.. والآن: النوايا البريطانية تمتحن في الساحل الغربي لليمن

السياسية - Saturday 22 December 2018 الساعة 04:46 pm
المخا، نيوزيمن، أمين الوائلي:

لا تبدو الأمور أقل ضبابية، أو أقل غموضاً، حتى بعد صدور القرار الدولي المكرَّس لاعتماد اتفاقات استوكهولم ملزمة النفاذ. إذ تخلو الديباجات هنا، كما في الاتفاق، من إشارات واضحة إلى آلية واضحة ومنضبطة.

يعتمد كل شيء على جهود آنية ويومية مرهقة ينبغي أن ينخرط بها غريفيث ومساعدوه والبعثة الأممية مع الطرفين ساعة بساعة.

ومع افتراض بأن هذا سيكون متوافراً على الدوام، فإن افتقار المهمة الأممية للبعثة إلى ضمانات ملزمة بوجوب التنفيذ المجدول والصارم، فإن غريفيث يراهن هنا على "حسن نوايا الأطراف".

* مراقبون بدون سلاح

تحدث المبعوث الدولي الخاص لليمن مارتن غريفيث، عن المراقبين غير المسلحين الذين من المقرر أن يتمركزوا في مناطق رئيسة في الحديدة، والدور الذي ستقوم به الأمم المتحدة لدعم إدارة الميناء.

ومن المقرر أن يصل، السبت، الجنرال الهولندي باتريك كمارت وفريقه، غداة صدور قرار مجلس الأمن الدولي الذي فوضه رسمياً بالعمل بناءً على طلب الأمين العام ومبعوثه الخاص لليمن.

مهمة بعثة الأمم المتحدة في الحديدة، تتوزع على مسارين: دعم إدارة الميناء (وموانئ البحر الأحمر)، ولجنة تنسيق إعادة الانتشار تحت قيادة الجنرال باتريك كميرت، وكما بات هذا مكرساً في قرار مجلس الأمن الدولي الأخير (اعتمد بالإجماع يوم الجمعة).

ويطلب القرار تقارير أسبوعية من الأمين العام يرفعها رئيس لجنة المراقبة على الأرض حول الالتزام والتنفيذ الفوري.

وبشأن القدرات المتوافرة للجنة باتريك لتنفيذ هذا الدور على الأرض، كما قُدّم سؤال بهذا المعنى لغريفيث، في حوار مع أخبار الأمم المتحدة، الخميس، قبل يوم من صدور قرار مجلس الأمن، يبين المبعوث الخاص بالقول: "سيـُفصل الأمين العام ذلك في تقرير إلى مجلس الأمن الدولي، تفاصيل بعثة الجنرال كميرت ستكون واضحة عندما يتوجه إلى هناك، وستتضح أيضاً في التقرير المقدم إلى مجلس الأمن".

* بضمانة "حُسن النوايا"!

وبحسب غريفيث، سوف سيتمركز المراقبون غير المسلحين تحت قيادة الجنرال باتريك، في مواقع رئيسة بأنحاء مدينة وميناء الحديدة، مزودين بآلية إبلاغ قوية. ووفق المتصور، ستقدم تقارير أسبوعية إلى مجلس الأمن بشأن الامتثال للاتفاق.

ويردف "أعتقد أن هذا الأمر مهم للغاية ويمنح الثقة للأفراد والمجتمع الدولي ولنا في أن الاتفاق سينفذ".

ولكن قوة الإنفاذ هنا سوف تعتمد، لا على سلطات كافية لضمان التنفيذ والتقيد، بل "سيعتمد أولئك المراقبون غير المسلحين بشكل أساس على حسن نوايا الأطراف".

ومن غير المعروف، ما إذا كانت حسن النوايا، محل الرهان، كافية في حال توافرت بالأساس، لضمان مرور حسن وسلس للاتفاقية المتعلقة بسحب القوات بعد وقف إطلاق النار نهائياً.

* الميناء أهم من وقف إطلاق النار!

