مليشيا الحوثي تفرض ضرائب على المساعدات الإغاثية الدولية (مترجم)

متفرقات - Monday 15 October 2018 الساعة 07:13 pm
ترجمة خاصة لـ(نيوزيمن):

نشرت صحيفة "غلوب بوست" الأمريكية، تقريراً ميدانياً، من داخل المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، وأجرى طاقم الصحيفة مقابلات مع عدد كبير من السكان المدنيين القاطنين في الأراضي الخاضعة للسيطرة الحوثية، وتحدثوا لها عن "ممارسة فظيعة غير مسبوقة" على يد عناصر الجماعة المتمردة.

وقالت الصحيفة، إن انتهاكات الحوثيين في اليمن تشتد بشكل غير مسبوق، مشددة أن "جنون العظمة والاضطراب العصبي وراء ممارسات الحوثيين".

وأشارت الصحيفة، أن مليشيا الحوثي حولت المناطق الخاضعة لسيطرتهم إلى "سجن في الهواء الطلق".

ولفتت أنه في عهد سلطة الحوثيين، أصبحت حالات الاختفاء القسري، وقضايا التعذيب، وعمليات الإعدام، خطراً أكبر على اليمنيين المدنيين، الذين يعانون من ظروف إنسانية حرجة بطبيعة الحال. هذه هي الحالة المرعبة التي نتجت عن سعي مجموعة متمردة لسحق كل من يعارض حكمها في البلاد.

واستولى الحوثيون على أجزاء واسعة من اليمن في أعقاب تمردهم في سبتمبر 2014، بعد أن رفضوا التسوية السياسية السلمية، ما أجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي على الفرار إلى المملكة العربية السعودية.

وفي مارس 2015، قادت الرياض تحالفا من الدول العربية والإفريقية لسحق المجموعة الشيعية المدعومة من إيران، بغرض استعادة الرئيس الشرعي المعترف به دوليا، وكذلك من أجل تجنيب الدول العربية المجاورة الخطر الأمني المحدق، الذي تفرضه هذه المجموعة.

وفي حين جرى طرد جماعة الحوثي من أجزاء واسعة من الأراضي، بما فيها عدن، لا يزال المتمردون يسيطرون على جزء كبير من الشمال الغربي، بما في ذلك العاصمة التقليدية صنعاء ومدينة الحديدة.

وخلال المعارك الدائرة بين التحالف والحوثيين، أبدت المجموعة المتمردة مزيداً من النهج الاستبدادي تجاه السكان المدنيين، انطوى على حالات قتل وتعذيب غير قابلة للتبرير.

وأجرى طاقم صحيفة "غلوب بوست" مقابلات مع عدد كبير من السكان المدنيين القاطنين في الأراضي الخاضعة للسيطرة الحوثية، وتحدثوا لها عن "ممارسة فظيعة غير مسبوقة" على يد عناصر جماعة الحوثي.

وقال عبد الله من الحديدة للصحيفة، إن "تصرفات الحوثيين مبنية على جنون العظمة، والشك، والاضطهاد، والاضطراب العصبي”. وأضاف: "لولا هذه الوحشية، لما دام حكمهم يوماً واحداً، لقد تمكنوا من الاستمرار بفضل العنف والهيمنة المستبدة".

وقال شاهد آخر، فضل عدم الكشف عن اسمه: "مليشيات الحوثي تحتل الشوارع والكثير من المباني وأسطح المنازل، هذا سجن عسكري في الهواء الطلق، انظروا، هذه المنطقة بمنأى عن الصراع، إلا أن الحوثيين يحتلوننا".

من جانبها، أكدت الباحثة الأمريكية في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، كريستين بيكرلي، للصحيفة أن زرع الألغام الأرضية، وقصف المناطق المدنية، وتجنيد الأطفال كجنود، كلها خصائص لسياسة الحوثيين في الحفاظ على حكمهم في اليمن.

أما الصحفية اليمنية منال، فقالت لنا "لا أحد يستطيع دخول مدينة الحديدة، ومن يفعل ذلك، سيخاطر بتهم التجسس في محاكم الحوثيين، لقد عملوا على توتير أمن المدنيين هنا، ما أراه هو أن الحوثيين يستخدمون إجراءات وحشية لترسيخ حكمهم".

وأضافت منال: "ازدادت حالات الاعتقال في صفوف المدنيين في الآونة الأخيرة، وشاهدت بنفسي أناسا يجري سحبهم في الشوارع من قبل عناصر الحوثي، وهم يلتقطون صور سيلفي معهم. ألاحظ كذلك أن المتمردين يستهدفون أي شخص يتصرف بطريقة مختلفة بعض الشيء".

