمل في المرحلة الثالثة من تطوير وإعادة تأهيل مطار عدن الدولي، الذي قال الرئيس العليمي في تصريح تلفزيوني إنه بعد إتمام هذه المرحلة من تأهيل المطار ستصبح عدن "حلقة الوصل السياسية والاقتصادية" بين اليمن ودول المنطقة والعالم، بينما أكد آل جابر أن العديد من شركات الطيران الدولية سوف تنخرط في تسيير رحلاتها إلى عدن عقب استكمال تأهيله. 

ومن المشاريع التي وردت في تصريحات السفير السعودي والمسؤولين اليمنيين، مدينة الملك سلمان الطبية في المهرة، وكلية الطب وكلية التمريض ومستشفى الأورام في تعز، ومستشفيات ريفية في عدد من المحافظات، إضافة إلى مشاريع الطرق كطريق العبر -مأرب، وطريق هيجة العبد الرابط بين محافظتي تعز وعدن، والطريق البحري، والمشاريع المقترحة في قطاع الكهرباء، ودعم مصادر المياه والتحلية في عدد من المحافظات، ومشروع مبنى تأهيل المعاقين في عدن، وعدد من المدارس والمعاهد الفنية في قطاع التعليم... وغيرها.

الإعلان عن كل هذه المشاريع في مثل هذا التوقيت الذي يحفل بنشاط سياسي تعمل فيه القوى الجنوبية المتصدرة للمشهد على التقارب وتوحيد كلمتها بشأن وضع الجنوب في الترتيبات المستقبلية لوضع اليمن عموماً، لا يخلو من الدلالات عن الوجهة التي تدفع دول التحالف العربي اليمن للمضي نحوها. ليس على مستوى المحافظات المحررة فقط، بل وعلى صعيد اليمن بصورة عامة.

مصر تعزز حضورها في اليمن

  من الدلالات التي يجدر أخذها بعين الاعتبار في مستجدات المرحلة الراهنة، هي زيارة وفد عسكري مصري رفيع المستوى إلى عدن اليوم الخميس. التقى الرئيس العليمي ووزير الدفاع الفريق ركن محسن الداعري بالوفد المصري الذي يرأسه اللواء أركان حرب محمد إسماعيل عبدالفتاح، ولم يتم الإعلان عن غرض زيارة الوفد، لكن من خلال الخبر الوارد في وكالة سبأ التابعة للحكومة الشرعية، فقد أثنى الرئيس العليمي على "موقف مصر الثابت إلى جانب الشعب اليمني وقيادته السياسية، ونظامه الجمهوري، وصولاً إلى دورها الفاعل ضمن تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة".

واللافت أيضاً في زيارة الوفد العسكري المصري إلى عدن أنها تأتي بعد حوالي عشرة أيام من زيارة وزير الدفاع اليمني إلى القاهرة ولقائه بنظيره المصري وبالرئيس عبدالفتاح السيسي الذي كان قد التقى الرئيس رشاد العليمي أواخر أبريل الماضي.

من البدهي أن الحكومة المصرية، رغم انشغالها المكثف بترتيب أوضاعها الداخلية وقضاياها الإقليمية التي يشكل سد النهضة أبرز التحديات فيها، ليست غافلة عن أمنها البحري المتمثل في البحر الأحمر وباب المندب. مما لا شك فيه أن هذا الأمر يشكل خطاً عريضاً في أي لقاء بين أي مسؤولين مصريين ويمنيين بكافة مستويات القيادة، لكن إضافة لذلك، تسعى مصر أيضاً إلى استعادة دورها في الشأن اليمني، حيث كانت الداعم الأول للنظام الجمهوري في الشمال والجنوب عقب ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر مطلع ستينيات القرن العشرين. كما أنها منخرطة في التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات العربية المتحدة لدعم الحكومة الشرعية على إثر انقلاب مليشيا الحوثي على السلطة في 2014، ولم يعد خافياً على أحد من مسؤولي الدول العربية، وخصوصاً مصر، أن مليشيا الحوثي ما هي إلا امتداد لنظام الحكم الإمامي القائم على ادعاء الحق الإلهي في السلطة.

معطيات متزامنة

في الوقت الذي لم تصدر أي تصريحات سياسية عن الحكومتين اليمنية والمصرية حول زيارة الوفد العسكري المصري إلى عدن، تناقلت وسائل إعلام عديدة اليوم الخميس، تصريحات السفير محمد آل جابر لوكالة فرانس برس، عن مستجدات المفاوضات مع الحوثيين. غالباً عنونت وسائل الإعلام التي تناقلت تصريحات آل جابر بعنوان شبه موحد يفيد بأن جميع أطراف النزاع في اليمن "جدّيون في جهود السلام"، وهو ما يعكس حرص السفير السعودي على التفاؤل بجولة المفاوضات المرتقبة بين المملكة والحوثيين. ومع ذلك فسّر آل جابر جدية الأطراف بمعنى أن الجميع يبحث عن السلام، لكنه قال إنه من المستحيل التنبؤ بموعد إجراء محادثات مباشرة بين الأطراف اليمنية، ناهيك عن حدوث انفراج.

وقال آل جابر: "ليس من السهل استيضاح الخطوات التالية... في النهاية، الأمر يتعلق باليمنيين"، مشيراً إلى أن الجانبين "يرفضان الجلوس معاً" في الوقت الراهن.

 والأربعاء، نقلت صحيفة "الإمارات اليوم" عن مصادر سياسية يمنية قالت إنها توقعت "أن تُعقد خلال الأيام القليلة المقبلة، جولة مشاورات جديدة بين الوفدين السعودي والعماني من جهة، وقيادات حوثية بحضور رئيس وفد الميليشيات المفاوض محمد عبدالسلام، في صنعاء".

وقالت الصحيفة إن المصادر توقعت أيضاً "أن يتم خلال الجولة الجديدة، تجاوز جميع الخلافات والعوائق التي تقف عائقا أمام إعلان الهدنة، وبدء المرحلة الأولى من خارطة الطريق المرسومة للسلام في اليمن".