اليد البرلمانية توجِّه صفعتين للحوثي في يوم واحد

السياسية - Wednesday 17 April 2019 الساعة 03:37 pm
المخا، نيوزيمن، سهيل القادري:

الساعة العاشرة من صباح السبت الثالث عشر من أغسطس العام 2016، استأنف البرلمان جلساته تحت قبته في صنعاء بحضور 142 نائباً، إثر جهود حثيثة بذلتها قيادة المؤتمر الشعبي العام –صاحب ثلثي المقاعد– في مقدمتها رئيس الحزب، رئيس الجمهورية الراحل علي عبدالله صالح، محاولاً إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مؤسسات الدولة عقب الانقلاب الحوثي، غير أن الطبيعة الانقلابية للميليشيات غدرت بصالح هو الآخر في ديسمبر، بعد حوالى عام من اتفاق سياسي معه، ومع حزبه، فكانت النتيجة تداعيات سياسية وعسكرية وإعلامية أهمها انقلاب الآية على الجبهة البرلمانية، حيث في نفس الساعة العاشرة، واليوم السبت، والتاريخ 13 لكن من أبريل 2019، تلقت الميليشيات صفعة سياسية بالغة بانعقاد جلسة البرلمان في سيئون وبنفس عدد الأعضاء بجلسة صنعاء قبل ما يقارب ثلاث سنوات.

وفي الخندق البرلماني كذلك فشل الحوثيون في حشد الناخبين إلى صناديق الاقتراع بانتخابات تكميلية غير دستورية في 24 دائرة واقعة في مناطق سيطرتهم. 
في الواقع السياسي انتصرت ديمقراطية أبريل على ثيوقراطية وولاية ديسمبر.

مع انعقاد جلسة سيئون توالت ردود أفعال إيجابية من قبل ألوان الطيف اليمني تضمنت مباركة شعبية وسياسية عبرت عن نفسها في حضور نواب الكتل السياسية الممثلة في البرلمان، والتأييد الواسع في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي. وعلى المستوى الخارجي شهدت الجلسة وجوداً دبلوماسياً وإعلامياً، إقليمياً ودولياً، إضافة إلى بيانات رسمية صدرت عن وزارات خارجية عدد من الدول.

الحوثيون وحدهم كانوا في الخندق المقابل لليمنيين، كدأبهم، خاصة وقد أدركوا غباءهم في إفلات ورقة سياسية غاية في الأهمية، فقاموا بأفعال هستيرية بينها اقتحام منازل نواب مشاركين في جلسة سيئون على رأسها منزل سلطان البركاني بصنعاء، وإطلاق التهديدات على ألسنة أبواق الميليشيات بمصادرة ممتلكات هؤلاء النواب، فذكرت وكالة أنبائها أن مجلسها السياسي –رئاسة سلطة الانقلابيين- وجه الجهات المختصة بتطبيق "أحكام الدستور والقانون في حق كل من ثبت مشاركته للتشريع للعدوان"، في إشارة إلى تلفيق تهم الخيانة العظمى.

وفي نفس يوم انعقاد جلسة سيئون أصدر نواب واقعون في القبضة الحوثية بصنعاء بياناً جاء فيه أن "دستور الجمهورية اليمنية واللائحة الداخلية للمجلس ينصان أن مقر مجلس النواب العاصمة صنعاء، وأي اجتماع خارجها باطل وغير دستوري"، وهو صحيح في شقه الأول وفقاً للمحامي (م. ح) المهتم بالشأن البرلماني، ويقول إن المادة الدستورية (66) تنص على أن مقر المجلس صنعاء، إلا أنها أجازت عقد الجلسات خارج العاصمة محيلة إلى اللائحة البرلمانية تحديد الظروف التي يمكن فيها للمجلس عقد جلساته خارج العاصمة. ويوضح أن المادة اللائحية (5) نصت على جواز عقد الجلسات بأي مكان غير صنعاء في حالة الظروف القاهرة، مع دعوة رئيس الجمهورية أو مقترح رئاسة النواب، وبموافقة أغلبية الأعضاء، ما ينطبق على جلسة سيئون.

مؤشرات الانتصار

بقراءة سياسية سريعة، يرى مراقبون أن استئناف النواب جلساتهم كان نتيجة طبيعية لتسرب رجال صالح من صنعاء إثر الانقلاب الحوثي الثاني في ديسمبر، ويشكل منعطفاً سياسياً مهماً.

