جامعة صنعاء لن تركع للكهف

السياسية - Thursday 15 November 2018 الساعة 04:46 pm
صنعاء، نيوزيمن، فارس جميل:

ما زالت ممارسات الحوثيين في حرم جامعة صنعاء مستمرة، وما زال طلاب وطالبات الجامعة يتصدون لهذه الممارسات، وسيستمرون.

منذ السادس من أكتوبر الماضي كثف الحوثيون عمليات التفتيش والمضايقات بكل أشكالها ضد طلاب جامعة صنعاء، لكن كلية التجارة حظيت بالنصيب الأوفر من التضييق والتفتيش للحقائب والهواتف والأفكار والضمائر أيضا، تلتها كلية الشريعة والقانون، ذلك أن أجهزة الأمن التابعة للجماعة لاحظت أن طلاب هاتين الكليتين كانوا أبرز من تصدر مشهد الخروج العظيم ضد جبروت الجماعة.

تم وضع سياسات جديدة لدخول الطلاب والطالبات إلى القاعات، بحيث كل منهم يدخل من باب مختلف في القاعات الكبيرة، وبوقت مختلف للقاعات الصغيرة، وتم تخصيص مفتشات من النساء لحقائب الطالبات بدقة، وتم التضييق بقوة على أي اختلاط أو حتى مجرد تجمع للطلاب أو الطالبات، فكلما لاحظ الطلاب الذي ضمهم الحوثيون لكشوف الكلية ليكونوا عناصر رقابة، أسرعوا إليه للتطفل والتنصت.

جلبت الجماعة شخصاً غريب الأطوار اسمه غالب عامر، يدعي علاج الجن والشياطين وإخراجهم من الأجساد، ليقوم بمهمة تدريس طلاب الكلية مقرر (الصراع العربي الصهيوني) الذي استحدثته الجماعة بعد سيطرتها على صنعاء، إلى جانب الثقافة الإسلامية، بينما يتفرغ الرجل لسرد خرافات جماعته على الطلاب دون أية منهجية ولا احترام للتنوع القائم في الجامعة.

يقول غالب لطلابه إنه لن ينجح في مادته إلا "المؤمن الصادق"، وكان من ضمن أسئلته العام الماضي سؤال: "ماذا تعرف عن عبدالملك بدرالدين الحوثي؟"، فتلك المادة مجرد غطاء للنشر المباشر لفكر الجامعة، ومؤخرا طلب من الطلاب شراء المنهج الجديد من نفس المقرر، الذي تم تعديله قبل أسبوع واحد، ويكلف الطلاب باستمرار بالبحث عن معلومات غريبة تدعم رأي ومعتقد جماعته دون سواها.

غالب عامر، هو النموذج الذي يريده الحوثيون لأستاذ الجامعة، ويقومون بالتضييق على كل من يقدم مادة علمية محترمة لطلابه، وكان الدكتور عدنان المقطري أستاذ العلوم السياسية ونائب عميد الكلية قد تعرض للإهانة بالسحب وتمزيق ثيابه من قبل عناصر في حراسة الجامعة، لولا أن طلابه الشجعان دافعوا عنه ومنعوهم من اعتقاله حتى تدخل عميد الكلية ورئيس الجامعة ووقف تلك العناصر عن متابعة مهمتها.

الدكتور المقطري بحكم تخصصه في العلوم السياسية قدم لطلابه شرحاً عن وسائل انتقال السلطة ومن ضمنها الانتخابات، وأبدى موقفاً رافضاً للانقلاب كوسيلة للسيطرة على السلطة، فقام المسلحون التابعون للجماعة بمحاولة اعتقاله بطريقة أهانت كل أستاذ جامعي، وكل مواطن يمني أيضاً، وما زال توعدهم ضده قائماً، بحجة أنه يحرض الطلاب ضد الجماعة، رغم أنه لم يقم بذلك فعلياً، لكنه يقدم مادته كأكاديمي محترم لا أكثر.

دافع طلاب المقطري عنه بقوة، واحتفلوا بحضوره صباح اليوم التالي لدرجة حدثت فيها اشتباكات بالأيدي ضد طالب حوثي رمى زميلاً له بكتابه عندما اعترض على ما قام به الحوثيون ضد أستاذه.

قمع أي صوت يرتفع ضد الجماعة حتى بشكل غير مباشر سياسة حوثية متبعة في مناطق سيطرة الجماعة، والدكتور المقطري كان نموذجاً لذلك، كونه أستاذاً يتمتع بحضور قوي واحترام واسع.

من المؤكد أن قمع الحوثيين سيؤدي إلى صمت بعض طلاب وأساتذة الجامعة، خاصة لو طال به الوقت كصاحب سلطة، لكن مؤشرات ردود أفعال الطلاب حتى الآن تقول بأن الجامعة لن تركع للكهف.