سمسرة التعليم العالي في عهد الحوثي

السياسية - Friday 22 June 2018 الساعة 09:19 pm
فارس جميل، نيوزيمن، خاص:

دون رجعة، كما يبدو، يمضي الحوثيون في طريق إقصاء كل قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام التي لا زالت تعمل في إطار "حكومة الإنقاذ" بصنعاء، وجعلها مجرد ديكور لشراكة غير موجودة على الأرض، لدرجة دفعت قيادات المؤتمر الواقعة تحت قبضة الحوثيين بصنعاء للتلويح بالانسحاب من الشراكة الحكومية المعطلة عمليا، وما جرى في وزارة التعليم العالي نموذج حي لهذه السياسة.

لم يستطع يحيى الهادي (وكيل الوزارة لقطاع الشؤون التعليمية) مقارعة وزيره حسين حازب بما يكفي، فقام الحوثيون بتعيين علي شرف الدين نائبا للوزير والتعامل معه باعتباره صاحب القرار الأول بالوزارة، دون أي اعتبار للوزير حسين حازب، ليقوم شرف الدين والهادي بتسيير سياسة الوزارة وإلغاء قرارات رئيس حكومة الإنقاذ ووزير التعليم العالي مستندين في ذلك على دعم أحمد حامد مدير مكتب رئاسة الجمهورية المعين من قبل الحوثيين.

كان إصدار مكتب رئاسة الجمهورية مذكرة استمارة صرف (نصف راتب شهر أغسطس 2017) لمدرسي وموظفي الجامعات الحكومية قبل أسابيع تحت مسمى "لجنة حصر ومعالجة الاختلالات بالجامعات الحكومية" التابعة له، مثيراً للدهشة، إذ أن المكتب لا علاقة له بالجامعات بأي شكل، لكن مديره يعتبر حاكما بأمره بحكم علاقته بزعيم جماعته عبدالملك الحوثي، ويصدر أوامره متجاوزا كل القيادات بمن فيها مهدي المشاط رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى، وليس فقط رئيس حكومة الإنقاذ الكسيحة برئاسة بن حبتور.

بعد ممارسات تتجاوز وصف الفساد إلى الإفساد قام بها رئيس جامعة صنعاء المعين من الحوثيين، من ضمنها نهب أموال التعليم الموازي، وإيقاف عشرات المدرسين بالجامعة عن العمل وفصل بعضهم نهائيا وتعيين بدلاء عنهم من أتباع الجماعة، أصدر الوزير حسين حازب القرار الوزاري رقم (35) بتاريخ 7 مايو 2018، الذي قضى بتوقيف أحمد محمد دغار عن العمل كرئيس لجامعة صنعاء، وتكليف إبراهيم المطاع للقيام بأعمال رئيس الجامعة، والأخير أيضا من أتباع الحوثيين، لكن دغار استطاع العودة إلى منصبه بعد أيام بقوة أكبر من السابق، ربما دعما من أحمد حامد والمشاط له كشخص مرضي عنه، وربما لكسر شوكة حازب وإشعاره بأن قراراته لا قيمة لها، ومن المعلوم أن شكوكاً كبيرة تحيط بالشهادة التي منح بموجبها درجة الدكتوراه من جامعة أمريكية قبل فترة قصيرة لا تسمح حتى بتعيينه مدرساً مساعداً بالجامعة إن حصل عليها فعلاً.

بعد 5 أيام على قرار حازب تلقى مذكرة من أحمد حامد مدير مكتب رئاسة الجمهورية بتاريخ 12مايو 2018 لإحاطته بتوجيهات صادرة عن رئيس "المجلس السياسي الأعلى" مهدي المشاط قضت بإلغاء قرار الوزير بتوقيف رئيس جامعة صنعاء أحمد دغار، وإلغاء سياسة القبول الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (35) لسنة 2018.