وبالانتقال إلى الدور الرئيس الذي ستقوم به الأمم المتحدة لدعم إدارة ميناء الحديدة، يشرح غريفيث "هذا أمر مهم، وقد يكون أكثر أهمية من وقف إطلاق النار نفسه".

والمفهوم هو أن يكون وقف العنف والحرب والقتال، كهدف يأتي أولاً وقبل العمل في إدارة الميناء. لكن غريفيث، كما رأينا، يمنح الأهمية أولاً للجزء الخاص بإدارة الميناء.

وهو يستطرد بالقول، إن "ليز غراندي منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية والتي تتمتع بكفاءة استثنائية، وزملاؤها في وكالات الأمم المتحدة وضعوا خططاً مفصلة لذلك".

وأضاف، "كنا محظوظين في السويد بحضور ممثلين عن مكتبها وبرنامج الأغذية العالمي، الذين كانوا منخرطين للغاية في ذلك منذ البداية. وأعلم أن برنامج الأغذية العالمي، الذي غالباً ما سيقوم بالدور الرئيسي في تعزيز عمل سلطة موانئ البحر الأحمر في اليمن، قد بدأ بالفعل التفكير في كيفية فعل ذلك".

* فراغ "الآليات"

والأمر يتكرر هنا أيضاً، على غرار مهمة وواجبات لجنة باتريك، يعتمد الأمر مجدداً على ما سيقرر فعله برنامج الغذاء وليز غراندي، بشأن إدارة الميناء.

وليست لدينا حتى الآن وثيقة واحدة توضح كيف ينوي المبعوث الخاص ومساعدوه واللجان المعنية، التصرف على الأرض وبصدد الجانب العملي في الميدان.

يتكرس "فراغ الآليات" كنتيجة موازية، لاستعجال الحصول على اتفاقيات، يرى ناقدون أنها "ناقصة، وتعاني من ثغرات"، ومن ثم قرار دولي يكرس مكاسب الرؤية البريطانية الأممية.

* استخلاص خبير أزمات

بيتر ساليسبري، كبير المحللين المتخصصين بالشأن اليمني في مجموعة الأزمات الدولية، بدأ مقالاً مطولاً (أعاد ترجمته ونشره نيوزيمن) حول اتفاق السويد ومقتضياته، بالتأكيد على أن "وقف إطلاق النار في الحديدة هو الخطوة الأولى نحو تنفيذ اتفاق تم التوصل إليه في المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة". وعلى البداية الأهم يبني بقية المقاربات.

وهو يشدد على "أن التقارير المبكرة عن انتهاكات وقف إطلاق النار تبعث على القلق"، قبل أن يرى أنها متوقعة "لعملية من المحتمل أن تصادف بضع العثرات على الطريق".

ويذكِّر بأن مارتن غريفيث "ذهب إلى السويد وبجعبته قائمة طويلة من الأمنيات"، لكن ما حصل عليه، تركز على موضوع الحديدة بصفة أساسية.

ويجزم خبير الأزمات الدولية، في هذا الصدد "ستكون الأسابيع القليلة القادمة بمثابة عمل مجهد بالنسبة لمبعوث الأمم المتحدة وفريقه، مع وجود الصعاب التي تجمعت ضدهم".

موجزاً القول "جاء اتفاق الحديدة في عجلة من أمره، وهاجمه النقاد على أنه غامض للغاية ومفتوح للتأويل".

* والآن.. الامتحان

وقد صارت الآن على السّكة، في الحديدة، ويجب أن نراها تنجز الأعمال بكفاءة وفاعلية، تكون الرؤية البريطانية (التشاركية بين: تحركات الدبلوماسية الرسمية في مجلس الأمن، وتحركات وعمل مارتن غريفيث)، على محك امتحان في الساحل الغربي وعلى شاطئ وبر الحديدة، مدينة ومحافظة وموانئ ثلاثة.

نتيجة هكذا امتحان لن تحسمها، النوايا الطيبة، أو المراهنة على نوايا الحوثيين، كما يصدِّرها ويتبناها البريطانيون.