الفشل الحوثي يمنع إغاثة قادمة من تعز لعائلة في صنعاء

المخا تهامة - Friday 16 March 2018 الساعة 02:18 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

طال غياب الغاز وطالت طوابير المواطنين أمام محطات بيعه في صنعاء دون أن يسمع المواطنون تبريرا مقنعا لاستمرار هذا الوضع، ولا لما يمارسه أصحاب المحطات من تصرفات مستفزة وغير أخلاقية في استثمار الأزمة غير المسبوقة.

عند ذهابك إلى إحدى محطات الغاز سيخبرك صاحبها أن هناك قاطرة خاصة به في الطريق، وأن التعبئة ستبدأ قريبًا، وكل ما عليك هو الذهاب لجلب أسطوانة الغاز الخاصة بك والعودة لحجز مكانك في الطابور.

سيأتي عليك الليل وقد أصابك الإعياء والسهر، عندها ستحصل من صاحب المحطة أو عامله على عرض مغر للغاية:
اذهب إلى بيتك للراحة واترك أنبوبة الغاز في مكانها مقابل 100 ريال فقط في الليلة الواحدة لحراستها، وحمايتها من أيدي اللصوص المنتشرين بكثافة، هناك مئات الأنابيب إلى جوار أنبوبتك، وكل واحدة ستترك في مكانها مقابل 100 ريال، في المحصلة هناك عشرات الآلاف التي يحصل عليها صاحب المحطة وعماله كل ليلة، ولو افترضنا وجود 500 أسطوانة في الطابور فإن دخله اليومي من حراستها يصل إلى 50 ألف ريال.

هل ستحصل بعد هذا على ما تحتاجه من الغاز؟
التفاؤل ليس مفيدا في هذه الحالة، قد يأتي الغاز بعد أيام فعلا، لكن السيناريو المعد مسبقا يكون كالتالي:
تتم تعبئة عشرات الأسطوانات، وعند نقطة معينة وأسطوانة تعيسة الحظ يخبرك عامل المحطة أن كمية الغاز الموجودة على وشك النفاد.
ستتعالى الأصوات المستنكرة والغاضبة، وسيقوم أحدهم بافتعال مشكلة تنتهي بالاشتباك اليدوي أو إطلاق الرصاص، وسيؤدي ذلك إلى تفرق الطابور عشوائيا، وسيقوم اللصوص بسرقة بعض الأنابيب أثناء الفوضى، وهنا سيتدخل أي مسؤول سواء عاقل الحارة أو قسم الشرطة ويبلغ الناس بأن عليهم المغادرة حتى حل المشكلة، وأن المحطة أصبحت مغلقة ولا فائدة من الاستمرار في الطابور.

سيحصل العاقل أو ضابط القسم على امتياز حصري ببعض الأسطوانات بالسعر المقرر (3 آلاف ريال) وسيقوم ببيعها لأصحاب المطاعم المجاورة بأسعار تصل إلى أو تزيد عن (10 آلاف ريال)، وسيقوم صاحب المحطة باستغلال الكمية المتبقية بنفس الطريقة.

في إحدى المحطات، أقسم عاقل الحارة يمينا كبيرا بأن المحطة ستتوقف ما لم يقم صاحبها بتعبئة 20 أسطوانة غاز لصاحب المطعم القريب من منزله الذي يقدم له وجباته بشكل مجاني، إلا أن صاحب المطعم خجل من عيون عشرات المواطنين التي رمقته باحتقار فأقسم بدوره أنه لن يعبئ أية أسطوانة إلا بعد تعبئة أسطوانات المواطنين، بعد أن شكر العاقل بقوة وقبل رأسه امتنانا، ثم أخذه جانبا في حديث رسم الابتسامة على وجه العاقل بوضوح.

بإمكان العاقل منحك كرت أولوية باعتبارك من سكان حارته، وبإمكانه أيضا منح تلك الكروت لمن يريد وكيفما يريد، وبأي ثمن يريد فهذه الفرصة لا تتكرر كثيرا بالنسبة له.

في منطقة شملان تناقل الأهالي قصة ذلك الرجل الملقب بـ (الثلايا) التي حدثت قبل أيام، وكيف أن صاحب المحطة رفض أن يقوم بمنحه الأولوية على طابور طويل من الناس، وتوعد الثلايا الذي لا زال مختفيا عن الأنظار حتى الآن لصاحب المحطة، ثم ذهابه إلى منزله وجلب سلاحه الآلي وإطلاق النار عشوائيا ليقتل شخصين ويصيب آخرين منهم اثنان في حالة صحية خطرة، لقد تم إلقاء القبض على والده وأخيه لكنه تمكن من الفرار تحت تغطية رصاص سلاحه الآلي، ولا زالت المحطة التي وقع فيها الحادث مغلقة إلى اليوم.

ذلك الحادث لم يلهم أجهزة الأمن بتأمين عمليات تعبئة الغاز من المحطات في وضع الازدحام الشديد، بل على العكس لقد ألهم أفراد العصابات لتمثيل المشهد بطرق مختلفة، والمهم أن يؤدي إلى النتيجة المرغوبة وهي تفريق الناس وإرباكهم إما لسرقة بعض الأسطوانات، أو لابتزاز صاحب المحطة ليقوم بتعبئة الأسطوانات التي يطلبونها دون شروط، لأن هناك محطات تحدد نصيب كل أنبوبة بعشرة لترات فقط أي نصف العبوة، بعد طابور قد يزيد عن أسبوع كامل.

في إحدى النقاط بين ذمار وصنعاء، قامت نقطة الأمن بتفتيش إحدى السيارات القادمة من محافظة تعز، فوجدت أنبوبتي غاز مليئتين أحضرهما معه بتوصية من قريبه الذي أخبره بالأزمة وعدم حصوله على غاز منذ أسبوعين.

بكل بساطة قام الجندي المسؤول في النقطة بفتح صمام أمان الأسطوانة الأولى وتركها تفرغ محتواها في الهواء حتى فرغت تماما، وهكذا فعل مع الأسطوانة الأخرى، ثم أعاد للرجل الاسطوانتين فارغتين دون أي تبرير، وأمره بمواصلة طريقه إلى صنعاء بعد التخلص من البضاعة المحرمة في الاسطوانتين بثقة مطلقة.
من الذي يقف وراء أزمة الغاز بصنعاء إذا ؟!!!