صواريخ إيرانية موجهة نحو الخليج.. "فورين بوليسي" و"واشنطن بوست" تكشفان كواليس زيارة بومبيو للعراق

السياسية - Sunday 19 May 2019 الساعة 10:53 pm
نيوزيمن، ترجمة خاصة:

عندما ألغى وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو زيارته إلى ألمانيا الأسبوع الماضي بصورة مفاجئة ليسافر إلى العراق، تاركاً موعده مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ساد الأوساط الدبلوماسية شعور عميق بالقلق، لا سيما أن أسباب بومبيو وراء هذا التغيير في مساره كانت شديد الغموض.

المعلومات تفيد بأن مخزوناً ضخماً لصواريخ باليستية إيرانية عثر عليها في العراق، بحسب ما كشفته "فورين بوليسي" و"واشنطن بوست" عن تقارير استخباراتية ومسؤولين أمريكيين وعراقيين.

وقال رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، إن زيارة بومبيو المفاجئة للعراق، جاءت بعد أن أشارت الاستخبارات الإسرائيلية إلى عثورها على مخزون ضخم من الصواريخ الباليستية الإيرانية في العراق.

وفي مقابلة مع قناة "الشرقية" العراقية، قال علاوي إنه التقى مؤخراً مسؤولين أمريكيين بارزين في العاصمة الأردنية عمان أخبروه بما توصلت إليه المخابرات الإسرائيلية، والذي تضمن "صوراً من الأرض وليس من الأقمار الصناعية فحسب".

وقال علاوي للمحطة التلفزيونية إن "المخابرات الإسرائيلية التقطت صوراً لمنصات الصواريخ في البصرة جنوبي العراق، بعد وقت قصير من قصفها حماس في غزة".

وأضاف علاوي أن "المعلومات الاستخباراتية تظهر أن الصواريخ موجهة إلى دول الخليج، التي تشارك في مواجهات جيوسياسية مع إيران".

ونتيجة لذلك، بحسب "فورين بوليسي"، "قررت الولايات المتحدة إجراء المزيد من التحقيقات حول الأمر والتحدث مع المسؤولين العراقيين المعنيين، وهذا هو السبب وراء زيارة بومبيو".

وتحدثت إدارة ترامب في الأسابيع الأخيرة عن تهديدات إيرانية غير محددة باعتبارها مبرراً لنشر مجموعة من حاملات الطائرات وقاذفات من طراز بي 52 وصواريخ باتريوت في الشرق الأوسط.

وأشارت التقارير الإخبارية إلى أن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن إيران تنقل صواريخ باليستية قصيرة المدى إلى قوارب تستقر في الخليج.

وقال هشام الهاشمي، وهو خبير أمني وسياسي عراقي، لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إنه يعتقد أن المعلومات التي قدمها رئيس الوزراء العراقي الأسبق صحيحة. وأضاف أن الطائرات الإسرائيلية حلقت فوق قواعد قوات الحشد الشعبي في العراق لجمع المعلومات الاستخبارية.

وأوضح الهاشمي أن الصواريخ مخزنة في قواعد في جرف الصخر، وهي مدينة تقع جنوب بغداد وتبعد عنها 64 كم، ومدينة النخيب غرب العراق.

رسالة شديدة اللهجة

وحين جلس وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع المسؤولين العراقيين في بغداد، الأسبوع الماضي، بالتزامن مع تصاعد التوترات بين أمريكا وإيران، بعث برسالة دقيقة وشديدة اللهجة مفادها: "إذا لم تقفوا إلى جانبنا، فتنحوا جانباً"، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.

وتلك الرسالة، بحسب ما نقلته الصحيفة الأمريكية عن اثنين من مسؤولي الحكومة العراقية، توكد موقف العراق الحساس: "حكومته متحالفة مع كلا الجانبين اللذين يخوضان مواجهة تزداد حدةً وتعقيداً".

وتشير الصحيفة بأن هناك مخاوف من أن تعلق بغداد مجدداً وسط النزاع بين الجانبين، بعدما بدأت تتعافى.

ويستضيف العراق أكثر من 5 آلاف جندي أمريكي، كما أنه موطن مليشيات قوية تدعمها إيران، ويريد البعض منهم أن تغادر القوات الأمريكية البلاد.

