جولة في تصريحات إعلاميي عبدالملك.. الحوثيون كمبتدئين في مدرسة الإصلاح الإعلامية

السياسية - Monday 07 May 2018 الساعة 05:53 pm
فارس جميل، نيوزيمن، خاص:

يحاول الحوثيون منافسة الإصلاحيين والتعلم منهم في تنفيذ الأجندة الإعلامية لقطر في اليمن، فيبدون مبتدئين وعشوائيين كما لو أن محمد الأضرعي يؤدي مسرحية لعادل إمام، أو كعبدالله بلخير وهو يغني لوديع الصافي، ورغم مساعيهم لاستغلال المستجدات التي وضعتها آلة إعلام الإصلاح رأس القائمة، مؤخراً، للتغطية تحديدًا على تطورات جبهات القتال في الساحل الغربي، إلا أنهم مرتبكون بشدة، وفشلوا في إحداث أي أثر فارق في المشهد الإعلامي خلال الأيام الأخيرة.

ورغم التطورات والجدل الدائر حول جزيرة سقطرى التي أصبحت موضوع الساعة، فإن الناطقين الحوثيين صامتان أمامها، فالناطق باسم الحوثيين محمد عبدالسلام لم ينشر أية تغريدة في صفحته على تويتر بشأنها، والناطق باسم الجيش واللجان الشعبية التابعة للحوثيين شرف لقمان لم ينشر أية تغريدة كذلك، ذلك أن تطورات سقطرى في جوانب كثيرة منها مختلقة وغير دقيقة، فترك الأمر للمشاركة في استغلال المشهد وليس في توضيحه بأي حال، وهناك كثيرون منهم يغردون باستمرار، ولكن خارج السرب.

محمد علي الحوثي بدا كجيمس بوند وهو يتحدث عن رسائل مخابراتية لأمريكا وبن سلمان لم يفهم أحد محتواها، رغم أنه لا يشغل أي منصب رسمي في سلطة الأمر الواقع التي استولت عليها جماعته، إلا أنه يحاول جاهدا الظهور بكثافة منذ مقتل الصماد، ربما لسحب الأضواء من مهدي المشاط، الوجه السياسي المستجد لعبدالملك الحوثي بصنعاء، قبل أن يشتد عوده إعلاميا.

أما أحمد الحبيشي، فقد ظهر في آخر نسخة منه منشغلا بمهاجمة (الديسمبريين المتلونين) كما يصف رفاقه السابقين من أعضاء المؤتمر بعد أن تمت إزاحته من منصب مدير المركز الإعلامي للحزب، وارتمائه في أحضان الكهف بطريقة معروفة عنه، ولكنه هذه المرة ظهر بتمثيل رديئ للغاية لا يعكس مهارته في ارتداء ثياب المضيف، لمحاذير تعود لطبيعة الجماعة الحوثية التي لا تحب الأذكياء ولا الحداثيين، وهو يتقمص دور الحداثي الذكي باستمرار، لكنه فضل أخيرا اللعب بطريقة غبية تتوافق مع حاضنته (الثورية) وعبدالملك جيفارا، الذي كتب سلسلة مقالات مطولة للربط بينه وبين تشي جيفارا.

ليس لأسامة ساري الذي أصبح صحفيا بقدرة قادر نموذج سابق للتشبيه، وهو حاليا يبحث عن مبدعين في إعداد الرسوم المتحركة للتوظيف والتدريب، إذ يبدو أن الجماعة بصدد إنتاج رسوم كرتونية على غرار مجلة المجاهد للأطفال، وبطريقته الساروية الخطيرة تحدث عن إرسال السعودية لمجندين من الإصلاح إلى سقطرى، وساري هذا صمت عن تطورات الجبهة الغربية بعد أن كان أكثر أدوات الحوثي اجتهادا في مهاجمة طارق صالح منذ منتصف 2017، والرسوم الكرتونية أفضل بكثير من التبشير بمعجزاته التي لم تظهر ملامحها حتى الآن.

عضو اللجنة الثورية العليا محمد المقالح ينتقد جماعته ثم يراضيها بتغريدة، ويدعو للرد على مقتل الصماد، وقصف معسكرات الإمارات في لحج وعدن وباب المندب، لأن عدم قصفها "يثير ألف سؤال وسؤال" كما قال، إلا أن الأهم من ذلك خيبة أمله الكبيرة من عدم الرد على مقتل الصماد جاءت مقارنة بما توقع أن تحدثه في هذا العالم:
"كان يفترض أن يشعل اغتيال الصماد حربا عالمية ثالثة كما حدث في الحرب العالمية الأولى" حسب تغريدة (ود القاضي) كما يدلع نفسه حين يشعر بالخجل من سلوكيات وخطاب الجماعة التي ينتمي إليها، لكنه يكفر عن انتقاداته لجماعته بمهاجمة خصومها بشراسة بعد كل انتقاد لفسادها وغبائها.

