الحوثيون.. مشروع خنق الشباب

السياسية - Wednesday 20 March 2019 الساعة 08:19 am
صنعاء، نيوزيمن، عمر القاضي:

إغلاق المقاهي، المتنفس الوحيد المتبقي بحُجة الاختلاط..
طمس صور النساء من اللوحات الدعائية بحجة ظهور عورتهن في الإعلانات.. إزالة تماثيل الدعاية الخاصة بعرض الملابس.. منع الغناء في المهرجانات والاختلاط.. والآن حلاقات شعر ممنوعة وتحديد الحلاقات المصرح بها.. هو نفس المشروع الطائفي الديني الإرهابي المتشدد الذي كانت تطبقه داعش في ولاياتها يطبقه الحوثيون الآن في المناطق التي يسيطرون عليها.

ولولا ان المجتمع يقاوم ويكافح هذا الفكر والانغلاق الذي تخلص منه منذ ثورة 26 سبتمبر أو حتى من قبل هذه الثورة العظيمة لكانت أصبحت صنعاء اليوم وبقية المحافظات التي يسيطرون عليها كإحدى ولايات داعش ولكانوا أصدروا قوانين حازمة لمعاقبة أي ممارسات طبيعية اعتاد عليها المجتمع المنفتح ومعاقبة كل من يصنعها..

يحاول الحوثيون تطبيق فكرهم المتشدد في صنعاء منذ دخولها وهم يقمعون كل ما تبقى من آثار الحياة والحريات..

قرأت خبرا قبل فترة قصيرة لفتاة إيرانية شابة لاقت فيديوهاتها التي تنشرها في أحد حساباتها على السوشيال ميديا وهي بدون حجاب، ولاقى ذلك سخطا كبيرا، فقد قامت السلطات الإيرانية بسجن الفتاة ومعاقبتها واجبارها على عمل فيديو تنصح به الشابات أتباع الدلة وقواعدها الأخلاقية التي وضعتها.. بالتزامن مع هذا الخبر حدثتني إحدى الصديقات المشهورات في السوشيال ميديا عن كمية الرسائل التي تصلها من الشباب الذين يعتنقون الفكر الحوثي وكذا أبناء قيادات منهم وهم يهددونها بشتى أنواع التهديدات، وأنها لن تستطيع العودة إلى اليمن إذا لم تتوقف عن نشاطها وتصوير الفيديوهات ونشرها على موقعها في انستقرام وبقية المواقع.. هذا التنمر الذي يعتنقه الكثير من الشباب الآن ويمارسومه على الكثير من رواد مواقع التواصل ليس الا امتدادا للفكر الذي يسعى الحوثيون لنشره وهو استنساخ للتجربة الإيرانية المتشددة على المجتمع!

قمع الحريات ليس بالأمر الجديد الآن، فقد بدأ الحوثيون بممارسة هذه التصرفات، ومحاولة فرض افكارهم المتشددة في المناطق المسيطرين عليها منذ أول يوم لهم في سلطة الأمر الواقع..

أتذكر يوم أن قام أفراد متطرفون من جماعة الحوثي بإغلاق مقهى "بُن وقشر" الذي افتتح في أحد الأحياء في صنعاء القديمة الذي أنشئ بطريقة يمنية بحتة أعادت البن اليمني الأصيل والطرق اليمنية القديمة "طريقة التقطير" ويحمل النكهة اليمنية في اسمه وديكوره ومكانه.. قاموا بإغلاقة بطريقة همجية وطرد الزبائن الذين كانوا يتواجدون بداخله بذريعة الاختلاط بعد أن حظي بإقبال كبير من المجتمع.. بالإضافة إلى إغلاق مون كافيه في ذات الفترة ونشر الرعب بين الشباب، ناهيك عن العدد الكبير من المقاهي والكافيهات التي قاموا بإغلاقها بنفس الذريعة، وكذلك فرض قانون على المقاهي بفصل أماكن الرجال عن النساء ومنع الجلوس معاً..

لا شك أن مثل هذه التصرفات ستمنع الشباب من الاختلاط في الأماكن العامة لكنها ستحرضهم على الاختلاط في الأمكان المغلقة نظرا لعدم وجود بدائل آمنة لهم وللرعب الذي بثوه في نفوسهم.

وقبل شهر بالتحديد أيضاً قام الحوثيون بإيقاف حفل تخرج في الجامعة الماليزية، وإيقاف الفنان عن الغناء، وفرض توقف الحفل، وإنزال الفنان من على المسرح.. عم الحزن، والتشاؤم ملا الجو العام في ذلك المكان، وخرج كل من في ذلك الحفل مكسورين.

لا ننسى أيضاً مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان الذي يقام في عدة دول عربية وأجنبية منذ سنوات عدة وكان سيقام في اليمن لأول مرة.. بعد تجهيزات أخذت من فريق العمل أربعة أشهر وأخذ التصريحات اللازمة، وقبل ثلاثة أيام من إقامة المهرجان قام الحوثيون بإيقاف المنظمة ومنع إقامة المهرجان، وتهديد القائمين على المهرجان بصريح العبارة أنه سيتم سجنهم والتحقيق معهم، وأن المهرجان لو كان ذا أهمية أنه سيعرض أفلاما عن "العدوان"، وإما أن يتم إضافة أفلام تتوافق مع سياساتهم أو يوقفوا المهرجان..
كسروا حماس الكثير من الجمهور الذي انتظر هذا المهرجان قريبا ومحو جهود الفريق والتعب الذي واجهوه لمدة أربعة أشهر..

وقبل أيام من انطلاق يوم الفن المفتوح الموافق 14 مارس.. الذي يقوم الفنانون الشباب والشابات بتزيين جدران المدن في عدة دول، وفي العادة تنطلق هذه الحملة من العاصمة صنعاء كل عام منذ خمس سنوات.. لكن هذه المرة قام الحوثيون بمنع الفنانين من استكمال رسوماتهم وقالوا لهم ارسموا عن العدوان أو بطلوا! ثم كتبت إحدى الفنانات على الحائط ماخلونا نرسم..

وأخيراً.. وأنا على يقين أنها لن تكون آخر ممارسات القمع لهذه الجماعة للحريات.. قام الحوثيون بعمل تعميم على طلاب كلية المجتمع يتضمن أنواع حلاقات الشعر الممنوعة والحلاقات المتاحة، وأنه لو تم مخالفة هذا التعميم وأنواع الحلاقات التي اقروها سيتم إيقاف الطالب ومنعه من الدراسة.

تركوا الجوع والفقر الذي ينخر في صدور العديد من المواطنين.. تركوا الأزمات التي نواجهها.. تركوا كل شيء وركزوا على قمع الحريات وقمع الممارسة الطبيعية للحياة وللمواهب ولكل شيء ليطبقوا أفكارهم ويرغموا الشباب بقوة السلاح على إيقاف حياتهم بشكل كامل.!
اللعنة