الرمال المتحركة تحوّل طريق عدن حضرموت من شريان حياة إلى طريق نحو الموت

متفرقات - Wednesday 11 July 2018 الساعة 06:47 pm
عبدالله البحري، نيوزيمن، تقرير:

تزايدت الحوادث المرورية بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة علی الطريق الدولي، عدن – أبين – حضرموت – سلطنة عمان؛ جراء زحف الرمال المتحركة على طول وعرض الخط الدولي العام، ما جعلها تشكل خطراً على حياة مئات المسافرين، وكذا المركبات والشاحنات التي تمر عبره على مدار الساعة.

وتشكل الكثبان الرملية الزاحفة على جانبي هذا الطريق الذي يعد من أهم طرق ربط اليمن بدول الجوار، خطراً يهدد سلامة سالكيه، خاصة أثناء المساء، حيث أدى تراكم الكثبان الرملية إلى تضييق الخط في أماكن وإغلاقه في أماكن أخرى خصوصاً في أجزاء الخط الرابطة بين عدن وحضرموت.

إهمال الجهات الحكومية المعنية، سيما مؤسسة الطرق والجسور، وعدم قيامها بعملها بشكل مستمر ودوري في رفع الرمال من الخط، ساهم في تراكم كومات الرمال بشكل كبير ما أدی إلى تضاعف الحوادث المرورية بشكل يومي تتمثل في انقلاب عدد من السيارات والمركبات والشاحنات الكبيرة العابرة، فضلاً عن غرق عدد من المركبات وسط الكومات الكبيرة للرمال المتحركة والزاحفة التي باتت تغطي أجزاء واسعة من الطريق.

وفي هذا الصدد قال محمد منصور، سائق باص أجرة ورئيس اللجنة النقابية السابقة لسائقي المركبات الأجرة العاملة علی خط أبين عدن، في تصريح لـ (نيوز يمن)، "هذا الطريق يعاني من إهمال وتقاعس الجهات المختصة في أبين لعدم قيامها بعملها، على الرغم من مرورها المستمر عبر الخط فأغلب مسؤولي السلطة المحلية في أبين ساكنون في عدن ويستخدمون الطريق يوميا ذهابا وإيابا ويشاهدون بأم عينهم مدی الخطورة التي أصبحت تشكلها الحفريات والرمال المتحركة علی حياة سائقي المركبات".

وتابع قائلاً، "ولكن، للأسف، وكأن الأمر لا يعنيهم، ولانهمهم حياة المارين وأرواحهم التي تزهق يومياً جراء الحوادث بسبب هذه الرمال التي غطت الخط".

وطالب منصور، السلطة المحلية في أبين، بسرعة التحرك وعمل حل جذري لهذه الرمال التي تزحف بشكل متواصل وتغطي الخط.

وأفاد أنه حتی في الأعوام السابقة التي كانت تجری فيها عمليات صيانة للطريق، كانت الصيانة تقتصر علی إزاحة الرمال من الخط العام أبين عدن بشكل سطحي من على الخط الإسفلتي فقط، بينما الرمال التي على جانبيه تبقى في مكانها مما يعجل بعودتها لسد الطريق بعد فترة وجيزة من إزاحتها مما كبد السلطة المحلية في أبين مبالغ كبيرة..

وأوضح في هذا الصدد، أن المبالغ التي صرفت خلال الفترة من سبتمبر 2015 ، أي بعد تحرير أبين وإلى نهاية العام 2016، لإزاحة الرمال، قرابة مائتي مليون ريال يمني، بالإضافة لمائتي ألف ريال سعودي قدمها الهلال الأحمر الإماراتي.. إلا أن الرمال عادت من جديد هذا العام وأغلقت الخط الآخر الخاص بالعودة من عدن إلى أبين بشكل كامل مما أدى إلى استخدام خط واحد للذهاب والإياب، فيما بقي الخط الثاني مغطى بالرمال لقربه من الساحل مما ضاعف من خطورة السير للمارين بخط أبين عدن الذي يشهد حوادث مرورية مستمرة.

وفي الإطار ذاته انتقد عدد من سائقي المركبات المستخدمة للطريق، في أحاديث مع مراسل (نيوز يمن) بمحافظة أبين بمرارة، إهمال الجهات الحكومية المعنية في صيانة هذا الطريق ما جعله يهدد حياة مستخدميه، سواء من حيث انتشار الحفريات أو تكوم الرمال المتحركة بشكل معيق لحركة السيارات والمركبات.. لافتين إلى أن تدخل الجهات المختصة لا يأتي، عادة، إلا بعد تسجيل عدة حوادث، ويقتصر التدخل علی المنطقة التي تكثر فيها الحوادث فقط.