وجه قناة المسيرة المجتهد حميد رزق، يعيد تغريدات توكل كرمان، وهو تصرف غريب حقيقة، ربما لأنها وكيل الدوحة الأعلى صوتا، والأكثر وضوحا في التعبير عن رغباتها، وبالتالي الأقدر على توجيه رضا تميم نحو من أبدى حسن التعلم من مدرسة توكل وإصلاح القرضاوي.

وزير إعلام حكومة الحوثيين عبدالسلام جابر، بدا متفرغا لتمجيد الصماد والمشاط، وهذا الأخير صديق جابر (المجاهد) الذي تنبأ له بمستقبل ودور كبيرين في منشور له مع صورة جمعتهما في مسقط قبل أكثر من عام، خاصة وهو بحاجة ماسة لظهر يحميه من حماقات صغار الجماعة الذين لا قدرة له على إرضائهم ولا مواجهتهم، لولا ضغوطات حزب الله لإبقائه بعد مضايقات كثيرة منهم.

أحيانا يضطر عبدالله سلام الحكيمي من مقره بلندن للتدخل بنشر تغريدات ترسم خطابا مواكبا للجماعة، بعد أن سجله أحد مرجعيات حزب الله كبراءة اختراع، وقال إنه كان أفضل من المشاط لرئاسة المجلس السياسي للجماعة حتى لا تنغلق على نفسها مناطقيا وليس لأنه الأجدر بالطبع، ومؤخرا غرد الحكيمي معرضا بتاريخ الإمارات كدولة حديثة النشأة، كما لو أن قطر قد ابتكرت الهيروغليفية أو بنت الأهرامات.

ضيف الله الشامي، عضو المكتب السياسي للحوثيين، يعمل كمفكر متفرغ للتنظير عن العلاقة بين إمكانية انسحاب القوات السودانية من التحالف العربي، وبين الإعلان عن وجود عناصر من الجيش الأمريكي في السعودية، وقد كتب بجدية كبيرة على كل حال إلا أن الموضوع كان معقدا للغاية ولم يستطع التعبير عما يريد الوصول إليه بشكل واضح.

أما حسين العزي فيتحدث كنائب لوزير خارجية سلطة الجماعة، وإن لم يعترف بها أحد في أي مفاوضات، حيث يؤكد بُعد نظرة الحوثيين بتعاملهم مع التحالف كاحتلال، وهو خطاب منسوخ عن خالد الآنسي، وتوكل كرمان، لم يختلف فيه إلا أنه مذيل باسم حسين العزي.

بينما وسائل الإعلام الدولية تتحدث عن تقدم المقاومة الوطنية إلى مفرق البرح، وإلحاق هزائم متوالية بالحوثيين هناك، بشكل يجعل الطريق إلى تعز أو الحديدة مسألة اختيار بين بدائل، وتحديد اللحظة المناسبة، ظهرت حاجة الحوثيين للهروب من الحقائق والتغطية عليها، واختلاق ما يسد فراغها في الخطاب الإعلامي لهم، لكن المهمة تؤدى بشكل مرتبك وهش وغير منسق، وباجتهادات فردية أيضاً، لأنه ببساطة ليس هناك على الأرض ما يمكن الاستناد عليه والحديث عنه بشكل يحافظ على معنويات الجماعة، ويثبت وعود النصر الإلهي التي يتحدثون عنها بعد كل هزيمة، فحتى قناة المسيرة بدورها بدت منشغلة بالدفاع عن البرنامج النووي الإيراني وتهديدات ترامب حوله، وتغطية انتخابات حزب الله في لبنان.

إنها باختصار حالة ارتباك وهزة عميقة منذ مقتل الصماد وانطلاق جبهة الساحل الغربي لالتهام مناطق نفوذ الحوثيين، إلى جانب انقطاع الاتصال والتنسيق بين قيادات الحوثيين وجمهورها، فلكل منهم اهتمامه وأولوياته، وأولويات الجمهور مؤخراً تركزت على تأمين متطلبات المعيشة قبل رمضان، بينما أولويات القيادات تعبر عنها ممارساتهم وليست أقوالهم كالعادة، وممارسات قيادات الجماعة لم تخرج من دائرة المصالح الشخصية وتنمية الموارد الذاتية وابتكار طرق نهب المال العام، وتبرير الفساد والهزائم لمن لم يزل قادرا على تصديق ما يقولون.

ولتلافي هذا الاختلال الكبير حاول الحوثيون التعلم من مدرسة الإصلاح لتوجيه الرأي العام وشغله بأمور جانبية، خاصة وقد التقت أهداف وأجندات الطرفين، مؤخراً، بتنسيق قطري، لكن الحوثيين أظهروا فشلا كبيرا أمام مهارات الإصلاحيين واحترافهم في هذا المجال، ومجرد إعادة تغريدات كرمان من قبل قيادات إعلامية حوثية تؤكد أن الإصلاح موجه وصانع للخطاب الإعلامي ضد التحالف، والحوثي تابع لهذا الخطاب سواء لالتقاء المصالح أو لرغبة حلقة الربط القطرية بين الطرفين.