الشيخ عثمان ودار سعد.. التعايش بين قوات الشرعية والتنظيمات المسلحة

السياسية - Thursday 26 April 2018 الساعة 10:54 am
نيوز يمن، عدن - خاص:

ماتزال مديريتا الشيخ عثمان ودار سعد تقبعا خارج السيطرة الأمنية لإدارة الامن في العاصمة المؤقتة عدن، على الرغم من الجهود الأمنية التي بذلتها السلطات الأمنية منذ تحرير العاصمة ، غير ان واقع ما بعد الحرب فرض نفسه بقوة على المشهد العدني.

تراكمات الحرب ، وما جنته الكثير من الجماعات المسلحة التي نظمت نفسها عل شكل خلايا، ما تزال حتى اليوم في معظم مديريات عدن تهدد أمن العاصمة، وتقوض من جهود مكافحة الإرهاب وأنهاء الهستيريا المتسعة بشكل متصاعد فيما يخص البسط  والنهب العشوائي الذي طال الممتلكات العامة للدولة والخاصة.

وعلى وقع الحملة الأمنية في مرحلتها الثالثة التي دشنتها وزارة الداخلية وإدارة الامن في حي القاهرة بالشيخ عثمان، تبين للجميع حجم الكارثة الأمنية، واظهر بشكل واضح القوة التي باتت المجاميع المسلحة تتمتع بها، عقب المواجهات الدامية بين قوات الأمن والمسلحين الأربعاء الماضي.

حتى اليوم ما تزال الأجهزة الأمنية الصاعدة التي يقودها اللواء شلال علي شائع عاجزة عن احداث أي اختراق في مديريتي الشيخ عثمان ودار سعد، وعلى وقع المحاولات المتواضعة لفرض هيبة الدولة وأنهاء البسط العشوائي جوبهت هذه الحملات بوابل من الرصاص ، اسفرت عن مقتل جندي وجرح اربعة أخرين.

احداث الأربعاء الماضي في الشيخ عثمان، لم تكن سابقة بالنسبة للأمن وأجهزته التي حاولت على مدى الاشهر الماضية توجيه ضربات متكررة لجماعات الإرهاب من جهة ، وللمجاميع المسلحة المتخصصة بالنهب والبسط العشوائي ، غير انها مؤخراً اصطدمت بشكل مباشر معهم، مع انتهاء مهمته الأمنية التي استطاعت من خلالها إزالة مباني عشوائية شوهت شوارع الشيخ عثمان وتسبب بازدحام مروري غير مسبوق .

وفرت السلاح الذي جنته هذه المجاميع المسلحة من الحرب ، وما استغلته من فراغ أمني عقب تحرير العاصمة ، مكنها اليوم ، إلى فرض حالة أمر واقع ، وتحتاج الأجهزة الأمنية لتبديد هذه التهديدات الأمنية ، إلى إيجاد استراتيجية أمنية واستخباراتية، تمكنها من ضرب هذه المجاميع في عمق أوكارها ، وهو ما يتطلب من أمن عدن تكثيف حملاته الأمنية الغير معلنة في سبيل التخلص من هذه الجماعات التي باتت اليوم خطراً حقيقاً يتهدد حياة المواطن في اكثر المديريات سكان وزدحاماً.

أما مديرية دار سعد شمال عدن ، فالحديث عنها يتوجب دراسة اوضاع المديرية بشكلاً خاص ، وتحديد الاسباب الرئيسة التي جعلت منها اليوم قلعة تتحصن بها الكثير من الجماعات المسلحة ، لما يميزها من مساحة واسعة، وبيئة سكانية قتلها الفقر وشكل هويتها العدائية من كل من يحاول المساس او التغيير من واقعها المستفحل والذي تزدهر فيها اعمال التقطعات والبسط خارج أطار الدولة.

