إيران تتباهی بوقف صادرات النفط عبر البحر الأحمر وتلمّح أن هجمات الحوثيين رسالة منها للسعودية وأمريكا

السياسية - Thursday 26 July 2018 الساعة 06:30 pm
طهران، نيوزيمن، تقرير خاص:

أطلقت إيران، اليوم، تصريحات للتباهي والتفاخر بأن البحر الأحمر أصبح غير آمنٍ للملاحة الدولية في أعقاب هجومين نفذتهما ميليشيا الانقلاب الحوثي ضد ناقلتي نفط سعوديتين، أمس، واضطرار السعودية لإيقاف تصدير شحنات النفط عبر مضيق باب المندب.

ونقلت وكالة "فارس" الإيرانية الرسمية، عن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني قوله، "إن البحر الأحمر لم يعد آمناً مع الوجود الأمريكى"، وهو ما يؤكد صلة إيران بالتخطيط والتنفيذ للهجمات البحرية ضد ناقلات النفط في جنوبي البحر الأحمر عبر ميليشيا الحوثي التابعة لإيران.

وأشاد سليماني في كلمة ألقاها، اليوم الخميس، خلال ملتقى أقيم في مدينة همدان (غرب إيران)، بمليشيا الانقلاب الحوثي في اليمن التي تعد أحد أدوات طهران في المنطقة وتتبع فيلق القدس في الحرس الإيراني الذي تتركز مهمته في تنفيذ العمليات العسكرية السرية خارج الحدود الإقليمية ويتولی تدريب الأحزاب والمليشيات الشيعية الموالية لإيران في المنطقة والعالم.

وقال، "لقد فشلت أميركا وتحالف "العدوان" السعودي من تحقيق أهدافهم في اليمن رغم إنفاقهم 2 تريليون دولار لغاية الآن".. مؤكداً "انتصار "حركة أنصار الله" أمام هذه الآلة الحربية المتطورة".. حسب زعمه.

وتابع القائد العسكري الإيراني مخاطباً تحالف دعم الشرعية في اليمن وأمريكا بكل انتشاء: "ماذا حققتم خلال هذه الأعوام الأربعة؟ البحر الأحمر الذي كان آمناً جعلتموه غير آمن؟ الرياض والسعودية التي لم تشهد إطلاق قذيفة هاون واحدة منذ مائة عام جعلتموها اليوم تحت النيران".

ومضی قائلاً: "حسابكم معي ومع فيلق "القدس"، ونحن أقرب إليكم مما تتصورون، فهل تتوعدوننا اليوم؟ نحن أمة نعشق الشهادة ونحن بانتظاركم".. في إشارة إلى استعداد إيران للمواجهة وعبر أدواتها المرتبطة بفيلق القدس والمنتشرة في عدد من دول المنطقة.

وكان سليماني قد تفاخر عقب سقوط العاصمة صنعاء وعدد من المدن اليمنية بيد ميليشيا الحوثي، مؤكداً أن "مؤشرات تصدير الثورة الإسلامية باتت مشهودة في كل المنطقة؛ من البحرين والعراق إلى سوريا واليمن وحتى شمال أفريقيا".

ويعد "فيلق القدس" المسؤول عن تصدير الثور والعمليات السرية الخارجية في الحرس الثوري الإيراني الذي نشأ بعد عامين من الثورة على يد الخميني وقيادات الثورة الدينية عام 1981؛ بغرض حماية النظام الايراني، فضلاً عن كون الحرس الثوري أنشأه الخميني وفقاً لنظرية ولاية الفقيه، وتركزت مهمته منذ التأسيس في توطيد سلطة الخميني الذين يعتبرونه "روح الله"، وتصفية المعارضين وتصدير الثورة إلى الخارج.

وتكمن خطورة الحرس الثوري في أنه تنظيم عقائدي وأيديولوجي مؤمن بولاية الفقيه وتصدير الثورة وحمايتها حسبما وضعها الخميني، ويتم تدريبه وتعليمه بشكل خاص، ويختار المرشد شخصياً قياداته، ولاؤهم المطلق للنظام الديني المتطرف ومبادئه وأهدافه التوسعية وطموحات إيران للهيمنة علی المنطقة.

