أوهام المركز وخرافة الانفصال.. معركة صنعاء ومأرب من شبوة إلى تهامة 

السياسية - Monday 07 January 2019 الساعة 04:37 pm
المخا، نيوزيمن، أمجد قرشي:

في حضرموت وشبوة وعدن وحتى الحديدة والساحل الغربي ترافق بروز قوى محلية مع تكالب عتاولة المركزية في صنعاء ومأرب. وفي ظل انهيار دولة ومؤسساتها، حافظ مستثمرو امتيازات الوصاية على نفس الموقف الحدي العدائي تجاه المحليين الذين يغالبون الانقلابيين ويراكمون مكتسبات التعافي. 

لم تفعل مركزية مأرب شيئاً للتهاميين في وجه التغول الحوثي، وعندما تحركت الدماء في شرايين الجسد الأسمر وراح يراكم مكاسب دحر الحوثيين كان مركزيو مأرب صنعاء على السواء يتقاسمون الموقف من قوات تحرير تهامة والساحل المدعومة من التحالف العربي باعتبارها قوة غزو واحتلال إماراتي (!!) ولا يمكن عزل هذا الدور عن ظروف إعاقة استكمال تحرير الحديدة، لحساب المتضررين من بروز قوى محلية جديدة تأخذ مكانها ودورها وتملأ فراغاً تخلف عن غياب الشرعية ودورها هنا.

جميع الذين أوقدوا لتقويض النظام والدولة كانوا يقولون إنهم إنما يفعلون ذلك ضد أخطاء نظام صالح، وخصوصاً في صعدة وفي الجنوب، وهم الذين قالوا ما إن يسقط النظام حتى يعم الرخاء والسلام من صعدة وحتى حضرموت. 

وما إن سقط النظام سقطت الدولة وانهارت المؤسسات واكتسح الحوثيون من صعدة أمامهم المحافظات حتى صنعاء ووصولاً إلى عدن. وبقي ثوار 2011 يهاجمون النظام الذي أسقطوه وخلفه نظامهم الذي أسقط والحوثيين الدولة والحياة برمتها.

وعندما استعادت حضرموت وشبوة شيئاً من تعافيهما كمجتمعات محلية وتشكلت أحزمة أمنية من أبنائها لحماية الأمن وضبط إيقاع الحياة وسيرورة مصالح الناس، موفرة مساحة كبيرة من الجغرافيا لتبدأ الشرعية منها رحلة العودة إلى صنعاء، كانت مأرب وصنعاء تمارسان الخطاب الاستعلائي والاستعدائي نفسه، باتجاه شبوة وحضرموت وعدن وأحزمتها، ضد الجنوب الذي قالوا إنهم ثاروا لإنصافه من أخطاء النظام (..) وساروا على نهج أسوأ مما اقترف النظام الذي كان وكانوا هم أسوأ أدواته وأركانه.

انهارت دولة ومركزية صنعاء وسقطت بيد الانقلابيين الحوثيين، وبقي الحوثيون والإخوان ومعهم القاعدة وأخواتها يتحدثون عن وحدة مركزية فقدت مبناها ومعناها، ويؤشرون إلى المظاهر والقوى في الجنوب والشرق باعتبارها "انفصالية" وموالية للإماراتيين، الذين يرحبون بهم ضمن التحالف في دعم مأرب وحمايتها وتمويل جيش الشرعية الوطني المتضخم، أما في حضرموت وعدن وشبوة فإن الدعم والمساعدة تمسي فعل احتلال.

وليست لديهم وصفة بديلة هنا، ويتساوى بديل حوثي أو إخواني طالما والمهم هو أن لا يتمكن الجنوبي الشبواني والحضرمي من أخذ دوره في حماية وتأمين شبوة وحضرموت. 

عقلية الفيد والتسلط والوصابة المركزية في أسوأ تمظهراتها حتى والبلد بلا مركز وبلا دولة وبلا نظام. وهؤلاء هم الذين قوضوا الدولة والمركز والنظام بذرائع انتهازية أهمها حقوق الجنوب وأخطاء دولة المركز المقدس. 

وصار المركز مراكز، وحافظ مركزا صنعاء ومارب على حقوق وراثة وتمثيل سيئات وخطايا الوصاية الاستعلائية المتذرعة الآن أيضاً بدعاوى الحرص على الوحدة، الوحدة التي مزقها الحوثي. أو ضد الانفصال، الانفصال الذي لم يعد له أي معنى الآن في غياب دولة مركزية حاكمة وناظمة يقال إن طرفاً ما يحاول انفصالاً عنها.

نخبة شبوة هم أبناء شبوة، لكنهم في وعي دولة مأرب ليسوا جزءاً من رصيد قوات وجيش الجنرال محسن أو أدوات المرشد الإخواني. كما أنهم في وعي دولة الحوثي ليسوا جزءاً من ممتلكات وولايات كهنة الإمامة وأدوات المرشد الإيراني. وثالث هؤلاء هو القاعدة التي تميع لنفسها مركزاً متماهياً في انعدام مركزية وازنة.

وجد شبوانيو نخبة شبوة، وحضرميو نخبة حضرموت أنفسهم في محيط حرب ضرورس على القاعدة، وكل صباح ومساء يمتلئ الإعلام تحريضاً سياسياً عليهم..
مرة هم الانفصاليون.. ومرة هم أدوات المحتل الإماراتي الذي يدعم حرب تحرير صنعاء ودعم آل عفاش.

هم الوحدة وهم الانفصال في نفس السطر الديني المركزي بكل تنوعه. هم عند إعلام حلفاء 2011 كل الشرور. قوة تنظيمية يستعديها تحالف المتصارعين: الإخوان والحوثي والقاعدة. ولا يمكن القول بأنهم مبرأون من الخطأ، ومن ذا الذي هو كذلك أصلاً. ثم هل نحن في ظروف حرب أم نتحدث عن الرأي والرأي الآخر.
لماذا، فقط، حين نتحدث عن شبوة وحضرموت وعدن، يتحول الأمر عندنا نقاشاً سياسياً وحملات انتخابية؟

وإذا كنا نتحدث عن أخطاء نظام الرئيس علي عبدالله صالح، رحمه الله، فما هي، إذاً، الأخطاء التي نحن ضدها؟ إن لم يكن التعامل مع المجتمعات المحلية والجنوب وتهامة وحتى مأرب. فماهي إذاً..

أثبتت الأحداث أن الجيوش ليست وسيلة لشيء، وأن المجتمع المحلي ورضاه هم من سيقرر حاضر ومستقبل دولته. ويمكن معالجة الأخطاء بتعميق الوعي المشترك وتبادل الاعتراف ببعض.