مثلت  مديرية دار سعد خلال فترة الحرب الجبهة الاكثر اشتعالاً والأكثر صموداً بين باقي الجبهات التي اندلعت فيها مواجهات مباشرة مع عناصر جماعة الحوثي ابان اجتياحهم لمدينة عدن في العام 2015م ، وهو صمود يعود للكثير من الأسباب ، أهمها توغل الجماعات الدينية التي تصنف  بعضها كجماعات متطرف ،استطاعة أن تملئ الفراغ الذي خلفته الدولة المنهارة بشكلاً تدريجي منذ العام 2011م .

جهد بذلته الجماعات الدينية في أكثر المديريات فقراً وتهميشاً لتخلق من خلال أدواتها الدينية الناعمة واقعاً جديداً، تتحكم اليوم به وفق اهدافها وتوجهاتها الغير منسجمة مع إدارة الأمن وقوات التحالف على حداً سوى.

تعمل شرطة دار سعد وكذلك مبنى السلطة المحلية، بشكل يتماشى مع الواقع المفروض اليوم داخلها ، غير أن صلاحيات وإمكانيات هذه الإدارة الحكومية ، لا يتعدى  حدود الممكنات ، مايعني انها تعجز عن مواجهة أي عناصر مسلحة تفوقها من حيث القوة والإمكانيات ، مضاف إليها ضعف إدارة الشرطة التي لم تنجح حتى اليوم في استعادة هيبة الدولة وتغيير واقع المديرية الأكثر تعقيداً بين كل مديريات العاصمة عدن.

إضافة إلى شرطة دار سعد يتواجد هناك لواء تشكل بشكل تدريجي بعد تحرير عدن، ويعرف اليوم بالواء النقل، ويقوده العميد أمجد خالد ومعه محمد البوكري، وهم من قيادات المقاومة الذين ذاع صيتهم خلال الحرب الأخيرة، غير أن هذا اللواء وبحسب مصادر مؤكدة يخضع لسيطرة نائب رئيس الجمهورية علي محسن الأحمر، إلى جانب لواء مهران القريب من لواء النقل، وخلال احداث العشرين من يناير تمكنت قوات موالية للمجلس الانتقالي من السيطرة على لواء مهران، فيما فضلت قيادة لواء النقل النأي بنفسها عن هذا الصراع.

قوة عسكرية ضخمة تتمركز في دار سعد، غير أن هذه القوة وحتى اليوم لم تقدم على أي خطوات أمنية في سبيل بسط نفوذ الدولة وفرض هيبة الدولة ، ويقول مراقبون أن قادة عسكرين موالين للشرعية ولنائب الرئيس علي محسن على وجه التحديد، نسجو علاقات وطيدة مع أكثر الجماعات الخارجة عن النظام والقانون، مقابل  أن يلتزم كل طرف بعدم مواجهة الأخر ، رواية أخرى تقول أن هذه الجماعات الخارجة عن القانون والتي تقوض جهود الأمن في عدن تتلقى الدعم بشكل مباشر من هذه الجهات المحسوبة على الشرعية، بهدف افشال مساعي الأمن في بسط نفوذة والهدف الأسمى هي محاربة جهود الأمارات الداعم الرئيسي لإدارة الأمن في عدن .

من جديد وما بعد يوم الأربعاء تدخل مديرية الشيخ عثمان مرحلة جديدة ، ومن المتوقع أن تكثف  إدارة الأمن من نشاطها الأمني وحملاتها المتواصلة خلال الفترات القادمة، بغية انهاء الفوضى الأمنية ، ومن  الشيخ عثمان ستنطلق الأجهزة الأمنية صوب دار سعد التي تقف عائق اخر أمام جهودها المتواصلة في طريق فرض هيبة الدولة وتطبيق سلطة القانون ، ما يعني أن جولة أمنية أخرى ستشهدها هذه المديريات ، حتى تحقيق أهدافها المرجوة ، أهمها على الأطلاق تجفيف منابع الإرهاب والحد من ظاهرة البسط والنهب العشوائي.