العطر والبخور حرفة نسوية تعاني في ظل ارتفاع سعر المكونات وضعف القدرة الشرائية

المخا تهامة - Monday 15 October 2018 الساعة 04:39 pm
صنعاء، نيوزيمن، جلال محمد:

(لو تشابهت الأذواق لبارت السلع) شعار كافٍ لمعرفة أن الناس أذواق واختلافها معبر عن خيارات وحرية ورغبة كل فرد فيما يقتنيه، فكيف إذا كان الشيء المقتنى هو "العطر" و"البخور" الذي تتقن بعض النساء طبخه وخلطاته.. عالم جميل من الأناقة والذوق، وأيضاً مشروع صغير يُدر بعض المداخيل لمن يقوم بحرف "خلطات العطور وتركيباته" خصوصاً في ظل الواقع المعيش والذي فرض على المجتمع البحث عن أي طريقة لجني المال والحصول على النزر القليل من الدخل ليسد به بعضا من رمقه.

فتيات يمنيات أتقن باحتراف صناعة وتركيب وخلط العطور المركزة أو المركبة أو الزيتية كما تسمى، "نيوزيمن" أراد التعرف على عالم العطر وكشف بعض أسرار هذا العالم الرائع.. وقفتنا الاولى كانت مع الاخت "رحمة علي" التي وصفت بانها عالم جميل يبعث في النفس الراحة والحيوية والنشوة وهذه ليست فلسفة معاصرة او اجتهادا شخصيا بقدر ما يتعلق الامر كونها حقيقة واقعه نلمسها في ثنايا البعد القرآني، حال تعرضه لأجواء الجنة وعطرها الاخاذ، وهذه التفاتة موكدة تصب باتجاه استحسان العطور، كما قالت.

وتضيف: كل العطور اصلها طبيعي تقريبا من الازهار (كالقرنفل والنرجس والياسمين والفل وأنواع أخرى) لكنه تجرى عليها عمليات تصنيع وخلط مجموعة مع مجموعة اخرى فينتج صنف جديد من العطور وهذا التصنيع اكثر شيوعا في الدول الغربية، اما الدول العربية فباقية على الاصل الطبيعي للعطور ويعتبرونه اصليا لان الشرقيين بطبيعتهم يحبون التراث والماضي.

وتقول رحمة إنها تقوم بعمل عدد من الخلطات الخفيفة والمتوسطة والمركزة، بحسب أذواق الناس وقدراتهم الشرائية في هذا الوضع الصعب.

من جانبها تقول "نورا اليافعي" وهي خبيرة في صناعة البخور وتركيب العطور، كانت سوق البخور مزدهرة على مدار العام، ويزداد إقبال المواطنين عليها في المناسبات والأعياد، لكن الحرب التي تعاني منها اليمن منذ مارس/آذار 2015، أدت إلى تراجع كبير في الإقبال، بسبب حالة الفقر التي يعاني منها الناس، وتوقف صرف الرواتب.

وتضيف: هناك انواع كثيرة من البخور اليمني الذي تجيد أي فتاة يمنية لديها الرغبة في تعلم "صناعة البخور" وطبخه، وكل نوع يعتمد على نوعية الاستخدام والسعر، الذي يتراوح بين الرخيص والمتوسط والغالي، وفقا للجودة والمكونات المستعملة في صناعته، لكن أبرز الأنواع هي: العرائسي والعادي.

مشيرةً إلى أن ارتفاع أسعار المواد الأساسية مثل العود، العطر، المسك، العنبر، الظفري، العفص، وكل مكونات البخور أدت إلى ضعف شديد في سوق "البخور" وكذلك العطور، لأن المكونات غالية ولذا نضطر للبيع بفارق سعر عن السابق، لكن حالة الناس المادية متعبة ولذا فضلوا العزوف عن البخور والعطور، وأصبح الكل يجاهد ويكافح خلف "لقمة العيش" الأساسية.

وفي زيارة "نيوزيمن" لإحدى المؤسسات التي تقوم بتدريب وتأهيل عدد من الأسر الفقيرة، قالت "حليمة مفتاح" رئيسة مؤسسة أحلام مستنيرة للتراث والحفاظ على الموروث الشعبي، إنها خصصت في مؤسستها دورات لتأهيل الأسر الفقيرة في صناعة العطور والبخور، بأسعار رمزية لا تتعدى "2000" للدورة إلا أن ارتفاع أسعار المواد الداخلة في الصناعة والتي توفرها المؤسسة للتدريب، يشكل صعوبة أمام استمرارها..

من جانب آخر شرحت مدربة صناعة البخور وتركيب العطور "أمل سالم" طريقة عمل البخور والتي تمر بأكثر من مرحلة ابتداء من توفير المواد الأساسية وأهمها: العود، العطر، المسك، العنبر، الظفري، العفص، السكر والماء، وكما قالت يكون نوع البخور متوقفا على جودة المواد، فالعرائسي مثلا يحتوي على العود الأصلي وأفخم العطور.. حيث يتم سحق كل تلك المواد الاساسية المكونة للبخور مع بعضها بمقادير معينة، لتصبح مسحوقا يسمى "الحوائج"، ثم يتم البدء بطبخها بدرجة حرارة هادئة في كمية من ماء الورد أو الماء العادي المخلوط بالسكر، إلى أن يصبح مُتماسكاً، ثم يضاف إليها العنبر والمسك والمواد المسحوقة على السكر المذاب، وننتظر دقائق، ونقوم بسكبه على القدر الذي يكون قد دُهن بالعطر، وبعد أن يبرد نقوم بتكسيره وتغليفه أو تعبئته في علب خاصة للبيع".