تاريخ المخا أو "مخن" الحميرية.. مدينة التجارة حكم أهلها سواحل أفريقية باسم أمير المعافر في عهد الملك "كرب إل"

المخا تهامة - Saturday 20 April 2019 الساعة 12:37 am
المخا، نيوزيمن، كتب/ عادل حسين:

إن توسط اليمن بين أمم العالم القديم جعله واسطة للتجارة بينها، بل مصدرا لكثير من السلع من أقدم أزمنة التاريخ، وكان ذلك عبر طرق التجارة البرية القديمة المشهور هو عبر موانئها القديمة، ومنها المخا التي ذكرتها النقوش الحميرية باسم "مخن"، حيث مثلت دوراً تاريخياً هاماً في عهد الحميريين، واتخذتها الدولة الجبائية التي عاصرت الدولة الحميرية ميناءً لها.

وقد عُثر في المخا على عديد نقوش حميرية (خط مسند) مما يدل على أنها كانت عامرة أيام الحميريين، منها حجران بهما نقوش حميرية (خط مسند)، ما زالا إلى اليوم موجودين في مدرسة الشهيد حمود الدخين، هذان الحجران كانا موجودين في الحديقة التي بنيت موضعها المدرسة.

أما قبل هذه الفترة لم نحصل على أي مرجع أو مصدر تاريخي يذكر المخا، والأرجح أنها كانت عامرة، وقد ذكر صاحب كتاب "دليل البحر الارثيري" المعروف بكتاب الطواف أو البربيلوس الذي ألفه صاحبه ما بين عام 50-80م أي في القرن الأول الميلادي، أن سوق المخا "موزا موشح" كان يردها من البضائع ”أنواع الأقمشة الارجوانية، ناعمها وخشنها، وألبسة خيطت على الزي العربي ذات أكمام قد تكون بسيطة أو عادية مطرزة أو موشاة بالذهب.. وأنه وجد المخا مزدحماً بالمراكب والبحارة والتجار، وأن الناس في شغل شاغل بالتجارة وهي مدينة أسواق أقيمت على أساس من القانون وأهلها يحكمون بعض السواحل الإفريقية باسم أمير المعافر في عهد الملك الحميري (كرب إل) المقيم في ظفار... إلخ“.

وبعد اكتشاف الرياح الموسمية في القرن الأول الميلادي سيطر الإغريق والرومان على المنافذ البحرية في بلاد الشام ومصر، وحاولت منافسة العرب في السيطرة على طرق التجارة بتحويلها عبر البحار بدلاً من الطرق البرية، وابتداءً من هذه الفترة أصبحت السفن الرومانية تصل مباشرة إلى الهند، وأخذت مكانة اليمن التجارية بالانحطاط والتدهور، ومما ساعد على ذلك هو انفجار موجة جديدة من الحروب الداخلية في اليمن وانهيار الدولة المركزية، وباستيلاء الأحباش على اليمن 525م انحطت هذه المكانة التجارية لليمن بصورة كاملة.

ومن بزوغ فجر الإسلام إلى أواخر الخلافة العباسية لم تنقل لنا المصادر التاريخية عن دور المخا ومكانة المخا خلال تلك الفترة، غير ما ذكره الإمام الطبري في تاريخه أنه تم مقاتلة أهل ”محا“ -بالحاء المهملة- وأحياء أخرى في حروب الردة.

ولما اتسعت الدولة العباسية وزادت فيها المشاكل السياسية والاجتماعية والعرقية، حاول بعض الولاة الانفصال عن الدولة مركز الخلافة في بغداد؛ فتأسست الدولة الزيادية في اليمن عام 204 هجرية، وبعد ضعف الزياديين تأسست دولة بني نجاح 402 هجرية، واتخذت زبيد عاصمة لها، واستخدم بنو نجاح المخا واسطة لنقل القوات الحربية من الجيش الحبشي إلى سواحل اليمن وزبيد، حيث دارت حروب عديدة بين بني نجاح والملوك الصليحيين في القرن الخامس الهجري.

وفي القرن العاشر الهجري السادس عشر الميلادي تصدت المخا لعدة حملات عسكرية أهمها حملات البرتغاليين التي انتشرت على سواحل اليمن طمعاً في السيطرة على منطقة البحر الأحمر لأهميتها عسكرياً وتجارياً، فكانت هذه الحملات سبباً لتنافس تركيا وبريطانيا في المنطقة، فقد جردت الأولى عدة حملات كان نتيجتها طرد البرتغاليين واحتلال السواحل اليمنية.

وفي أواخر عام 945 هجرية 1538 احتلت تركيا المخا، وبقيت المخا بعد احتلال الأتراك مركزاً عسكرياً يشنون غاراتهم على اليمن.

...يتبع