فقر ومرض وانعدام إغاثات.. المعاناة تفتك بالنازحين إلى العراء

المخا تهامة - Sunday 19 August 2018 الساعة 11:21 pm
ياسر محمد ، نيوزيمن، الحديدة:

تتزايد معاناة النازحين، بشكل مستمر رغم المعالجات، فهي لا ترقى إلى مستوى المشكلة التي تواجههم وأقل بكثير مما يتوجب القيام به للتخفيف من معاناتهم وأوجاعهم.

ويعيش النازحون من المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي، أوضاعاً مأساوية سواءً في الجانب الإيوائي أو الإغاثي أو الصحي، وتزداد معاناتهم في ظل استمرار الحرب وتأخر الحسم، فضلاً عن استمرار الميليشيا في تشريد المزيد.

وتبين روايات النازحين عن معاناتهم نزراً يسيراً من تكلفة الحرب التي تشنها مليشيا الحوثي وتداعياتها الباهظة على حياة المدنيين في مناطق نفوذها.

ويقبع مئات النازحين في العراء لشحة أماكن الإيواء، والبعض منهم يعاني من الأوبئة والأمراض وانعدام أدنى الخدمات..

في المقابل تعاني الأسر التي استطاعت الحصول على أماكن إيواء في بعض المدارس، من الازدحام المفرط وافتقار للصرف الصحي، حيث وصل الحال إلى احتشار ثلاث أسر نازحة في غرفة واحدة (فصل دراسي).

وينشد النازحون أن تبادر المنظمات الإغاثية والإنسانية إلى التخفيف عن معاناتهم خاصة مع اقتراب عيد الأضحى، وإدخال البسمة والسرور إلى أطفالهم بعد أن سلبتهم مليشيا الحوثي الأمان والاستقرار في منازلهم ومناطقهم.

ووقف "نيوزيمن"، على بعض من تلك المعاناة التي تعيشها آلاف الأسر النازحة من محافظتي الحديدة وحجة، حيث روت بعضها حكايات الوجع وقصص المعاناة التي لا تنتهي.

وقد كانت البداية مع كريمة مشرعي، وهي امرأة مسنة نزحت من شارع التسعين بمدينة الحديدة مع ابنتها الحامل في الشهر السادس و3 أطفال.. تقول كريمة لـ"نيوزيمن": "كنا نجلس بمنزلنا بشارع التسعين وتفاجأنا بضرب مدافع وأصوات قوية قريبة كادت تنخلع لها قلوبنا، فاكتشفنا بعد ذلك أن الحوثيين يطلقون قذائف صوب شارع كيلو 16 المحاذي للتسعين من جهة الشمال.

وتضيف، أنه في "صبيحة اليوم التالي جاء ثلاثة مسلحين من عناصر المليشيا واعتلوا سطح منزلنا، الأمر الذي سبب لنا الخوف والخشية من استهدافهم، فخرجنا من منزلنا ولم نأخذ معنا سوى بعض الملابس، تاركين أغراض ومقتنيات البيت بداخله".

وتكمل: "مضى علينا قرابة الثلاثة أشهر منذ نزحنا، عانينا ولا نزال فيها مرارات الأوجاع النفسية والمادية".

"أ. الجمالي"، موظفة في بنك خاص بمدينة الحديدة نزحت وأسرتها إلى العاصمة صنعاء وتركوا اخاهم الكبير في المنزل لحراسته رغم أنه يعاني عدة أمراض مزمنة من بينها مرض السكري.

وبحسب الأسرة، فإن غارة جوية استهدفت قبل شهرين موقعاً للحوثيين قرب منزلهم، سببت لابنها المريض فاجعة قوية أسعف على إثرها إلى مستسفى الأمل التخصصي ولم يلبث سوى بضعة أيام ليوافيه الأجل ولتتضاعف برحيله معاناة أسرته التي نزحت من بيتها وفقدت عائلها.

ثلاث أسر تحتشر في فصل مدرسي واحد

"أ. ح. أحجف"، نزح قبل ثلاثة أيام هو وأطفاله الأربعة وزوجته من منطقه السادة بحيران متجهاً صوب مديرية عبس هو وقرابة 3500 أسرة؛ بسبب اشتداد وتيرة المعارك وقصف الحوثيين لمنازلهم بشكل هستيري بعد انهزامهم وهروبهم من تلك القرى.