شرعية المجلس محل إجماع داخلي وخارجي أهّله ليكون أهم أداة سياسية في أية تسويات قادمة، وبتوجه الرئيس الراحل في البداية لتدارك تقاليد الدولة أتاح لسلطات صنعاء وقتها متنفساً سياسياً يكسر عزلة صنعاء الدولية الناجمة عن الانقلاب، وخلال تواجد أغلب النواب في صنعاء قبل انقلاب ديسمبر على صالح ظلت الشرعية البرلمانية –المرتبطة بتوافر الأغلبية بطبيعة الحال- في خندق صنعاء ما وفر إمكانية فتح قنوات مع الخارج سواءً بالمشاركة في عدة فعاليات برلمانية خارجية عبر النائبين أحمد الكحلاني وزكريا الزكري، أو تبادل الرسائل، أو استقبال عدد من الدبلوماسيين الأجانب.

وبالمنعطف الجديد تكتمل مشروعية الحكومة الشرعية في عدن ما يساعد على المزيد من تفعيل دورها السياسي والوظيفي.

وعلى الصعيد الحزبي، عبرت عودة البرلمان عن انتعاش المؤتمر الشعبي العام وتمكنه من ترتيب أوراقه المتأثرة سلباً بأزمة 2011، والانقلابيين الحوثيين في 21 سبتمبر 2014، و2 ديسمبر 2017، ويعد المؤتمر ذو التوجه الليبرالي الوسطي عامل توازن أيديولوجي وسياسي بين القوى السياسية، الجماهيرية والعقائدية، الأمر الذي يمنحه قبولاً داخلياً وخارجياً.

كما أن استئناف التئام النواب في سيئون يشير إلى نجاح توافقات سياسية بين مكونات العملية السياسية الديمقراطية، من المتوقع انعكاسها إيجابياً على المشهد العسكري لصالح السلطة الشرعية، إلى جانب ما يمكن أن يلعبه النواب من خلال مناصريهم في مختلف المناطق اليمنية، كون أكثرهم واجهات اجتماعية لها وزنها الشعبي.

صفعة انتخابية

وعلى ذات الجبهة البرلمانية، لكن في مضمار آخر تعرض الانقلاب الحوثي لهزيمة أرادها انتصاراً، بضآلة التفاعل الجماهيري مع انتخابات تكميلية نيابية في 24 دائرة تقع تحت القبضة الأمنية للانقلاب.

وخلافاً للمظاهر الكرنفالية الدعائية لحالات التحشدات اتسمت تغطية إعلام الانقلابيين لاقتراع الناخبين بالبرود، بسبب العزوف الشعبي في أغلب الدوائر عن المشاركة رغماً من ترشح أشخاص ينتمون لأسر اجتماعية تقليدية ذات ثقل بين الناس.

أعلن الحوثيون نتائج الانتخابات، التي غابت عنها الأحزاب السياسية المهمة، مشيرين إلى نسبة مشاركة في الاقتراع وصلت واحداً وخمسين بالمئة. غير أن شهود عيان أكدوا تدني تواجد الناخبين في مراكز الاقتراع، في حين أفاد مصدر في لجنة الانتخابات العليا التابعة للحوثيين التلاعب ببيانات نتائج الاقتراع، الأمر الذي تؤكده عينات من أرقام النتائج على مستوى الدوائر، منها الدائرة الثامنة والثمانين، والواحدة والتسعين، إذ نال الفائز في أولاهما قرابة ألف وسبعمائة صوت بنسبة تقل عن الربع مقارنة بما حصل عليه الفائز في انتخابات 3002، وفي الثانية حاز الفائز نسبة تقل عن ثلث ما نالها الفائز في الانتخابات السابقة، بينما حصل بقية المرشحين على أصوات في أفضل حالاتها لا تتعدى المئات في الدائرتين، مع الإشارة إلى أن هاتين الدائرتين من بين الدوائر ذات المشاركة المرتفعة.

واكتفى الحوثيون، الذين شكلوا لجاناً انتخابية من الموالين لهم سواءً في اللجان الإشرافية، أو ما تحتها بذكر أرقام عامة تجاهلت النتائج على مستوى كل دائرة لدى تغطية للإخفاق في الجبهة البرلمانية.

ومن تسرب النواب نحو سيئون إلى فشل الانتخابات التكميلية يسقط الحوثيون في جولة جديدة سعت خلالها جاهدة لصبغ الانقلاب بأي مسحة شرعية.