أزياء المرأة التهامية.. بهجة اللون العصية على الاندثار

المخا تهامة - Tuesday 26 December 2023 الساعة 11:10 am
المخا، نيوزيمن، علي جعبور:

يشكل اللباس واحدا من أكثر المظاهر الثقافية المعبرة عن عادات وتقاليد المجتمعات الإنسانية وهويتها الخاصة. وقد تسهم الأحداث والتغيرات التي تطرأ على حياة مجتمع ما في تغيير أو تجديد أزيائه وملبوساته، أو اندثار جزء منها على الأقل، إلا أن قلة من الناس يظلون محافظين على تراثهم مهما تقادم به الزمن وهذا ما نجده في أرياف تهامة، حيث أبقت المرأة التهامية على الكثير من تفاصيل أزيائها دون تغيير، خصوصا في المناطق النائية جنوب الحديدة كالتحيتا والجراحي وزبيد.

في المناطق، وكذلك بعض أرياف حجة التهامية، لا يزال ارتداء الثوب النسائي ذي الألوان البراقة سائدا.

التحيتا.. آخر الأوفياء للماضي

ستشاهد وأنت تتجول في أي منطقة من مديرية التحيتا نساءها الريفيات بأثوابهن المزركشة والتي تمتزج غالبا بالألوان السماوية والكبدية والوردية والزهرية في تناغم لافت مع ألوان الطبيعة، ونادرا ما يصادفك اللون الأسود الدخيل على المجتمع، ولعل الطبيعة الريفية والقروية للمديرية هي من جعلت أهلها أكثر تمسكا بتراثهم وأبعدتهم عن الانسياق وراء الموضات الجديدة أو استبدال الزي النسائي بالبالطو بفعل الفتاوى الدينية المغلوطة التي تكرس اللون الأسود كلباس شرعي للمرأة دون سواه.

تقول السيدة عائشة محمد، وهي نازحة من التحيتا، في حديثها لنيوزيمن، إنها لم تفكر يوما في تغيير شكل لباسها الذي اعتادت عليه منذ نعومة أظافرها وتستغرب ممن يتخلون تماما عن اللباس التقليدي المتعارف عليه في منطقتهم لمجرد أنهم انتقلوا إلى مكان آخر ويستبدلونه بلباس المنطقة التي حلوا بها.

وتشير إلى أنها تعمل على تفصيل ملابسها بنفسها عند جارتها الخياطة وتختار الألوان التي تناسبها وكذلك تعمل مع بناتها ولا تشتري الملابس الجاهزة من السوق إلا نادرا وهو ما اعتادت عليه الكثير من نساء التحيتا وزبيد ومعظم أرياف تهامة.

أرياف حجة.. اندثار البهجة وطغيان الأسود

قبل عقود من الزمن كانت النساء في أرياف تهامة التابعة لمحافظة حجة يرتدين أشكالا من الألبسة المحلية ذات الألوان البهيجة، مثل: القمصان البيضاء والحمراء ذات التطريز البديع والأكمام الواسعة المفتوحة أو نوع آخر خفيف يدعى (الكرتة) وهو يلبس غالبا في البيت وأثناء العمل أو صدرية وفوطة مع غطاء رأس مزركش يدعى المصر يتم وضعه من منتصف الرأس ويربط طرفاه خلف الأذنين مع ترك مقدمة الشعر حاسرة والتي تكون محفوفة بجديلتين صغيرتين تفرق الشعر نصفين فوق الجبهة أو يكون مسرحا ومدهونا بالزيت ومساحيق الأعشاب العطرية. ومع مرور الوقت انتشرت في الأرياف ثقافة جديدة مصحوبة بفتاوى دينية متزمتة يغذيها المد الوهابي الإخواني، وكان لباس المرأة أول أهدافها، وسرعان ما انساق العوام وراء هذه الفتاوى، بوجوب ارتداء النساء للون الأسود فحسب، فبدأوا يجبرون قريباتهم على ارتداء البالطو والبرقع والجلباب حتى بات هذا الشكل من اللباس رمزا للتقدم والوعي وأصبحت المرأة المحافظة على زيها التقليدي توصم بالمتخلفة والقروية.

وقد آتت هذه الحرب أكلها باندثار الكثير من الأزياء التقليدية في المنطقة أو طمرها تحت السواد.