تحرير الحديدة.. المسمار الأخير في نعش الحوثي

السياسية - Wednesday 12 September 2018 الساعة 09:34 pm
الحديدة، نيوزيمن، تقرير خاص:

دخلت عملية تحرير مدينة الحديدة الساحلية، مرحلة جديدة، مع استئناف قوات المقاومة اليمنية المشتركة العملية العسكرية وسيطرتها على منطقة الكيلو10 ومحيط كيلو16 وقطع طريقين رئيسين وعزل ميليشيا الحوثي داخل المدينة.

وتشكل معركة تحرير الحديدة، رقماً حاسماً في معادلة الصراع باليمن، بمستوياتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والإنسانية، ذلك أن انتزاع المدينة الواقعة على الضفة الشرقية للبحر الأحمر، سيشكل ضربة عسكرية وسياسية واقتصادية لميليشيا الحوثي، كما من شأنه أن يتيح تدفق المساعدات الغذائية والإنسانية إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيا.

ومن شأن استعادة المدينة الواقعة على بعد 226 كيلو مترًا من العاصمة صنعاء ومينائها الاستراتيجي، أن يفتح الطريق التحرير إلى محافظات الشمال الغربي والوسط بما فيها العاصمة صنعاء.

وتكتسب معركة الحديدة أهمية كبرى انطلاقاً من أن ميناءها المرفأ الرئيس لليمن، حيث تأتي عن طريقه 70% من الواردات والمساعدات الدولية و80 من إيرادات الحوثيين المالية تأتي من حركة التجارة في الميناء، حسب خبراء اقتصاديين.

وأطلقت القوات اليمنية المشتركة في يونيو الماضي عملية عسكرية لتحرير الساحل الغربي واستعادة الحديدة ومينائها الاستراتيجي الذي يعتبر ممراً لتهريب الأسلحة وتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، بيد أن العملية توقفت مؤقتا مع وصول المقاومة المشتركة إلى مشارف المدينة.

مرحلة أخيرة لاستعادة الدولة

اعتبر تقرير حديث لمركز أبحاث أمريكي تحرير مدينة الحديدة الاستراتيجية من قبل القوات اليمنية بإسناد التحالف العربي، يمثل المرحلة الأخيرة في الحرب الدائرة منذ 4 سنوات.

ويرى تقرير معهد سياسات الشرق الأوسط الأمريكي أن تحرير الحديدة التي وصفها بـ"فم اليمن" هو ضمن قدرات القوات اليمنية المشتركة وقوات التحالف العربي الذين بدأوا بتطهير المدينة ومينائها من المليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

وألمح إلى أن الحديدة تعتبر منفذًا حيويًا للمتمردين الحوثيين المدعومين من قبل إيران، وذلك لتهريب السلاح والمعدات العسكرية الأخرى.

ويعتقد أن تحرير الحديدة ربما لن يكسر هوس الحوثيين للقتال من أجل صنعاء لكنه يمثل نهاية المرحلة الأولى وعلى الأرجح الأخيرة في الحرب اليمنية لأن الحديدة تعتبر المدينة الرئيسة الأخيرة التي يسيطر عليها الحوثيون خارج المناطق الجبلية.

أهمية استراتيجية في معادلة الصراع

ويقول الخبير والمحلل السياسي صلاح المحمدي لـ"نيوزيمن"، إن أهمية تحرير الحديدة من سيطرة الحوثيين تأتي في ضوء الخطر المتزايد الذي تشكله الميليشيا على أمن البحر الأحمر وهو ممر مائي أساسي للاقتصاد العالمي

وبحسب المحمدي، فإن عملية تحرير الحديدة تعني العديد من الأمور العسكرية والإنسانية والتنموية.. فعلى الصعيد العسكري فإن تحرير المدينة يعني تأمين الشريط الساحلي من أية هجمات تستهدف الملاحة الدولية وإيقاف عملية تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين وقطع الطريق على عناصر حزب الله والحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى تسهيل مهمة تحرير باقي المدن اليمنية.

أما على الصعيد الإنساني والتنموي، فتضمن عملية تحرير الحديدة تأمين سفن الإغاثة الإنسانية التي استولت عليها المليشيات وعودة الحياة بشكل طبيعي إلى المحافظة بالكامل وتدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية لباقي المحافظات.

