الرحبي: أزمة اليمن نتيجة تراكمات تاريخية والقرار اليمني أصبح رهناً لقوى خارجية تعيق الحل

المخا تهامة - Wednesday 09 May 2018 الساعة 07:18 pm
صنعاء - نيوزيمن:

قال الباحث والمحلل السياسي الدكتور عبد الله الرحبي، إن الأزمة اليمنية ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكمات تاريخية واحتقانات اجتماعية شابتها تعقيدات كبيرة انفجرت في نهاية المطاف بحرب شاملة خارجية وداخلية.

جاء ذلك في ورقة عمل قدمها في الحلقة الأولى من ندوات (الأزمة اليمنية.. القوى الفاعلة والسيناريوهات المحتملة) التي ينظمها في صنعاء المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل (منارات).

وأوضح الدكتور الرحبي، في ورقته، أن عدم الرضا من قبل العامة والقوى السياسية الأخرى عن أداء الأنظمة المتلاحقة جنوباً وشمالاً قبل وبعد الوحدة المباركة نتيجة لتدني الأوضاع الاقتصادية وتوقف التنمية وعجز النظام بشقيه، سلطة ومعارضة، عن تقديم نموذج مؤسسي حقيقي وإصابة الفعل السياسي بالجمود إضافة إلى التجاذبات الخارجية كلها أسباب مجتمعة لوصول الجميع إلى نقطة اللا عودة في كثير من الأمور.

وقال "وتتابعت الأحداث بتسارع مخيف على شكل صراعات متقطعة في العديد من المحافظات اليمنية وخاصة صعدة ثم عمران حتى العاصمة صنعاء وحتی وان اتخذت الطابع (الثوري) إلا أن هناك الكثير ممن صنفه أنه صراع مذهبي على حد قناعات كثيرة من المراقبين السياسيين الحزبيين والمستقلين، ولكن في المقابل هناك من يراه صراعاً سياسياً خالصاً حول السلطة والثروة".

وحذر الدكتور عبدالله الرحبي من أن الضخ الإعلامي المركّز في اتجاه (مذهبة) الصراع ونزع الصبغة السياسية عنه هو الخطر الذي قد يطيل من أمد الصراع ويحول مساره باتجاه تفتيت النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية، مضيفاً بإحياء النزاع عبر إحياء نزاعات أثنية وعرقية وقبلية خاصة أن هناك جماعات لديها تاريخ ضئيل من التوتر الطائفي السني الشيعي، قد بدأت بصبغ معاركها بلغة طائفية لاذعة لا يحتملها الواقع السياسي الهش حالياً.

وتابع قائلًا: "إن وقوع اليمن بين قوتين ذاتي تأثير ونفوذ ممتد ومصالح متقاطعة بين إيران (الشيعية) والسعودية (السنية) أدت بالضرورة إلى (طأفنة) الصراع ومحاولة اجتذاب كل قوة خارجية لمن يقابلها (مذهبياً) من القوى الداخلية ساهم في ترسيخ تلك القناعة وبدأ التحشيد والتعبئة على هذا الأساس".

وأكد أن القرا ر اليمني أصبح في معظمه رهناً لقوى خارجية، موضحا في هذا الجانب تصبّغ الأزمة اليمنية بالحضور الكثيف للقوى الخارجية إقليمياً ودولياً واكتسابه الصبغة (القانونية) عبر القرارات المتتابعة لمجلس الأمن والمبعوث الدولي للأمم المتحدة ناهيك عن الإشراف المباشر على خطوات الانتقال السياسي (قبل الحرب الجارية) في اليمن عبر دول سفراء الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن ودول مجلس التعاون الخليجي وهي قوى بطبيعة الحال تمتلك من وسائل التأثير الكثير يقابلها استعداد من القوى الداخلية رجحت مساراً من المسارات المتاحة وقتها.

وقال "إن تلك القوی رسخت الانقسام وأججت الصراع بين القوى الداخلية مسنودة بقناعات طائفية عن الآخر المحلي فأعاقت أي تسوية سياسية محتملة عبر دعم نظام سياسي يدار من قوى متعددة يتصدر قيادتها قوى حليفة لها مشابهة للنظام السابق على الرغم من خصوصية وتعقيدات الواقع اليمني".

وفي الندوة التي حضرها عدد من الأكاديميين والمهتمين استعرض الدكتور الرحبي، فرص القوى الداخلية في استعادة زمام المبادرة وعودة القرار اليمني إلى الرحاب الوطنية عبر خطوات جريئة باتجاه مصالحة وطنية حقيقية قائمة على المشترك الوطني بين القوى الفاعلة محلياً وسحب البساط والذرائع من المتربص الخارجي وإدانة تدخله عبر تجيير القوى المحلية (المستفيدة) من التدخل الخارجي والعمل على مشاركتها الفعلية في العمل السياسي عبر أداة الديمقراطية البرامجية.

وفي تعقيبه على الورقة أكد الدكتور محمد ناصر حُميد أن ما طرحه الباحث الرحبي يتطابق إلى حد كبير مع إرهاصات الأزمة اليمنية وإفرازاتها وخاصة حين جعلت من نفسها "أداة" للحرب بالوكالة على الأرض اليمنية وبدماء يمنية ضداً على مصلحة الوطن والشعب.

وقال "لقد توزعت الأطراف الإقليمية القرار اليمني وساهمت في تجذير الصراع عبر تغذية أطرافه؛ ومنع تلك الأطراف من الالتقاء على المشترك الوطني الواسع بينهم بل ترسيخ الانقسام والتباين في وجهات النظر والمواقف وترسيخ هوة التقاطع بينهم حد القطيعة والاحتراب".

ووفقاً للبرنامج الفكري لمركز منارات سوف تستكمل المناقشات وتقديم التعقيبات والمداخلات على محور السيناريوهات المحتملة للأزمة الثلاثاء المقبل بغية الخروج برؤية وطنية للمساهمة في صناعة السلام في اليمن وكبح جماح الصراع والتدمير المستمر للمقدرات الوطنية العامة والخاصة.

وكان المهندس عبد الرحمن العلفي، المدير التنفيذي لمركز منارات، قدم عرضا ضافيا في مستهل الندوة لجهود التحالف المدني للسلم والمصالحة الوطنية في سبيل صناعة السلام وبناء الدولة المدنية الحديثة وتحقيق المصالحة الوطنية.