لماذا يخشى الحوثي المتوحش عدسات الهواتف؟

السياسية - Tuesday 18 December 2018 الساعة 08:57 am
صنعاء، نيوزيمن، نجوى إسماعيل:

يزداد توحش ميليشيا الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، يوماً عن آخر، في صنعاء وبقية المناطق الواقعة تحت سيطرتها، مع كم هائل من الانتهاكات بحق المواطنين، وصلت حد انتهاك الخصوصية.

غير أن ثمة عدوانية أكثر توحشاً، يمارسها الحوثيون تجاه عدسات الهواتف المحمولة للمواطنين خارج مربع الجماعة السلالي والطائفي، وليس جديداً القول إن جزءاً كبيراً من الانتهاكات بحق المدنيين لأسباب تتعلق بكاميرات أو محتوى جوالتهم الخاصة، فضلاً عن مئات المختطفين لذات السبب.

القمع لتغطية الانتهاكات

ولأن منسوب الانتهاكات التي تمارسها الذراع الإيرانية بحق اليمنيين في مناطق نفوذها، يرتفع من يوم لآخر، فقد اتجهت لمراس الترويع بشتى الوسائل القمعية، لمنع توثيق الانتهاكات وصار من غير الممكن لأي مواطن توثيق حادثة ما في شارع بصنعاء بعدسة هاتفه المحمول.

في هذا السياق، تسرد ذكرى محمد، لـ"نيوزيمن"، تفاصيل قصة عاشتها في صنعاء قائلة: "كنا في جولة الرويشان ننتظر أن تفتح الإشارة، وصادف توقفنا مع مرور سيارات فخمة بداخلها مسلحون وفي فتحات أسقفها أطفال صغار لا يتجاوزون العاشرة، يصرخون بالموت لأمريكا وإسرائيل وآل سعود والمرتزقة والمنافقين".

وتكمل ذكرى: "حاول شاب توثيق تلك اللحظات بكاميرا موبايله وفوجئنا حينها بمسلح يرتدي بزة عسكرية يتجه مسرعاً نحو الشاب ليسحب الهاتف من يده ويتهجم عليه لفظيا بشتائم والفاظ نابية ويقول: "يا مرتزق.. يا عملاء أمريكا وإسرائيل.. أيش بتصور؟! ولم يتركه إلا بعد مسح الفيديوهات وتفتيش الموبايل مع تهديد الشاب بالسحل حال فكر يصور مرة أخرى".

وقد تكرر نفس المشهد عند اعتداء مسلحين يرافقون قياديا حوثيا يكنى (أبو شرف) على سائق تاكسي أجرة في حي حدة، بسبب طلب الأول افساح الشارع ليمر بسيارته، غير أن مرافقي القيادي الحوثي ترجلوا من السيارات وسحبوا سائق التاكسي من فوق مقود السيارة وانهالوا عليه بالضرب.

وعلى مقربة من الحادثة، حاولت فتاة شابة تصوير الاعتداء الذي صادف وقوعه لحظة تواجدها في المكان، وحين لاحظها أحد المسلحين توجه نحوها وسحب الموبايل من يدها وقال بصوت مرتفع: "ما بتفعلي يا بنت الحرام؟ تشتي تصوري وتسيري تنشري"، ومن ثم ضرب رأس سائق التاكسي بتلفون الفتاة ورمى الهاتف على الأرض.

تقول أم كمال، وهي تربوية في مديرية معين بصنعاء: "بسبب القمع الحوثي أصبح الكثير من مواطني صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة، يعزفون عن استخدام كاميرات تلفوناتهم الشخصية".

وتضيف: "تعرضت ذات مرة لتهجم ومحاولة كسر تلفوني عندما أخرجته بشكل عفوي لأرى من يتصل بي وفي ذات الوقت كان يوجد مشرف حوثي يتعامل بطريقة سيئة جدا مع موظف بأحد المكاتب الحكومية لغرض تمرير إحدى المعاملات وهي مخالفة".

وتؤكد أم كمال في حديثها لـ"نيوزيمن"، أن هناك انتهاكات طالت زميلات لها بسبب استخدام تلفوناتهن المحمولة، في أماكن تشهد حوادث يكون الحوثيون طرفا فيها ويكون هناك ما يظهر تصرفاتهم الهمجية والقمعية".