ويضيف "المحمدي"، أنه سيترتب على استعادة ميناء الحديدة الاستراتيجي إنهاء التهديد الحوثي في مضيق باب المندب وحصرهم في المناطق الداخلية والجبلية كونه آخر الموانئ المتبقية بأيدي المليشيا.

على المستوى السياسي، يؤكد المحمدي، أن عملية استعادة الحديدة تمثل أهمية قصوى للضغط على المليشيا للعودة إلى مسار الحل السياسي عبر دفعهم إلى طاولة المفاوضات.

وتمثل مدينة الحديدة وموانئها أهمية كبيرة للمليشيا الحوثية، إذ شكلت وارداتها مصدر دخل رئيسا للحوثيين من خلال السيطرة على عائدات الميناء، فضلا عن الضرائب والجبايات.

حتمية انتزاع الحديدة

وسيمثل تحرير الحديدة ومينائها بداية سقوط المليشيا واستعادة اليمن الذي اختطفته لتنفيذ أجندات خارجية، كما سيؤمن الملاحة البحرية في مضيق باب المندب وسيقطع أيادي إيران التي طالما أغرقت اليمن بالأسلحة التي تسفك بها دماء اليمنيين الزكية.

وتسببت الميليشيا الانقلابية بسيطرتها على ميناء الحديدة بتفاقم المعاناة الإنسانية لليمنيين، حيث قامت بنهب المساعدات الإنسانية إلى اليمن.

وعمدت المليشيا الحوثية، منذ سيطرتها على ميناء الحديدة، إلى نهب إيراداته وتوريدها لصالح نافذين في المليشيات، بالإضافة إلى استخدام تلك الإيرادات في تمويل حروبها التي قوضت العملية السياسية وأضرت بالنسيج الاجتماعي وراح ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء.

واستغلت سيطرتها على ميناء الحديدة في تمرير الأسلحة الإيرانية التي استخدمت في مواجهة اليمنيين وقتلهم واستهداف الأمن الإقليمي ودول الجوار.

ويعد ميناء الحديدة اليمني آخر منفذ بحري لإمداد ميليشيا الحوثي الإرهابية بالأسلحة المهربة من إيران، ويعتبر الممر الأول إلى الجزر اليمنية ذات العمق الاستراتيجي وأبرزها جزر حنيش الكبرى والصغرى وجبل زقر الذي يرتفع 3700 قدم عن سطح البحر.

ويقول المحلل السياسي بليغ المخلافي لـ"نيوزيمن"، إن "المعادلة في اليمن "صفرية"، بمعنى أنه لا حلول وسطية وتسويات، بل تحتاج إلى كسر عظم المليشيات واستعادة الدولة المنهوبة وإنقاذ الوطن من شرها".

ويشير أن الأمم المتحدة كشفت عن دعمها الخفي للمليشيات وتعمل عبر مؤسساتها في حماية المليشيات وتأخير أي حسم عسكري وفرض أجندات تطيل الحرب وتزيد من معاناة 28 مليون يمني.

ويستدرك المخلافي قائلا، إن "الحوثيين وحتى في ظل دعم إيراني طويل الأمد أو تخاذل أممي معهم لن يكون بمقدورهم الاستمرار في المعركتين السياسية والعسكرية لوقت طويل في حال خسروا الحديدة وميناءها.

الخيار العسكري هو الحل

عقب فشل مشاورات جنيف الأخيرة استأنفت القوات اليمنية المشتركة العمليات العسكرية في الحديدة بدعم وإسناد التحالف العربي وتحقق انتصارات كبيرة وصلت إلى كيلو 16 وقطع خط باجل صنعاء.

وقالت مصادر عسكرية، إن قوات المقاومة المشتركة وصلت إلى مناطق المزرعة ودوار المطاحن ومصنع نانا لمنتجات الألبان وصولاً إلى الأطراف الشمالية لمنطقة كيلو16 وهي المناطق الأكثر تحصيناً بالنسبة لعناصر الحوثيين.

في المقابل تمكنت القوات المشتركة من التقدم في الجهة الغربية باتجاه دوار الجمل والجامعة والكورنيش وصولاً إلى الكلية البحرية بعد تأمينها منطقتي المنظر والمنصة، حيث باتت مناطق دوار المطار والربصة ويمن موبايل باتجاه الحوك تحت السيطرة النارية للقوات المشتركة، وهي مناطق تقود مباشرة إلى ميناء الحديدة الاستراتيجي.