يقول أحجف: "خرجنا تاركين كل أملاكنا وحتى أغنامنا ومواشينا لم نستطع أخذها، فقد نزحنا والقذائف الحوثية تمطر قرانا بالدمار مسببة حريق الكثير من المنازل واستشهاد العديد من الأبرياء من الأطفال والنساء".

ومن أولئك الذين قضوا جار له يدعى شوعي أحمد صعمران، الذي قتلته قذيفة حوثية مع زوجته وخمسة أطفال في نفس اللحظة.

وبفعل موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المنطقة، فإن الكثير من الأسر لم تجد حتى اللحظة مكاناً للإيواء، ويفترش أفرادها رصيف الشارع الممتد من عزلة الربوع وصولاً لمنطقة بني حسن ويستظلون بطرابيل تقيهم الشمس.

إغاثات لا تصل

"ع. اليوسفي"، نزح من حي الشهداء بمدينة الحديدة إلى مدينة عدن، واستأجر هو وثلاث أسر أخرى -نزحت من نفس الحي- بيتاً بمنطقه "الممدارة" يتكون من غرفتين ومطبخ وصالة متوسطة وحمام.

يقول اليوسفي لـ"نيوزيمن"، إن مجموع أفراد الأسر الثلاث 18 فرداً، واجتماع هذا العدد من الأشخاص في منزل صغير معاناة بحد ذاتها، خاصة فيما يخص قضاء الحاجة، كون المسكن يحوي حماماً واحداً فقط، فضلاً عن الحرج الدائم كون الغالبية نساء.

وأضاف، أن مصادر دخل الأسر انعدمت بعد ترك أربابها أعمالهم في محوات الحديدة ولم يجدوا مصدراً للرزق بعد يوفر القوت اليومي لهم ولأطفالهم مما تسبب في مرض بعض أفراد الأسرة ولم نستطع علاجه.

ويؤكد أن الأسر النازحة لم تصلها الجمعيات والمؤسسات الإغاثية، كون الأسر غير معروفة ومقيدة في سجلات النازحين، فضلاً أنهم لا يستطيعون البوح بحاجتهم لأحد.

يضيف اليوسفي، أن أحد أطفاله يذهب كل صباح لمساعدة أحد بياعي البرد (قوالب الثلج) مقابل مبلغ زهيد 500 ريال يمني لا يفي ببعض حاجتهم، لكن أهل الخير من أقاربه يرسلون له بين الحين والآخر ما يسد به رمقه هو وأفراد أسرته.

"ليلى سبتان"، تقول: "نزحنا من الحديدة صوب مديرية القناوص أنا وزوجي وأطفالي الخمسة أكبرهم لم يتجاوز الثاني عشر من عمره، وتركنا منزلنا في حي الربصة والذي أبلغنا فيما بعد انه تعرض للسرقة".

تعاني ليلى من ضعف بصرها ومرض الضغط، كما أنها تفتقد القوت اليومي الكافي.. وأشارت إلى أنها حصلت على سلة غذائية قبل شهر من الآن ومن يومها لم تعد تتعهدها أي جهة خيرية.

هذه نماذج بسيطة فقط حاولنا من خلالها إبراز جزء من معاناة النازحين، التي لا حدود لها، خاصة مع ازدياد موجة النزوح هرباً من جحيم الموت وخوفاً من الألغام التي زرعها الحوثيون في الكثير من القرى والمنازل والطرق والممرات المؤدية لها.

ومن شأن اشتداد المواجهات أن يرفع منسوب النزوح في عديد من المناطق مما يوجب على السلطات الحكومية ومنظمات العمل الإغاثي استيعاب النازحين وتوفير المتطلبات الأساسية لهم خاصة وأن التقارير تشير إلى وجود أكثر من 9035 أسرة نازحة في محافظتي عدن ولحج، ناهيك عن قرابة 3500 أسرة نازحة من قرى حيران بحجة شمال اليمن.