لا خبز.. لا تظاهرات

يمارس الحوثي سلوكا قمعيا على المجتمع اليمني، في منع أي مظاهرات أو احتجاجات تخرج للمطالبة بالحقوق الأساسية والحياتية، وصل حد ضرب المتظاهرات من النساء واعتقالهن واختطافهن.

تقول صابرين الجبري، وهي طالبة في جامعة صنعاء، لـ"نيوزيمن": "سمعنا قياديا حوثيا يقول لأنصار الجماعة في أحد اللقاءات بالجامعة بعد قمع انتفاضة الجياع في 6 أكتوبر الماضي: (لو استدعى الأمر أن نقمع مليون متظاهر ولو بالحديد والنار ولو يذهبون بلا عودة فلن نتراجع ولن نتسامح)".

وتنقل صابرين قول القيادي الحوثي باللهجة العامية: (ما احناش مغفلين سعما صالح، هي رصاصة قيمة لكل راس يتقفز وضبطنا الأمور والبقية عيفهموا الدرس).

ولم تكن تلك أول مرة يعتدي فيها الحوثيون على نساء في صنعاء، إذ سبق وأن اعتدوا على مجموعة فتيات خرجن يطالبن بجثمان الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، بعد أيام من استشهاده في ديسمبر 2017 وإخفاء جثته، في حين اختطفوا العشرات منهن، وتحدثت مصادر عن تعرضهن للضرب والتعذيب.

وعملت جماعة الحوثي على إسكات كل صوت نسائي يطالب بإطلاق المعتقلين أو يوجه النقد أيا كان للجماعة الموالية لإيران.

ويقول العزي المذحجي تعليقا على السلوك القمعي للميليشيا الحوثية: "يخافون من كل صوت يقول لهم يكفي عبث يكفي فساد، يقمعون بكل دموية لا يقدرون أي نصيحة لصالح المواطنين أو لصالحهم، كل يوم يتأكد لنا بأن التعايش مع هذه الجماعة سيكون مستحيلا مع وضوح تصرفاتها القمعية يوما بعد يوم".

الحوثي يستنسخ نموذج "داعش"

ويرى عدد من المتابعين بأن ميليشيا الحوثي تستنسخ سلوك "داعش" في العاصمة صنعاء، بحيث تعتقد أن الإرهاب والقمع الوحشي للسكان في مناطق سيطرتها سيجبرهم على الرضوخ تحت الحديد والنار.

وتقول الناشطة الشابة ريم سلامة لـ"نيوزيمن"، تعليقا على هذه النقطة: "الحوثيون مثل داعش ولا فرق بينهما.. حتى فرق الزينبيات (كتائب نسائية حوثية مسلحة) متطرفات بقوة في كل سلوكهن".

وتتابع: "لم يبق شيء لم يفعله الحوثيون.. أغلقوا مراكز خياطة نسائية وقالوا (حرام) وكذلك محلات الكوافير النسائية اتهموهن بأنهن محلات للرذيلة"، وحتى الجامعات والمعاهد يريدون فصل الذكور والاناث لمنع الاختلاط وكل يوم نسمع محاضراتهم في الإذاعات والقنوات التابعة لهم عن فساد النساء والحرب الناعمة".

ولا تستبعد ريم أن يكون الحوثيون يحضرون لإجراءات أكثر تطرفا حيث قالت في سياق حديثها لـ"نيوزيمن"، ساخرة: "يمكن بيوم نصحى واحنا ممنوعات من الخروج. ممنوعات من التعليم.. ممنوعات من الاحتفال بأعراسنا ومناسباتنا كما تعودنا". في حين أشارت إلى ممارسات حوثية قمعية على طريقة داعش تتعرض لها النساء في محافظة عمران شمالي صنعاء.

ولا يتردد الحوثيون، عن استحضار المنطق الديني، لتبرير الانتهاكات القمعية للمدنيين، إذ يقولون إن الممارسات العدوانية بغرض حماية المجتمع اليمني (المحافظ أصلاً) من الانحلال والضياع ومنع انجراره خلف الأفكار الغربية والصهيونية.