وأفادوا أن الطريق يتعرض للانقطاع وتتوقف حركة السير عليه في كثير من الأوقات ليس لتكوم الرمال بشكل كبير فحسب، بل ونتيجة للحوادث المتواصلة علی مدار الساعة جراء تلك الرمال، وفي مقدمة ذلك حوادث غرق أو انقلاب السيارات أو شاحنات النقل داخل كومات الرمال، مما يؤدي إلى توقف الحركة عليه والانتظار حتى يتم إحضار رافعة لسحبها.

بينما يقول سائقو شاحنات النقل "نحن من أكثر المارين في هذا الخط بحكم عملنا ونواجه الكثير من المخاطر نتيجة الرمال وتزداد الخطورة في المساء، حيث تتعرض الكثير من القواطر للغرق بين الرمال المتحركة، وحتى يتم سحبها من بين الرمال يطلبون منا أجرة السحب لإخراجها خمسين ألف ريال ونشعر بالعجز في توفير ذلك المبلغ الذي يفوق أجور نقل بعض الشاحنات، فضلا عن كون أي شاحنة عرضة للانقلاب أو الغرق أكثر من مرة في رحلتها من عدن باتجاه حضرموت أو العكس".

وناشد سائقو الشاحنات وزارة الأشغال والسلطات المحلية بمحافظات أبين وشبوة وحضرموت بسرعة تبني حملة صيانة شاملة للخط وازاحة الرمال المتحركة التي أصبحت تغطي معظم أجزاء الطريق.

وطالبوا شركات القطاع الخاص وخاصة مصنع الأسمنت في أبين الذي تستخدم شواحنة الطريق ليل نهار، بأن يبادروا بتوفير شيول ليقوم بداية بازاحة كومات الرمال الكبری من الخط بصورة عاجلة حتی تأتي الجهات الحكومية تقوم بصيانة كاملة للطريق.

وعبروا عن، الأسف، بكون هذا الطريق الدولي الذي كان يمثل شريان حياة لعدة محافظات، يتحول في ظل هذا الإهمال إلى طريق نحو الموت نظراً لما يهدد حياة المسافرين عبره من أخطار محدقة جراء زحف الرمال المتحركة على طول الطريق الساحلي بمحاذاة البحر العربي وحوادث مرورية متواصلة.. مذكرين بأن أي عربات تغوص في الرمال تترك ركابها نهبا لحرارة الشمس الحارقة في صحراء قاحلة لساعات طوال بينما يؤدي انقلاب الحافلات والشاحنات إلى حوادث مؤسفة تزهق فيها أرواح بريئة بلا ثمن.

وأجمع سائقو المركبات والشاحنات بأن هذا الطريق أصبح مرعبا للمسافرين وخاصة السفر ليلا، حيث إن زحف الرمال أغلق أحد الخطوط كاملا ويكاد أن يغلق الخط الآخر مما يعرض حياة المسافرين للخطر.

وقد حملنا شكاوى سائقي المركبات والشاحنات إلى المدير العام لفرع المؤسسة العامة للطرق والجسور في أبين المهندس أحمد الحماطي، الذي رد علی ذلك بقوله، "نوضح لكم بداية أن المؤسسة بذلت جهودا كبيرة خلال الفترة السابقة وبشكل ذاتي، إلا أن الالتزامات المالية كانت هي المشكلة والعائق".

وأوضح أن أبرز الصعوبات المعيقة لاستمرار صيانة الطريق تتمثل بتأخر صرف المخصصات المالية اللازمة لسببين: أولهما، نتيجة للأوضاع العامة التي تمر بها البلاد. وثانيهما، عدم تفعيل صندوق صيانة الطرق بالمحافظات الجنوبية وعدم توريد مخصصات الصندوق الذي مازال في صنعاء تحت سلطة ميليشيا الانقلاب الحوثية مما جعل الفروع في المحافظات الجنوبية دون موازنات تشغيلية.

وتابع المهندس الحماطي: "وهذا تسبب في عرقلة عملنا وأدی إلى عدم الاستمرار في إزاحة الرمال لعدم تخصيص مبالغ كنفقات تغطي أعمال الصيانة".. مبيناً أن المؤسسة طيلة السنوات الثلاث الماضية وخاصة من ٢٠١٦ إلى اليوم لم تستلم سوى ما يقارب ٣٠% من نفقات التشغيل لهذا العمل، وهذا ما جعل الرمال تتراكم بهذا الشكل الذي هي عليه اليوم.

وطرح المهندس الحماطي، في ختام حديثه، جملة من الحلول المقترحة لهذه المشكلة والمتمثلة بتفعيل صندوق صيانة الطرق في المحافظات الجنوبية، لأن موازنة الصيانة تصرف منه، وبهذا التفعيل سيتم صرف الموازنة التشغيلة الخاصة بالصيانة الروتينية للخط بشكل مستمر ودون توقف.. مشدداً علی أهمية عمل حلول جذرية دائمة تتمثل بزرع مصدات رياح علی جانبي الطريق وزرع الأشجار الخاصة التي توقف تحرك الرمال على طول الخط العام.