لماذا تمثل الحديدة فصلاً حاسماً في حرب اليمن؟

السياسية - Monday 21 May 2018 الساعة 11:41 pm
نيوزيمن، ترجمة خاصة

تفيد عدة تقارير أن الجيش اليمني المدعوم من قوات التحالف يستعد لشن هجوم حاسم لاستعادة الحديدة ومينائها الحيوي، التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي منذ عام 2015. ومن شأن معركة رابع أكبر مدينة في اليمن، وموطناً لأكبر ميناء في البلاد وذي موقع استراتيجي على البحر الأحمر، أن يكون له تداعيات هامة على مسار الصراع والجهود المبذولة للتخفيف من الأثر الإنساني المأساوي للحرب.

وكانت هناك تقارير عن هجوم وشيك من قبل التحالف الذي تقوده السعودية على المدينة والميناء الرئيسي خلال عام 2017، ولكن يبدو الآن أكثر احتمالا من أي وقت مضى. ويمثل استعادة عدد من المناطق على الساحل الغربي لليمن من السيطرة الحوثية، تقدما كبيرا.

ومنذ بداية العام، استعادت القوات الحكومية بلدتين في محافظة الحديدة، وخلال الأشهر القليلة الماضية، تم قطع خطوط إمداد الحوثيين من الشمال ورزحها تحت ضغوط شديدة. في وقت سابق من هذا الأسبوع، تم تحرير غرب تعز من الوجود الحوثي.

ومن العلامات الأخرى بأن الهجوم على الميناء والمدينة اصبح وشيكا، ما افادته تقارير مختلفة من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية حول نزوح عشرات الآلاف من المناطق الجنوبية من المحافظة الساحلية.

وحذرت الأمم المتحدة ومختلف المجموعات الإنسانية من العملية بسبب التكلفة الباهظة التي ستتحملها على الوضع المأساوي بالفعل لملايين المدنيين.

ويعد ميناء الحديدة، نقطة الدخول لحوالي ثلاثة أرباع الشحنات التجارية والمساعدات الإنسانية الى البلاد.

ومن الواضح أن مركز النزاع قد انتقل الآن إلى الحديدة. وفي الشهر الماضي، أدت غارة جوية للتحالف في المحافظة إلى مقتل صالح الصماد، رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى للحوثيين. وكان الصماد أكبر عضو قيادي قتل منذ بداية النزاع واحد ابرز المطلوبين في قائمة التحالف.

واعترافًا بهذه المخاوف، طرح التحالف الذي تقوده السعودية مقترحًا طموحًا وتفصيليًا لتتولى الأمم المتحدة إدارة الميناء وتحويل المحافظة إلى "منطقة آمنة خالية من النزاعات المسلحة". وعلى الرغم من الدعم الدولي المتزايد للفكرة، بيد ان الجهود الدبلوماسية لإقناع قيادة الحوثيين المتطرفة بمزايا الخطة غير ناجحة.

ومنذ بداية النزاع، كان الحوثيون يتطلعون إلى توسيع نطاقهم الجغرافي معتبرين ان الحديدة كجائزة مطمئنة، وسلطوا الضوء على الوصول إلى البحر والتحكم بتوزيع الموارد الطبيعية باعتبارها قضايا رئيسية. وقد استولت الميليشيات على العديد من المحافظات التي تقع بجوار صعدة، معقل الحوثيين، وغزت الحديدة بعد بضعة أسابيع من سيطرتها على العاصمة صنعاء.

هناك تداعيات ذات صلة، سياسية وإنسانية على حد سواء، للهجوم لاستعادة الحديدة من الحوثيين. سياسياً، قد يؤدي انتزاع الحديدة إلى إجبار الحوثيين على إدراك أنهم لن يتمكنوا من التحكم بالمدى الحالي إلى أجل غير مسمى، واجبارهم الدخول في مفاوضات سلام جادة.

على الصعيد الإنساني، يتمثل الهدف الرئيسي للعملية في إزالة السيطرة الحوثية من المدخل الرئيس للواردات الى اليمن والإيرادات المقابلة. وقد تباطأ الحصار البحري والجوي الذي فرضه التحالف إلى حد ما، وفي يناير، تمكن برنامج الأغذية العالمي من نشر أربع رافعات في الميناء، والتي دمرت جزئياً بسبب الغارات الجوية لقوات التحالف.

لكن عمليات النهب وسوء الإدارة من جانب الحوثيين وعدم قدرتهم على توفير الخدمات الأساسية ساهمت في تدهور الأوضاع الإنسانية. وبسبب نقص الموارد، منعت المليشيات باستمرار وصول المساعدات الغذائية والطبية إلى المناطق المتنازع عليها وفرضت الضرائب والجمارك على السلع المستوردة، وهو مصدر رئيس لتمويل جماعتهم لمواصلة القتال.

ويشير الخبراء العسكريون إلى أن الميناء عرضة لعمليات برمائية وأن وجوده بعيدًا عن المناطق السكنية يساهم في هذه الاستراتيجية. ويتمثل القلق في أن القتال يمكن أن ينتقل من الميناء إلى المناطق المحيطة به، وبالتالي يكون له نفس الآثار السلبية على إيصال المعونات التي تهدف العملية إلى حلها.

بشكل عام، سيعني انتزاع على الحديدة، أن الحوثيين سيجدون أنفسهم معزولين من السواحل مرة أخرى. وفي حال لم يكن لهذا تأثير على مفاوضات السلام، فإن السيناريو المحتمل بالنظر إلى أن قيادة الحوثي يهيمن عليها المتشددون، ربما يعني أن الصراع سيتحول في نهاية المطاف نحو صنعاء.

الدكتور مانويل ألميدا، مستشار ومحلل سياسي بشؤون الشرق الأوسط

المصدر: موقع اراب نيوز