ويقول المحلل السياسي العراقي واثق الهاشمي لـ"واشنطن بوست": "السؤال الكبير هو كيف سيتعامل القادة العراقيون مع مصالحهم الوطنية في بلدٍ ينتشر فيه الولاء للقوى الخارجية على حساب أمتهم".

وأضاف: "إذا لم يتمكن البلد من وضع تلك المليشيات التي تدعمها إيران تحت السيطرة، فسيصبح العراق ساحة لنزاع أمريكي-إيراني مسلح".

وتقول الصحيفة إنه ليس أمراً جديداً أن يكون العراق ساحة للحروب بالوكالة، إذ يقع البلد ذو الأغلبية الشيعية على خط الصدع بين إيران الشيعية والعالم العربي ذي الأغلبية السنية بزعامة السعودية، ولطالما كان ساحة معركة تتنافس فيه المملكة وإيران على السيادة الإقليمية.

بغداد عالقة في المنتصف

والآن، وسط الصراع المتصاعد بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، صار العراق عرضة لأن يعلق مجدداً في لعبة القوة تلك. وأي هجوم يستهدف المصالح الأمريكية في العراق قد يكون مضراً بجهود البلد الأخيرة للتعافي واستعادة وضعه في العالم العربي.

وفي وقت سابق من هذا العام، أثار ترامب حالة من الغضب في بغداد حين قال إنه يريد بقاء قوات الولايات المتحدة في العراق كي تتمكن من "مراقبة إيران"، وهو ما يشير إلى تغير مهمة القوات الأمريكية هناك.

وقال المسؤولان العراقيان لـ"واشنطن بوست" إن بومبيو قد أشار إلى معلومات استخباراتية تلقتها الولايات المتحدة حول تهديد يواجه القوات الامريكية في العراق، إلا أنه أبقى الأمر غامضاً. وقالا إنه لم يحدد طبيعة ذلك التهديد.

وقال المسؤولان، اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لسرية المعلومات، إن بومبيو قال للعراقيين إن أمريكا لا تتوقع منهم الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة في أي مواجهة مع إيران، ولكن يجب عليهم ألا يقفوا ضد أمريكا. وبعبارة أخرى، عليهم التنحي جانباً.

وبعد بضعة أيام، بينما استمرت التوترات الأمريكية الإيرانية في الاحتدام، أمرت وزارة الخارجية الأمريكية جميع موظفي الحكومة غير الأساسيين وغير الطارئين بمغادرة البلاد.

وقال مسؤولون أمريكيون لـ"واشنطن بوست" إن بومبيو قال للعراقيين إن الولايات المتحدة الأمريكية لها حق أصيل في الدفاع عن نفسها، وستستخدِم هذا الحق في حالة مهاجمة إيران ووكلائها في العراق أو في أي مكان آخر أفراد أو منشآت أو مصالح أمريكية.

وأضاف المسؤولون الأمريكيون وهم ثلاثة، لكنهم غير مخولين بمناقشة الاجتماعات الخاصة في بغداد علناً، وتحدثوا شريطة عدم الإفصاح عن هوياتهم، أن بومبيو لا يفكر في شن أي هجمات وقائية ضد إيران، ولا في استخدام الأراضي العراقية لشن هجمات عسكرية ضد إيران.

وكانت رسالة بومبيو، بحسب المسؤولين، هي أن الولايات المُتحدة ترغب في تجنب الصراع، ولكنها سترد أو تدافع عن نفسها إذا لَزم الأمر.

وقال جنرال في وزارة الدفاع العراقية لـ"واشنطن بوست"، إن العراق يتخذ تدابير أمنية احترازية في ضوء المعلومات المتعلقة بالتهديدات التي تواجهها المصالح الأمريكية، وذلك على الرغم من أن هذه الإجراءات لم تصل إلى أعلى المستويات.

وأضاف الجنرال، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام، أن "القوات العراقية قلقة من أن تستهدف فصائل موالية لإيران القوات الأمريكية"، مشيراً إلى أنه من الممكن أن يُشن أي هجوم على القوات الأمريكية كرد انتقامي إذا نفذت الولايات المتحدة الأمريكية عملية عسكرية ضد إيران.