إعادة تشكيل الدولة.. أولويات مقترحة لتحسين أداء الحكومة اليمنية

السياسية - Saturday 16 February 2019 الساعة 07:29 pm
صنعاء، نيوزيمن، مهدي العمراني:

أوصى منتدى رواد التنمية، الحكومة اليمنية بإجراء خطوات عملية لدعم استقرار العملة المحلية بناءً على التقدم الملموس في استقرار الريال اليمني وأسعار الصرف في السوق.

وحث المنتدى حكومة معين عبدالملك على أهمية دفع مرتبات موظفي القطاع العام والمتقاعدين والمعاشات الحكومية بشكل منتظم ودون انقطاع، معتبرا أن تحقيق الاستقرار في محافظة عدن من اﻷوﻟﻮﻳﺎت اﻟﻔﻮرﻳﺔ التي يتوجب على الحكومة القيام بها، واجمع المشاركون في مناقشات المنتدى -المنعقد مؤخرا في العاصمة الاردنية عمان- على وجوب تحويل مدينة عدن إلى نموذج تحذوه المدن اليمنية الأخرى.

ومع إدراكهم أن الحكومة تواجه تحديات فورية تسترعي الاهتمام في جميع أنحاء البلاد، حث رواد التنمية الحكومة على التخطيط والتنفيذ لإجراءات تحضيرية لمستقبل البلاد على المدى المتوسط والطويل، وبدلاً من مجرد معالجة أعراض عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في اليمن، ذكرت توصيات المنتدى أنه ينبغي على الحكومة تبني استراتيجية لمعالجة أسبابها الجذرية.

انتقال سلطات القرار للسلطات المحلية

من أهم الإجراءات اللازمة للتحضير للأولويات على المدى المتوسط والطويل، يوصي رواد التنمية الحكومة بتفعيل وتوسيع أدوار ومسؤوليات السلطات الحكومية المحلية على مستوى المحافظات والمديريات. خلال النزاع، انتقلت سلطة صنع القرار إلى المستوى المحلي، وازدادت لا مركزيتها. على الحكومة أن تبني على هذا الواقع الجديد وأن تستخدمه كمنطلق لإعادة تشكيل الدولة وعلاقتها مع السلطات الحكومية المحلية.

وانقسمت توصيات المنتدى المقدمة للحكومة الى قسمين: (تحقيق مكاسب سريعة "الأولويات الفورية"، وإجراءات للتحضير للأولويات المتوسطة والطويلة الأجل)، واشتملت التوصيات الفورية على ثلاثة محاور هي: (إجراءات لدعم استقرار العملة المحلية، الدفع المنتظم لمرتبات القطاع العام والمتقاعدين الحكوميين، إجراءات تحقيق الاستقرار في محافظة عدن وتحويلها إلى نموذج). فيما تضمنت توصيات القسم الثاني الخاصة بالإجراءات للتحضير للأولويات المتوسطة والطويلة الأجل، تضمنت تفعيل وتوسيع أدوار ومسؤوليات السلطات المحلية، واستعادة الثقة بالدولة، وتطوير برامج اقتصادية، وزيادة كفاءة الدولة، وإعادة هيكلة الديون.

استقرار سوق العملة

وبهدف استمرار العمل على استقرار العملة المحلية وأسعار صرف العملات، أوصى المنتدى الحكومة بتفعيل جمع الإيرادات المحلية، مثل تحصيل الرسوم والضرائب من الشركات المحلية وكل الخاضعين للضريبة قانونيا، وحماية وزيادة احتياطيات العملات الأجنبية بهدف مساعدة البنك المركزي على تنظيم وتيسير الواردات التجارية وتوفير السلع في السوق المحلية.

ولزيادة احتياطيات العملات الأجنبية، أوصى المنتدى بضرورة إقناع المانحين الدوليين والإقليميين بالإفراج عن أي أموال ما زالت مجمدة بعد نقل مقر البنك المركزي في سبتمبر / أيلول 2016 إلى المركز الرئيسي المؤقت في عدن، ووضع إيداعات إضافية في البنك المركزي تضاف إلى الوديعة السعودية البالغة 2 مليار دولار، بالإضافة تحويل المساعدات الإنسانية عبر البنك المركزي.

تعزيز كفاءة البنك المركزي

وبدلاً من الاعتماد غير المستدام على الوديعة السعودية، حث المنتدى بتحسين استخدام مصادر العملة الأجنبية المختلفة بما فيها حوالات المنظمات الدولية وإيرادات بيع النفط وحوالات المغتربين، بالإضافة الى تحسين إدارة الدين العام والتحكم بالسيولة، مثلاً من خلال إيجاد طرق بديلة لزيادة كمية العملة المحلية التي يديرها البنك المركزي، بخلاف طباعة الأوراق النقدية التي تؤدي إلى التضخم.

وحث المنتدى على تعزيز كفاءة البنك المركزي في عدن لضمان استقرار سعر الصرف وتكامل السياسات المالية والنقدية الحكومية، والتشاور المستمر مع البنوك التجارية والإسلامية في اليمن وكبار المستوردين للمواد الأساسية حول مختلف الآليات واللوائح المتعلقة بتنظيم الاستيراد وتوفير التمويلات اللازمة للمستوردين، وكذا تنظيم ومراقبة شركات ومنشآت الصرافة واستخدامها في تحقيق استقرار أسعار الصرف.

