ثلاثة أشقاء بعمر الزهور يعيلون أسرتهم بإصلاح الإطارات

المخا تهامة - Wednesday 01 May 2019 الساعة 08:05 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

تمسك ربيعة إطار دراجة نارية وتبدأ في إصلاحها بمساعدة شقيقها الأصغر مطري، فيما يقوم أمين بتنظيف القطع الداخلية لسيارة هايلوكس باستخدام جهاز دفع الهواء داخل ورشة لتبديل الإطارات وإصلاحها في سوق النجيبة إحدى المناطق الريفية للمخا.

والأشقاء الثلاثة: ربيعة (12 عاماً)، وأمين (9 أعوام)، ومطري (7 أعوام)، يقومون بعمل أكبر من عمرهم، وهم مضطرون لذلك من أجل إعالة بقية أفراد الأسرة المكونة من ستة أفراد، إضافة إلى والدتهم بعد أن توفي والدهم قبل نحو عام.

لم يكن والدهم "أحمد سيف القمع" منخرطا في أي أعمال عسكرية بقدر ما كان مواطنا عاديا يعمل داخل تلك الورشة كأحد ضحايا الحرب التي أشعلتها المليشيات عندما تلقى تحذيرا من عناصر مليشيات الحوثي أثناء تواجدها قبل تحرير تلك المناطق بأن ورشته المتواضعة مستهدفة في مكيدة خبيثة دفعته لإغلاقها والعمل في محطة للبنزين تبعد بنحو مائة متر من تلك الورشة وبالقرب من ثكنة للمليشيات الحوثية، ذراع إيران في اليمن.

ولأن الأقدار بيد الله فقد نجت ورشته لتبقى كي يعتاش عليها أطفاله من بعده واستهدفت ثكنة المليشيات بصاروخ أفضى إلى وفاته.

خلفت وفاة الأب حزنا عميقا لأسرته، وجعلت أطفاله يعيشون حياة اليتم مع ما تحمله من مشاعر الحرمان والضياع.

ورغم الكارثة التي حلت بهم إلا أن الأطفال الثلاثة بعزيمتهم القوية لم يكن أمامهم سوى العمل في ورشة والدهم ليعتاشوا من عائداتها البسيطة.

لكن منظر الأطفال وهم يعملون بأجسادهم النحيلة مشهد يفطر القلب ويبعث عن حزن عميق لا ينتهي حتى بتساقط دموع الحسرة عليهم شفقة بهم من ظروف العمل القاسية في مثل هذا السن.

فأثر الوفاة لم تخلف حزنا فقط بقدر ما دفعتهم مكرهين للاعتماد على أنفسهم في سوق العمل وفي سن يفترض أن يكونوا فيها على مقاعد الدراسة لا عمال من أجل أن يبقوا على قيد الحياة.

ولذا تعرف أوجه الحرب القبيحة التي أشعلتها مليشيات الحوثي بالمآسي التي تخلفها، والندوب التي تترك آثارها على السكان ممن اكتووا بنارها ولم يتمكنوا من التخلص من أوجاعها وآلامها القاسية.

فمشاهد الفارين والنازحين من أهوالها والمنتقلين من مكان إلى آخر والحاملين لعاهات الألغام المتفجرة وأصحاب القلوب المنكسرة التي غلبها القهر من فراق الأهل والأحبة، آلام يصعب محوها أو نسيانها بسهولة.