وجاء تنفيذ هجوم الحوثيين علی ناقلتي النفط السعوديتين بعد تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة، وكذا تصاعد لهجة التهديدات العدائية المتبادلة بين مسؤوليهما في الفترة الأخيرة، مع بداية عودة العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران عقب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بين قوى الغرب وإيران.

وتزامن تنفيذ الهجومين مع تهديدت أطلقتها إيران بأنها سترد بإجراء مضاد إذا حاولت الولايات المتحدة منع صادراتها النفطية، بحسب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية.

وقال المتحدث بهرام قاسمي، "إذا أرادت أمريكا القيام بإجراء جاد في هذا المسار فمن المؤكد أنها ستواجه بإجراء مضاد من جانب إيران".

كما تبادل الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والإيراني حسن روحاني، التصريحات العدائية هذا الأسبوع، إذ حذر روحاني إدارة ترامب من اتخاذ سياسة معادية لبلاده، لأن الحرب بين البلدين ستكون "أم الحروب"، حسب تعبيره.

وتُعد إيران من أكبر منتجي النفط في العالم ويدر عليها هذا الإنتاج مليارات الدولارات سنوياً.. لكن الاقتصاد الإيراني بدأ يعاني بالفعل من ضغوط جراء العقوبات الأمريكية
ما أدی الی ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير وفقد الريال الإيراني أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار الأمر الذي أوجد احتجاجات جماهيرية على نطاق واسع في العديد من المدن الإيرانية للتنديد بارتفاع الأسعار وتراجع قيمة العملة المحلية.

وقد اضطرت القيادة الإيرانية إلى إقالة محافظ البنك المركزي الإيراني وعينت محافظا جديدا للبنك يوم امس الأول، وتعهد بتنبي اصلاحات شاملة في مسعی لتهدئة الشارع وتلافي انتفاضة شعبية وشيكة تنذر بالاطاحة بالنظام الديني الذي يبدد ثروات طهران لدعم الحروب والصراعات علی أساس مذهبي في عدد من دول المنطقة.

ويتعرض البنك المركزي لانتقادات شديدة بشأن تعامله مع أزمة العملة الإيرانية، بعد أن فقد الريال أكثر نصف قيمته مقابل الدولار العام الماضي.

وأدت محاولة البنك المركزي فرض سعر صرف ثابت للريال في أبريل/نيسان إلى ازدهار السوق السوداء لبيع العملة، ما دفع البنك إلى التراجع عن خطته إثر تدهور قيمة العملة إلى مستويات غير مسبوقة في يونيو/حزيران.

وأعلن البنك المركزي الإيراني، اليوم الخميس، عن تسجيل ارتفاع في معدل تضخم للشهور الـ 12 المنتهية ب 22 يونيو/ حزيران 2018، بنسبة 10.2 بالمئة قياسا بالفترة المناظرة 2017.

وأوضحت بيانات البنك، أن مؤشر قيمة السلع والخدمات الاستهلاكية بالمدن الايرانية قد سجل 126.8 نقطة بارتفاع 3.4 بالمئة عن الشهر السابق، و18 بالمئة على أساس سنوي.

ويواجه الرئيس الإيراني، حسن روحاني، ضغوطاً متزايدة من التيار المتشدد لإجراء تغييرات في فريقه الاقتصادي.

وتوقع مسؤولون رفيعون إعلان تغييرات في الحكومة الإيرانية خلال الساعات القادمة، تشمل وزارات لها ارتباط بالاقتصاد.

وتعهد روحاني، في كلمته أمس الأربعاء، أمام مجلس الوزراء، بضخ دماء جديدة وطاقات شبابية إلى تركيبة وزارته، بحسب وكالة أنباء فارس الإيرانية.

وتزامنت الأزمة النقدية في إيران مع إعلان الولايات المتحدة في مايو/أيار انسحابها من الاتفاق النووي الموقع في عام 2015 وإعادة فرض عقوبات على طهران عمقت من أزمة الريال الإيراني.

ويكتنف الغموض مستقبل الاتفاق النووي بين قوى الغرب وطهران، بعد قرار واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.

وبموجب اتفاق 2015، وافقت طهران على الحد من أنشطتها النووية، مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها من الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي.

لكن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق التاريخي يعني عودة واشنطن لتشديد العقوبات على إيران.

