جبايات الحوثي تحول سعر الطعام إلى "أداة قتل" بطيء لليمنيين

متفرقات - Friday 14 September 2018 الساعة 03:41 pm
تقرير خاص، نيوزيمن، صنعاء:

يعيش اليمنيون في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، وضعاً إنسانياً كارثياً، مع ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية الأساسية والتموينية، في ظل انقطاع مرتبات موظفي القطاع الحكومي لعامين على التوالي.

وقد فاقم الارتفاع الهستيري للأسعار، أعباء الأسر في مناطق سيطرة الميليشيا وكذا في المناطق المحررة، خاصة وأن الفقراء يمثلون غالبية سكانية في اليمن.

وفوجئ سكان العاصمة صنعاء بارتفاع سعر الرغيف (الخاص) إلى 30 ريالا بدلا عن 7 ريالات مع انخفاض في الوزن، فيما ارتفعت أسعار السلع الغذائية بنسبة 200%.

وعزا مصدر اقتصادي، الارتفاع الجنوني للأسعار إلى قرار وزير الصناعة في حكومة الحوثيين الذي ثبت أسعار المواد الغذائية عند أعلى سعر فرضه تجار المليشيا تحت مبرر ارتفاع سعر صرف الدولار.

وقالت جمعية حماية المستهلك، في وقت سابق، إن الأسعار ارتفعت بنسب 150_200% على المواد الأساسية: القمح والدقيق والسكر والأرز والحليب.

وأعربت الجمعية عن خيبة أملها في عدم تجاوب سلطات الحوثيين مع جهود الحد من الكارثة الإنسانية بحق المواطنين الذين يعيشون أصعب الظروف المعيشية.

المواطن يتحمل جبايات الحوثي على التجار

ويشكو المواطنون في العاصمة من ارتفاع متواصل لأسعار المواد الغذائية بشكل يومي، حيث بلغ سعر الدقيق الأسمر إلى 17 ألف ريال، فيما بلغ سعر الأرز الكبير 43 ألف ريال، في حين يتهمون ميليشيا الحوثي بالوقوف وراء معاناتهم.

وتعيش الكثير من الأسر والنازحين بأمانة العاصمة ومناطق سيطرة الحوثيين على وجبتين في اليوم وسط أزمة إنسانية لم يسبق لها مثيل جراء انعدام الدخل وفرص العمل ومصادرة الحوثيين مرتبات الموظفين لأكثر من 25 شهرا.

ويبرر تجار في العاصمة صنعاء ارتفاع الأسعار في السوق المحلية بعدم استقرار سعر صرف العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، بالإضافة إلى الحملات المتواصلة التي تنفذها مليشيات الحوثي لابتزاز التجار والشركات.

وقال أحد تجار الجملة لـ"نيوزيمن"، إن سلطات الحوثيين تفرض رسوم الجمارك والضرائب والنظافة والواجبات بشكل مضاعف، وتجبر التجار على دفع جبايات مالية وإتاوات غير قانونية باهظة، الأمر الذي انعكس سلباً بشكل مباشر على المواطنين البسطاء.

تجويع ممنهج

ويقول المواطن ناصر، وهو أحد سكان صنعاء لـ"نيوزيمن"، إن مليشيا الحوثي تستخدم أساليب إجرامية في تجويع المواطنين، حيث تستغل موضوع نقل البنك المركزي إلى عدن لنهب مرتبات الموظفين وكذا لتبرير ارتفاع الأسعار في السوق.

ويزداد الوضع الإنساني مأساوية مع انخفاض قيمة الريال اليمني أمام العملات الأخرى، إذ سجل في الأيام الأخيرة أدنى مستوى بحدود 600 ريال يمني للدولار الواحد.

وعمدت المليشيا إلى فرض جبايات وإتاوات على تجار الاستيراد، ويقوم التجار بدورهم بإضافتها على القيمة الشرائية للسلعة ويتحملها المواطن الذي صار غير قادر على العيش في أدنى مستوى ممكن للحياة.

تجويع الشعب مقابل ثراء المليشيات

ويشير المحلل الاقتصادي نبيل مارش في حديث لـ"نيوزيمن"، إلى أن ميليشيا الحوثي استحدثت مكاتب جمركية على مداخل مناطق سيطرتها لفرض رسوم جمركية بنسب كبيرة تتجاوز 100 في المائة لبعض السلع.

وأضاف أن جزءاً كبيراً من تلك المبالغ يذهب إلى صناديق ومصارف خاصة بالحركة الحوثية لتمويل جبهات حربها وكذا زيادة مخزونها النقدي في أماكن سرية بصعدة.

وأشار إلى أن قيمة مادة البنزين وصلت 10000ريال للعشرين اللتر و17000 ريال للديزل، كما أن مادة الغاز ظلت هي الأخرى بؤرة فساد كبرى جنى من ورائها تجار الميليشيا مليارات الريالات طوال الفترة الماضية.

قتل بطيء

بدوره يقول الناشط صادق غيلان لـ"نيوزيمن"، إن انهيار العملة وتوقف صرف المرتبات وانعدام السيولة النقدية الكافية في متناول الناس ولهث المليشيات لجمع المزيد من الأموال لصالح مشروعها الظلامي الكهنوتي، حولت المجتمع داخل مناطق سيطرتها إلى حالة من الموت البطيء.

وأكد غيلان أن هذا الوضع الإنساني المأساوي زادت معه ظاهرة الجريمة المدنية من السرقة بالإكراه والنهب والسلب والقتل العمد.

وأوضح أن المليشيا الحوثية تعتمد النهج التدميري وسياسة الإفقار الإجبارية لشرائح واسعة من موظفي الدولة وحرمان الناس من أبسط مقومات العيش بكرامة وكذا انتشار الأمراض والأوبئة، مؤكدا أن الحوثيين يمارسون العقاب الجماعي على الشعب.

الحوثي يوظف الجوع لمكاسب السياسة

في ذات السياق يذهب أستاذ الاقتصاد الدكتور محمد عبدالملك، إلى أن ارتفاع الأسعار في مناطق سيطرة الميليشيات إلى نسبة تجاوزت 200% في ظل انقطاع المرتبات للقطاع العام، بدأ بعد أن نهبت المليشيات الاحتياطي النقدي الذي كان في البنك المركزي.

ويضيف: "إلى جانب توقف 70 في المائة من مؤسسات القطاع الخاص بسبب الحرب والرسوم الضريبية التي فرضتها المليشيات على التجار، مما أدى إلى نزوح جماعي لرجال المال والأعمال غير القادرين على البقاء في ظل سياسة الحوثي التي فرضتها على الشعب المدني بمختلف فئاته.

وقال، إن ارتفاع سعر الدولار من 200 ريال يمني قبل 2014 إلى 600 ريال اليوم وما رافقه من ارتفاع جنوني في أسعار السلع، يأتي متسلسلا مع سياسة تجويع ونهب وتدمير ممنهجة تمارسها المليشيات لتبقي اليمنيين خاضعين لسلطتها وانشغالهم في البحث عن لقمة العيش.