التسوُّل بالإكراه.. عنف جديد يؤرق النساء باليمن

المخا تهامة - Monday 10 September 2018 الساعة 09:48 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

حتى وإن كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشرة بعد منتصف الليل، فمن البديهي أن لا تجد إيمان في منزلها؛ لأنها لم تكمل جمع الـ5000 ريال التي اشترطها زوجها عليها يومياً.

تعود إيمان إلى سكنها، في وقت متأخر من الليل، بعد رحلة تسول مضنية تجوب بها شوارع العاصمة صنعاء، ولقلة وعيها وإدراكها بأن ما تتعرض له عنف، وإلا كانت لجأت إلى الجهات المختصة وأبلغت عن زوجها.

إيمان، ابنة الـ29 ربيعاً، أم لأربعة أطفال تفترش أرصفة الشوارع كل يوم لتتسول وتعطي زوجها في نهاية اليوم ما يحتاجه من مال لينفقه غالباً على شراء القات والتدخين.

تقول إيمان لـ"نيوزيمن": "بدأت القصة مع بداية الحرب عندما كان زوجي يعمل سائق دينا مع إحدى الشركات وتم إيقاف العمل فيها.. جاء زوجي إلى المنزل وأمسك يدي بالقوة قائلاً بالحرف: (هيا اخرجي اطلبي الله على بطنك منتيش أحسن من النسوان اللي في الشوارع)".

وتواصل: "ولأني مقطوعة من شجرة وليس لديّ أهل، فقد قام زوجي بضربي ضرباً مبرحاً عند رفضي وهددني: (ما تخرجي تشحتي أو أخليك بغير أكل) لم أبالِ ساعتها بما يقول، والتزمت الصمت تحت حجة أنه غاضب ثم تساءلت: هل لي فعلاً أن أتسول وأمد يدي إلى العالم؟".

وتكمل إيمان: "لم أنسَ تلك الليلة حتى الآن، فقد قمت جائعة للمطبخ بعد منتصف الليل، فإذا بزوجي يمسك بيدي بعنف ويمنع عني الأكل والشرب، لأني رفضت أن أتسول.. لم أستطع أن استحمل أكثر من يومين، وجدت نفسي تائهة في الشوارع أبحث عن ملذات زوجي ومصروفه الخاص الذي لا يقل عن 5000 يومياً.

إحصائيات مفزعة

تشكل الأمية النسائية في اليمن حوالي 65% وتعتبر هي النسبة الأكبر بين الدول العربية، بحسب تقارير دولية أصدرتها الأمم المتحدة.

في المقابل يشكل الجهل وقلة معرفة النساء بحقوقهن مقابل واجباتهن سبباً من عدة أسباب تتيح للزوج ممارسة العنف ضد المرأة، بما فيه إجبارها على الخروج لامتهان التسول في الشوارع.

ويلحظ أن نسبة النساء المتسولات في الشوارع تزيد يوماً عن يوم دون الوقوف وراء السبب بشكل جاد، ومع أن الوضع الاقتصادي في اليمن أدى إلى خروج عدد كبير من الأسر المتعففة إلى الشوارع، لكن تظل ظاهرة تسول المرأة هي الملفتة للانتباه.

تسول بالإكراه

تقول رضية المسوري، وهي مسؤولة الدعم النفسي في اتحاد نساء اليمن، لـ"نيوزيمن"، إن "النساء والفتيات في اليمن يتعرضن إلى عنف مباشر وغير مباشر خصوصًا في ظل أوضاع الحرب، حيث يجبر بعضهن إلى تأدية أعمال غير لائقة بها ومن ضمنها إرغامهن على التسول".

وتضيف المسوري، "إن هذا الإجبار قد يؤثر على كيانها الإنساني وإنسانيتها المقتولة، وقد تظهر لديها بعض الاضطرابات النفسية تؤدي إلى انفصام بالشخصية".

وتشدد على ضرورة تفادي وصولهن إلى هذه المرحلة من خلال احتواء هذه الفئة – دراسة حالاتهن التي تعرضت للعنف القائم على النوع الاجتماعي – إدارة حالاتهن وتقديم الخدمات – تمكينهن اقتصادياً في مجالات الحياة.

وعن تعريف العنف القائم على النوع الاجتماعي تقول الاستشارية في مجال العنف القائم على النوع الاجتماعي سهى باشرين، إن "تربية البنات غالباً تدور حول الطاعة وخدمتهم وعدم التطاول عليهم، ومع الوقت نجد أن أسلوب التربية هذا يجعل من النساء متقبلات لأي سلوك فيه قمع لحقوقهن سواءً في الحياة أو التعليم أو العمل أو حتى في ممارسة حقوقهن الشخصية.