الهنود في عدن.. التعايش والمحبة

متفرقات - Sunday 24 March 2019 الساعة 10:00 am
عدن، نيوزيمن، محمد علي جسار:

وأنت تمشي في حواري كريتر ينتابك شكلٌ من أشكال الحنين إلى الماضي.. الماضي الجميل، وعندما تدلف إلى حافة الهنود تلحظ هدوءاً قل نظيره في الحواري الأخرى.. فشكل الإنارات الجميل، ونظافة الطريق، وأشكال المنازل ذوي الطابع الهندي يبعث في الروح لون الجمال الأخاذ النقي كنقاوة التعايش في هذه المدينة الجميلة..

يقول الأستاذ أبو عبدالرحمن، وهو أحد الساكنين في حافة الهنود: "في أي مكان إذا تعايشت ثقافتان، كل ثقافة تأخذ وتعطي، لأنها ثقافات حية"، وهذا بالضبط ما حدث في مدينة عدن عموماً وفي كريتر خصوصاً، لأن الثقافة العربية والثقافة الهندية والخليط الذي صار بينهما أنتج جمالاً أخاذاً، وقد تغلب هذا الجمال على عدة عوامل قاسية، وتغلب أيضاً على العنصرية المقيتة التي لم تظهر إلا في جزئية صغيرة في الآونة الأخيرة، لكنها اندثرت سريعاً بفضل جذور المحبة والتعايش والسلام والتي تعيشه هذه المدينة منذ مئات السنين.

يعود أبو عبد الرحمن ليحكي لنا عن نتاج المجتمع العدني وقال: "إن المجتمع العدني مجتمع عاش دون أي حواجز، فالقواسم المشتركة واختلاط الثقافات أسهمت في بناء مجتمع مُحب للآخر ومتسامح مع الجميع"..

أمام مسجد أبو قبة ترى التعايش الجميل بين "العدانية"، هنوداً وعرباً، وعندما تمشي في الحواري ليلاً تسحرك الإضاءات الحمراء الخافتة الملتصقة بالبيوت والأبنية، وقد دُهشنا نحن في نيوزيمن عندما رأينا لافتة باللغة الانجليزية موجودة في مكانها منذ عهد الانجليز..

يخبرنا الأستاذ محمد ناصر، وهو أحد العرب الساكنين في حافة الهنود: "أن التعايش كان السمة الأبرز في هذه المدينة، فقد تربينا وكبرنا معاً نحن والهنود والصومال في هذه المدينة دون أي فارق في التعامل والمعيشة".

وقد رأينا الأطفال يلعبون، من كل الأعراق، ويتكلمون باللهجة العدنية الخالصة، والتي تترك أثراً كبيراً وبصمة في كل من سكن هذه المدينة.

مدينة عدن مدينة النسيج المتكامل والمتداخل.. مدينة قد حوت الجميع، عرباً وهنوداً وصومال، ولأن خليط "الثقافات الحية"، كما قال الأستاذ أبو عبد الرحمن، قد أثر في المجتمع وجعله يعيش جمال التعايش والمحبة والتي تشتهر فيها مدينة عدن منذ زمن بعيد.