وبدأت آثار العقوبات الأمريكية تعصف بالاقتصاد الإيراني قبل البدء بتنفيذها رسميا علی أرض الواقع.

وتقول وزارة الخزانة الأمريكية إن الأمر يستغرق فترة 90 و180 يوما قبل استئناف عقوبات متنوعة على إيران.

ويحل الموعد الأول لإعادة العقوبات في السادس من أغسطس/آب المقبل، ويشهد تفعيل عقوبات تؤثر على قدرة إيران على شراء الدولار الأمريكي، والتجارة في الذهب وغيره من المعادن، بجانب قيود على الطيران وصناعة السيارات.

أما الموعد الثاني، فيأتي في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني، ويتضمن إجراءات تتعلق بالمؤسسات المالية والنفطية الإيرانية.

وفي نهاية الفترة المحددة بـ 180 يوما، تُفعل العقوبات على الأفراد الذين كانوا على قائمة عقوبات الخزانة الأمريكية قبل الاتفاق النووي.

وكان وزير الخارجية الأمريكية مايكل بومبيو أعلن في مايو/ أيار الماضي 12 شرطا لابد أن يتضمنها أي اتفاق مع إيران، بينها انسحاب القوات الإيرانية بشكل كامل من سوريا، والتوقف عن دعم المتمردين الحوثيين في اليمن.

وتقود السعودية منذ ثلاث سنوات ونصف تحالفا عسكريا لدعم الشرعية في اليمن واستعادة الدولة من الانقلابيين الحوثيين الموالين لإيران في اليمن الذين سيطروا على معظم أنحاء شمال البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء منذ 21 سبتمبر 2014.

ويقول التحالف، إن أحد المبررات الرئيسية لتدخله في اليمن هو حماية مسارات الشحن البحري في الممرات الملاحية الدولية بالبحر العربي وجنوبي البحر الأحمر حيث يمر نفط الشرق الأوسط والسلع الآسيوية إلى أوروبا عبر قناة السويس.

وأكد التحالف العربي، في بيان له أمس، ان "إحدى ناقلات النفط السعودية تعرضت لهجوم (حوثي إيراني) بالمياه الدولية غرب ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة الميليشيا الحوثية الإرهابية التابعة لإيران".

وجاءت تصريحات قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الايراني اليوم لتؤكد صحة اتهامات التحالف بتورط إيران في الهجومين علی ناقلتي النفط السعوديتين.

وبحسب خبراء اقتصاديين فإن إيران تسعی من خلال الهجومين إلى توجيه رسائل خارجية الی كل من من الولايات المتحدة والتحالف العربي بقيادة السعودية بانها مازالت قوية وستلعب بعدة أوراق تؤثر علی مصالح الخليج والاقتصاد العالمي إذا ما استمرت الولايات المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية وكذا تأكيد أنه في حال عرقلة صادرات ايران النفطية ضمن العقوبات الأمريكية فإنها لن تكون الوحيدة فستعرقل أيضا صادرات دول الخليج.

وهذا ما كانت أشارت إليه وزارة الخارجية الإيرانية بان إيران سترد علی منع صادراتها النفطية، فضلا عن ما أشار إليه سليماني بقوله "حسابكم معي ومع فيلق القدس" - أي المعني بالعمليات العسكرية السرية الخارجية - ونحن أقرب إليكم مما تتصورون".

ويجمع الخبراء أن التأثيرات المرتقبة بزيادة أسعار المشتقات النفطية العالمية سيظهر للعالم الوجه الإرهابي لميليشيات الحوثي وداعهما النظام الإيراني مما سيؤلب المجتمع الدولي ويدفع نحو مساندة جهود التحالف العربي للتعجيل بنهاية الانقلاب الحوثي الإيراني واستئصال خطرهما علی الأمنين الإقليمي والدولي.

ومن غبر المستعبد أن تضطر شركات النقل العالمية إلى فرض رسوم تأمين الحرب علی سفنها التي ستنقل شحنات تجارية عبر الخطوط الملاحية في البحر الأحمر، في ضوء استمرار الهجمات الحوثية علی السفن المارة بجنوبي البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مما سيرفع أسعار السلع والمنتجات في العديد من دول العالم التي تمر وارداتها عبر هذا الممر الملاحي الدولي.