أولوية دفع رواتب الموظفين

وشدد رواد التنمية في توصياتهم المقدمة للحكومة على إعطاء الاولوية لدفع رواتب جميع موظفي القطاع العام في وحدات الجهاز الإداري للدولة في جميع أنحاء البلاد وفقا لبيانات وزارة الخدمة المدنية والتأمينات لعام 2014بما في ذلك موظفي القطاع العام العاملين في قطاعي التعليم والرعاية الصحية، حيث تمثل هذه القطاعات 85% من إجمالي الموظفين في وحدات الجهاز الإداري الدولة.

وشدد المنتدى على استمرار توفير السيولة لصرف معاشات المتقاعدين المشمولين في الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في عموم الجمهورية لكافة المتقاعدين الذين تم استكمال إجراءات ربط معاشاتهم، والتنسيق مع المصارف التجارية والإسلامية اليمنية لضمان دفع رواتب موظفي القطاع العام والمعاشات الحكومية بصورة منتظمة ومباشرة من خلال البنوك.

وحث على وجوب استخدام البيانات البيومترية (بيانات الاستدلال البيولوجي) للحفاظ على الدقة ومنع الاحتيال وتجنب ازدواج الدفعات وضمان وصول الأموال المخصصة لرواتب القطاع العام والمعاشات الحكومية إلى المستفيدين المستهدفين.

تحويل عدن إلى أنموذج

وبشأن تحول عدن إلى أنموذج قالت توصيات المنتدى انه يجب على الحكومة اليمنية أخذ خطوات عملية لتحقيق الاستقرار في المحافظة وتحويلها إلى محافظة عاملة بكامل طاقتها، مع إعطاء الأولوية لتطوير المرافق الاقتصادية والبنية التحتية المحلية، بالإضافة إلى توفير الخدمات الأساسية والأمن، وأوصى المنتدى الحكومة بتقديم رسالة مفادها أنها قادرة على خلق بيئة آمنة يمكن من خلالها إدارة وتطوير المنطقة الحرة، وأن تعالج القضايا التي حدت من تطور عدن على الرغم من سيطرتها على المدينة منذ يوليو /تموز 2015.

وفي هذا السياق أوصى المنتدى بزيادة طاقة المطار والميناء والمصفاة في عدن لتعزيز النشاط التجاري وتوليد إيرادات إضافية، وتقليل الوقت الذي يستغرقه المستوردون لجلب البضائع التجارية إلى اليمن عبر ميناء عدن، والعمل مع المنظمات الدولية وشركات الشحن والتأمين لخفض تكاليف الشحن، وتحسين الخدمات والإجراءات الأمنية في مطار عدن الدولي ودراسة نطاق الرحلات الجوية الدولية وشركات الطيران الإضافية في المطار. وضمان توفير الخدمات الحيوية مثل الرعاية الصحية والكهرباء والمياه، وجمع النفايات والصرف الصحي، ومكافحة تسرب مياه المجاري.

وفي الجانب الأمني في مدينة عدن، أوصى المنتدى بمنع حمل السلاح داخل المدينة وتنفيذ حملات لمنع انتشار الأسلحة، وضمان حرية حركة الأشخاص والبضائع إلى عدن وفي جميع أنحائها، مع معالجة أي انتهاكات مثل تلك التي يتعرض لها المواطنون القادمون من المناطق الشمالية إلى عدن أو من يمرون عبرها، وضبط وردع من يطلبون الرشاوى للسماح بحركة الناس والبضائع.

زيادة كفاءة الدولة

وقدم المنتدى حزمة إجراءات للتحضير للأولويات المتوسطة والطويلة الأجل، تهدف الى تفعيل وتوسيع أدوار ومسؤوليات السلطات المحلية وإعادة تشكيل العلاقة بين الحكومة المركزية والسلطات المحلية على مستوى المحافظات والمديريات، بما يضمن زيادة سلطة صنع القرارات المحلية، واستعادة الثقة وتعزيز الهوية الوطنية والتماهي مع الدولة، وذلك بناءً على فكرة أن الدولة قادرة على منح مواطنيها مستقبلاً أفضل مع تأكيد مبدأ المواطنة المتساوية، والتركيز على حملات التواصل والإعلام لإظهار إنجازات الحكومة في تقديم الخدمات العامة وتطوير البنية التحتية لجميع الناس حول القيم المشتركة التي تزيد من احتمالية التفافهم حول الدولة.

وتحت عنوان (زيادة كفاءة الدولة) أوصى المنتدى بتطوير آلية للتخطيط الاستراتيجي لوضع إجراءات محددة تعزز من أداء الدولة، على سبيل المثال تحسين عمل مؤسسات الدولة وتوفير الخدمات الأساسية والأمن والتنمية المحلية. وإعادة تشكيل الحكومة واستبدالها بحكومة طوارئ/تكنوقراط مصغرة بما يتناسب مع التحديات على الأرض وزيادة الكفاءة والنزاهة، بالإضافة إلى إطلاق سلسلة من حملات الشفافية والمساءلة لتعزيز الثقة بالدولة والإجراءات التي تتخذها الحكومة، مع نشر النتائج.