نازحو ولاجئو اليمن.. من جحيم حرب المليشيات إلى آلام التشرد والجوع والمرض (2-2)

المخا تهامة - Thursday 05 July 2018 الساعة 06:57 pm
عبدالله أنعم، نيوزيمن، تقرير خاص:

نازحون منسيون..ومعاناة مستمرة..

"نحن منسيون ولم نتلقَ أي مساعدات، ويقتلنا الجوع والمرض ونحن ننتظر من يغيثنا".. هكذا يقول حسين الصعدي في حديث لـ"نيوزيمن" الذي اضطر للنزوح من دياره في محافظة صعدة شمالي البلاد والانتقال للعيش مع أفراد عائلته المكونة من 14 فرداً في مسكن شعبي صغير بالإيجار في صنعاء.

آمال مفقودة في ظل حرب مستمرة..

مع استمرار الانقلاب الحوثي وتعنته في القبول بحلول سياسية، يفقد النازحون اليمنيون الأمل في عودتهم إلى مساكنهم الأصلية وعودة الأوضاع إلى طبيعتها، وتتضاءل يوماً بعد يوم الآمال لمئات الآلاف من اليمنيين المشردين في الداخل اليمني ودول الجوار في الاستقرار وعودتهم إلى ديارهم التي شردتهم منها المليشيات للعام الرابع من الانقلاب والحرب التي تسببت بها.

مريم صالح، نازحة من مدينة تعز إلى صنعاء، في حديث ل"نيوز يمن" تقول: "لم أكن أتوقع أن تستمر فترة نزوحي كثيراً وأعيش حياة قاسية مع عائلتي طوال هذه المدة".

وتتابع، "أصبحنا لا نمتلك شيئاً.. أنفقنا كل ما كنا ندخره، ونعيش حالياً على الإعانات والمساعدات من الأهل والأقارب المتواجدين في صنعاء، لم نحصل على أي مساعدة أو إغاثة من منظمة محلية أو دولية".

لا تتوقف معاناة النازحين الفارين من جحيم المليشيات والحرب عند حياة النزوح والبحث عن مساكن آمنة فقط، بل إن هؤلاء يعانون، أيضاً، من النقص الشديد في الغذاء والدواء وعدم القدرة على تلبية أبسط الاحتياجات خصوصاً في ظل ضعف الرعاية والمساعدات المحدودة التي تقدمها منظمات دولية للمتضررين من الحرب، وهو ما دفع بالكثير من النازحين إلى ممارسة التسول أو العمل في مهن هامشية كتنظيف السيارات وبيع المياه على الشوارع العامة لتلبية أبسط احتياجاتهم الأساسية.

مساعدات النازحين تذهب لنافذي الحوثيين

ويتهم ناشطون وحقوقيون نافذين من مشرفي المليشيات الحوثية في صنعاء ومدن أخرى خاضعة لسيطرتهم معنيين بتوزيع المساعدات باستغلال مناصبهم وبيع مواد الإغاثة الدولية لتجار السوق السوداء.

ويتحدث ناشطون عن امتلاء الأسواق بمواد غذائية (بالجملة والتجزئة) تباع في بقالات وسط صنعاء على الرغم من أنها تحمل شعار الأمم المتحدة.

يقول مالك إحدى البقالات بصنعاء، فضل عدم الإفصاح عن اسمه: "نحن نشتريها من تجار الجملة ونبيعها للمواطنين سعرها منخفض".

لاجئون يمنيون في صحراء جيبوتي

على أطراف مدينة أوبوك الجيبوتية الواقعة على أطراف الصحراء ومباشرة على زاوية القرن الإفريقي استقر حوالى ألفي لاجئ يمني في مخيم "مركزي" أطفال صغار شيب وشباب نساء ورجال يمنيون دفعوا المال على قلّته وركبوا البحر رغم خطورته وعبروا مضيق باب المندب ليسكنوا مخيم "مركزي" مقاومين بصعوبة كبيرة إغراء العودة إلى بلادهم، فلا أفق أمامهم نتيجة الحرب الدائرة بين الحكومة الشرعية المسنودة بالتحالف العربي، والانقلابيين الحوثيين المدعومين من إيران.. وقد أنشئ المخيم أواخر مارس 2015 بعد تسارع وتيرة الحرب في اليمن إثر التدخل العسكري للتحالف العربي لمواجهة المتمردين الحوثيين.

معاناة اللاجئين اليمنيين يرويها مخيم مركزي في جيبوتي..

خيام مهترئة يسكنها يمنيون من مختلف أنحاء اليمن ومن كل مشارب ودروب الحياة من صيادي السمك الأغنياء إلى المهنيين الأثرياء والبسطاء الفقراء، لا تقيهم حر شمس جيبوتي الحارقة، ولا تمنع عنهم رياح الصيف الحارة والمتربة التي تعرف محلياً باسم الخماسين حيث ترتفع درجات الحرارة خلال النهار لتصل إلى 50 درجة مئوية والكثير من اللاجئين يشكون من الحر غير المحتمل.

واحتضن المخيم حوالي 20 ألف لاجئ من الأفارقة واليمنيين في أكثر أيامه اكتظاظاً، أما اليوم فلا يقيم فيه إلا ما يقارب ال 1500 لاجئ يمني بعد أن كانت اليمن تستضيف نازحي القرن الأفريقي كعابرين باتّجاه السعودية أو كلاجئين في مخيمات اللجوء.

وتعتبر جيبوتي واحدة من الدول القليلة التي وافقت على استقبال اللاجئين من اليمن رغم كونها من أكثر الدول فقراً في العالم.

ووفقاً للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أجبرت المعارك منذ انطلاقتها 255 ألف شخص على مغادرة اليمن (معظمهم صوماليون).

ووفقاً لإحصائيات للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فإن عدد اللاجئين المسجلين في جيبوتي تجاوز 18 ألف لاجئ منهم أكثر من ألفي يمني، والباقون من جنسيات مختلفة منها من الصومال وإثيوبيا وإريتريا.

وحسب شهادات للاحئين هناك، فإن مخيم "مركزي" يفتقر لأبسط مقومات العيش، فضلاً عن انتشار الثعابين السامة والزواحف الخطيرة، وهو ما يجعل حياة ساكنيه عرضة للموت، إضافة إلى ذلك فاللاجئون يشكون من نقص المواد الغذائية والمياه والصرف الصحي والغطاء، حتى إنّ بعضهم يفترش العراء تحت شمس حارقة وهم يعانون التشرد والجوع والعطش إلى جانب معاناتهم من انتشار الكثير من الأمراض داخله حسب شهادات ومناشدات للاجئين في مخيم مركزي بجيبوتي.

المليشيات تخلف أسوأ أزمة إنسانية في العالم

قد تبدو قصص النزوح وأخبار التشرد اعتيادية في بلد غادرته الطمأنينة منذ اجتاحت المليشيات البلاد وعصفت به وحولت اليمنيين إلى أكثر شعوب العالم بؤساً وفقراً.

وتسبب الانقلاب الحوثي وأعمال القتال بين الحكومة الشرعية والمليشيات الحوثية الانقلابية إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم، حيث وصل عدد الأشخاص الذين هم بحاجة للمساعدة الإنسانية إلى أكثر من 22 مليون شخص، أي حوالي ثلاثة أرباع إجمالي عدد السكان.

من جحيم حرب المليشيات إلى آلام التشرد والجوع والمرض (1 - 2)