وقال شاهد آخر، رفض الكشف عن هويته: "إلى جانب السجن السياسي المركزي في الحديدة، تستخدم جماعة الحوثي قلعة تاريخية كمخزن للسجناء الذين يبدون آراء غير ودية تجاه المجموعة". مضيفا: "امتلأت القلعة بالسجناء بسرعة كبيرة في الآونة الأخيرة، فكل من يُظهِر علامة انتقاد لحكم الحوثيين، سيواجه السجن مباشرة".

وقال محمد من صنعاء للصحيفة، إن "وسائل الإعلام الاجتماعي تخضع لمراقبة شديدة، فمن يبدي انتقادا للحوثيين، سيواجه عواقب وخيمة… لقد رمى الحوثيون أعدادا لا تحصى من اليمنيين في السجن بسبب نشر منشورات سلبية حول اعتداءات المجموعة المتمردة".

وقد أشار محمد إلى رجل يُدعى "محمد العلي"، تعقبه الحوثيون وقتلوه بسبب منشور مسيء على فيس بوك.

واعتقل الحوثيون الأسبوع المنصرم، بعض المتظاهرين الشباب الذين احتجوا سلميا على ارتفاع الأسعار، الناتج عن ضعف الريال اليمني. حينها، تعرض المحتجون لهجوم باستخدام الهراوات والصاعقات الكهربائية تحت تهديد رجال مسلحين.

ومن الغرابة أن وكالة الأنباء الحوثية "سبأ" وصفت المتظاهرين السلميين بـ"المرتزقة المكلفين من المعتدين بنشر شائعات وإزعاج السلم الأهلي العام". وبعد تحقيق الصحيفة، لا يُعرف مصير المعتقلين حتى هذه اللحظة.

ووفقا لشاهد آخر يدعى محمد: "أقام الحوثيون العشرات من نقاط التفتيش في صنعاء وفي أماكن أخرى، ما تسبب بخلق عوائق أمام الناس الذين يعودون من جنوب اليمن، من أجل العمل أو لارتباطات أخرى".

وقالت صحيفة "غلوبال بوست" الأمريكية، إن مجموعات الإغاثة العاملة في اليمن تعاني من أجل إيصال المساعدات للمدنيين، بسبب القيود المفروضة عليهم في الأراضي الخاضعة للسيطرة الحوثية.

وبحسب العاملين في مجال الإغاثة، فإن الإجراءات الحوثية ضدهم "ترتقي إلى مستوى التدخل، والعرقلة، وتحويل المساعدات"، ما تسبب في مخاوف من كارثة إنسانية أكبر.

ونقلت الصحيفة عن مصادر من مجموعات إغاثية إنسانية، طلبت عدم الكشف عن هوياتها، أن مليشيا الحوثي طالبتهم، منذ بدء الهجوم على الحديدة، بالبقاء في المدينة وعدم الخروج منها، وعدم التوجه إلى صنعاء مطلقاً.

وأكدت المصادر أن موظفي مؤسسات الإغاثة، لاسيما اليمنيين، تعرضوا للمضايقة، والاعتقال، والاحتجاز، والاستجواب، وبعضهم فوجئ بتهمة التجسس.

كما صرح مسؤولو مؤسسات إغاثية أخرى للصحيفة أن الحوثيين أوقفوا تصاريح التنقل والسفر في العديد من الحالات، وعلقوا برامج المعونة في مناسبات أخرى. لكن المثير للأمر، حسب قولهم، هو أن جماعة الحوثي طالبت منظمات الإغاثة بدفع ضرائب عن المساعدات.

واستنتج محققو الصحيفة من شهادات المدنيين أن الشك الدائم الذي يراود الحوثيين حول تسلل قوى خارجية جعل المجموعة أكثر عدائية تجاه المدنيين، لاسيما أن الشهود أفادوا أن القيادة الحوثية أبدت تخوفات من حدوث ثورة داخلية ضدها.

وبحسب كريستين بيركلي: يمكن ربط تنامي الانتهاكات الحوثية بهامش الربح المادي، والدليل على ذلك، هو أن المتمردين مارسوا مؤخرا العديد من عمليات الاختطاف، ثم طالبوا بفدى من عائلاتهم مقابل إطلاق سراحهم، وهو ما أكده الكثير من الشهود.

وأضافت بيركلي للصحيفة: يبدو أن الحوثيين يسعدون بنشر رواية انتهاكات حقوق الإنسان ضد التحالف بقيادة السعودية، ولم ينظروا إلى الداخل، ولم يعالجوا حالات الانتهاكات الفظيعة، التي شملت أخذ الرهائن، واستخدام الأطفال كجنود، والتعذيب، وإطلاق النار العشوائي في المناطق المدنية، وتنفيذ أحكام الإعدام، وزرع الألغام تحت المدنيين.