حجور.. الفزعة المنتظرة بين حسابات القادة وخيارات التحالف

السياسية - Sunday 17 February 2019 الساعة 04:48 pm
عدن، نيوزيمن، عماد طربوش:

المدة الزمنية منذ اندلاع معارك القبائل في حجور ضد مليشيات وحتى اليوم الذي تشهد جبهات حجور هجوماً هو الأعنف، كانت كافية لإحداث تغيير في المعادلة على الأرض من قبل الشرعية وتحديداً من قبل هادي ونائبه علي محسن الأحمر صاحب النفوذ الأهم في الملف العسكري.

معلوم أن قبائل حجور قدمت صورة جديدة عن واقع النزال مع مليشيات التوحش الحوثية، حيث كسرت، وبإمكانات بسيطة وإرادة وموقف وطني مسؤول، شوكة المليشيا وفرضت عليها شروطاً مختلفة في قواعد الاشتباك.

الضجيج الذي تجاوز جغرافيا اليمن للمطالبة بتحرك قوي وفاعل لإسناد قبائل حجور، واستثمار التجربة وتعميمها في عمق الجغرافيا الواقعة تحت سيطرة المليشيا من خلال فتح جيوب مقاومة، هناك من يعتقد أنه لم يصل إلى أذان الرئيس ونائبه وأصحاب القرار في غرف عمليات الشرعية والتحالف.

الحقيقة التي تبدو موجعة ومفجعة في آن، مفادها وجود حسابات أخرى في أذهان القادة الكبار تتعلق بالمصالح والخط العام لسير الحرب وإدارة ملفاته، وهو ما يحتم على حجور أن لا تنتظر فزعة بالصورة التي هي تتخيلها من قبل الشرعية.

تتعامل قيادة الشرعية، وتحديداً علي محسن وهادي وراسمي السياسات الكبار في الإصلاح وجماعات النفود والمصالح، مع حجور وبعدها الحشا، كمشاريع خارج إطار التوجه وخطر يتهدد تصدرهم لمشهد النزال مع المليشيا وفق الطريقة المتبعة منذ سنوات أربع.

ظهرت حجور كالتزام وطني من قبل شريحة اجتماعية هامة ولها حضور في جغرافيا وقوة حجة البشرية، غير أنها بالنسبة لشرعية هادي ومحسن مولود يمني يجب أن يدفن في المهد، وأن لا تتكرر حالات ولادة مشابهة.

حجور بمكوناتها الحزبية ذابت في جسد مجتمعي، وتوحدت الرؤية والهدف، ويقاتل أبناؤها كأفراد أسرة واحدة، وهذا النموذج غير مرغوب فيه من قبل هادي والأحمر، لأنه نموذج غير مصاب بلوثة المصالح والمؤامرات والارتباطات العابرة للمشروع الوطني إلى قعر الجماعات والشلل المحتكرة لصلاحيات الفعل على الأرض.

وبما أن المقاتلين في حجور ليسوا في إطار ألوية ووحدات الجيش الوطني وغير مؤطرين بسجلات هادي ومحسن فلن تتحرك الوحدات العسكرية في محور حرض ميدي للالتحام بحاملي بنادق الحرية الوطني في جبال حجور الشامخة كرجالها الأبطال.

وعند المقارنة بين الإسناد الإعلامي لحجور من قبل من يحسبون على الشرعية والابتهاج بفوز منتخب قطر بكأس آسيا، يظهر الموقف الحقيقي في التعاطي مع معركة الكرامة الوطنية في حجور على منابر الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وإن وجد قليل من التغطية فهي لذر الرماد على العيون فقط.

إسناد حجور بشكل فعال والتحام وحدات الجيش الوطني الموجود على بعد 20 كم منها يعني تحرير نصف محافظة حجة، وفتح أبواب جهنم على مليشيات الحوثي الانقلابية في عمران وصعدة، وهذا وإن كان أولوية بالنسبة للشرعية، غير أن حصوله من نافذة حجور ليس مقبولاً لدى الممسكين بزمام الأمر والتحرك العسكري.

كما أن التحرك لاستثمار انتفاضة حجور في عمق السيطرة الحوثية أمر مقلق بالنسبة لمن يعتاشون على مخططات التطهير من نهم وصرواح وحوبان تعز وقانية البيضاء، مع كل الاحترام والتقدير للأبطال من عناصر الجيش الوطني الذين يقدمون صوراً ناصعة من التضحية والفداء.

لن يذهب علي محسن إلى المشاركة فى صنع انتصار كبير على أرض حجة من نافذة حجور، لأن هذا سيفتح المجال أمام التحالف العربي للبحث عن خيارات مماثلة في العمق الحوثي وبأدوات قد تكون مختلفة أو غير محسوبة على ارتباطاته، وهنا ستختلط الأوراق، وقد تتغير الأولويات، وهذا ما لا يمكن أن يسمح به الرئيس هادي ونائبه.

من أسهم في إعطاب ماكينة تحرير الحديدة بانصياعه لإملاءات دولية وافقت توجهاته لا يمكن أن يقبل بنجاح جبهة أخرى تحقق إنجازات عسكرية على مسرح العمليات، كون هذا الإنجاز يهدد سجل فشله الذي راكمه طيلة 4 سنوات باستثناء القليل من النجاح.

ويبقى الحديث عن موعد وصول الدعم والإسناد من الشرعية إلى حجور لتمتين جدار الصمود ومنع أي اختراقات حوثية مرهوناً بدور مختلف للتحالف العربي وتحديداً الرياض في تجاوز الخطوط العريضة التي يرسمها الجنرال محسن وهادي والمختصون بإدارة العمليات العسكرية..

يكفي التحالف العربي أن صمود حجور وبطولات رجالها وفرت عليه جهداً استخباراتياً كبيراً من خلال تنشيط التحركات الحوثية لتعزيز مقاتليها في حجور، وبذلك أصبحت آليات ومجاميع الحوثي هدفاً سهلاً لاصطيادها، وهو ما كان يحتاج جهداً وكلفة ووقتاً لجمع هذا الكم من الإحداثيات التي توافرت وفي جغرافيا محدودة.

وعلى هذه الجزئية يمكن للتحالف العربي القياس والنظر في خيارات لا نقول بديلة، بل مصاحبة للخيارات المعتمدة منذ بداية الحرب، والتي يحتكر قادة الشرعية العسكريون تحديد مساراتها وأدواتها.