بينما استسلم لإعادة دغار إلى رئاسة أكبر جامعة يمنية رغماً عنه، لم ينفذ حازب توجيهات المشاط وحامد بشأن إلغاء سياسة التنسيق والقبول في الجامعات الحكومية، واتباع السياسات السابقة، بحكم أن سياسة القبول قد تم إقرارها من قبل رئيس مجلس الوزراء عبدالعزيز بن حبتور، وربما يكون تجاوز قراره محرجاً للحوثيين أكثر من تجاوز قرارات الوزير الشيخ حسين حازب، فقام نائبه علي شرف الدين المعين من قبل الحوثيين مؤخراً بعد أن شغل منصب مدير ثانوية جمال عبدالناصر للمتفوقين حتى نهاية العام الدراسي، بتوجيه مذكرة إلى وكيل قطاع الشؤون التعليمية يحيى الهادي بتاريخ 5 يونيو 2018، للعمل بموجب سياسة التسجيل والقبول للعام 2017/2018 والتعديلات المقرة من اللجنة العليا للتنسيق والقبول في محضرها رقم (1) وتاريخ 20/5/2018، وإبلاغ الجامعات الحكومية بتلك التوجيهات.

يوم السادس من يونيو الجاري كان رؤساء الجامعات الحكومية أمام توجيهات متناقضة من وزارة التعليم العالي، مذكرتان من الوزير حازب وثالثة من وكيل الوزارة يحيى الهادي، تضمنت مذكرة الوكيل الهادي إلى رؤساء الجامعات الحكومية تستند إلى توجيهات نائب الوزير بتاريخ 5/6/2018 المستندة بدورها إلى توجيهات رئاسة الجمهورية بإلغاء سياسة القبول والتسجيل الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (35) لسنة 2018 والعمل بموجب سياسة التسجيل والقبول للعام 2017/2018 والتعديلات المقرة من اللجنة العليا للتنسيق والقبول في محضرها رقم (1) و(2)، مع تحديد تاريخ فتح التنسيق الإلكتروني وتقويم العام الجامعي.

أما المذكرة الأولى لحسين حازب بنفس التاريخ (6/6/2018) إلى رؤساء الجامعات الحكومية، فتضمنت فتح باب التسجيل والقبول وفقا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (35) لسنة 2018 الذي ألغته توجيهات أحمد حامد نقلا عن المشاط، ونقلها للجامعات يحيى الهادي نقلا عن علي شرف الدين، وبالتالي كانت الجامعات في موقف صعب، وإن عملت أخيراً بتوجيهات وكيل الوزارة وتجاهلت توجيهات الوزير، بحكم أن الأول في مركز القوة، والوزير في موقف فاقد أي قوة لتنفيذ توجيهاته، أو معاقبة من يرفضها.

لقد غضب حسين حازب
من تجاوزه بتلك الطريقة الفجّة، وكان لابد من الحفاض على ماء وجهه أمام رؤساء الجامعات، فقد تمت إعادة دغار رغماً عنه إلى رئاسة جامعة صنعاء، وكانت هذه الضربة هي الثانية، ومن الصعب تجاهلها دون تسجيل موقف، وكانت مذكرته الثانية التي يجب أن تصل على رؤساء الجامعات لأخذها في الاعتبار، فقد كانت قراراً وزارياً برقم (49) ونفس تاريخ توجيهه عديم الجدوى (6 يونيو 2018) قضى بإيقاف وكيل الوزارة لقطاع الشؤون التعليمية بتاريخ يحيى الهادي، ولكن من ينفذ قرارات حازب، ومن يحافظ على ماء وجهه أمام كل تلك الإهانات والتجاوزات، ومن يقنع حازب بأنه لم يعد وزيراً للتعليم العالي، بل من يقنع الرجل أن الجرائم التي تتعرض لها الأجيال في الجامعات الحكومية من قبل الميليشيات وتحت مظلة وزارته تستحق الغضب والاستقالة أكثر من إهانته وتجاوز صلاحياته ألف مرة، ومن يقنعه أخيراً أنه يعمل تحت سلطة انقلابية لا تحترم أحداً غير سيدها؟!!

لا يتوفر نص بديل تلقائي.

لا يتوفر نص بديل تلقائي.

لا يتوفر نص بديل تلقائي.

لا يتوفر نص بديل تلقائي.