حسن العديني: لم أترك ناصريتي أبداً ولم أثق بالإصلاح.. وإيران ليست عدوة لإسرائيل - حوار

السياسية - Tuesday 25 June 2019 الساعة 12:05 pm
القاهرة، نيوزيمن، حاوره/ محمد عبده الشجاع:

(1_3)

مدرسة في الصحافة، شديد الملاحظة، حياته كنهر يتجدد باستمرار، ونضاله قلم لا يجف وكلمة لا ترتعش، ناصري الهوى والهُوية، صاحب ذاكرة واسعة؛ حين يحدثك عن الأسماء، والتواريخ، والأحداث، والكتب.

يعتقد أن انتماءه السياسي كان عقبة أمام تدرجه في الوظيفة العامة، عُرف عنه كتاباته الحادة ضد نظام صالح، ينتمي إلى أسرة ريفية زراعية عرفت ب"القُضاة" وما زالت تمارس القضاء حتى اليوم. له كتابات وقراءات سياسية واجتماعية عميقة في الصحافة اليمنية والعربية.

لديه عمود في صحيفة "الخليج" يقدم فيه قراءات دقيقة عن الراهن اليمني والعربي.

حسن العديني "أبو جمال" خريج سياسة واقتصاد جامعة القاهرة، صاحب امتياز صحيفة الأسبوع، أكثر من عرَّى زيف الإسلاميين، وتصدى للكثير من أكاذيبهم، حاولنا في هذا الحوار فتح نافذة للدردشة في بعض القضايا، وما زالت الكثير من النوافذ محكمة الإغلاق. حدثنا عن الكثير من همومه وأحلامه كواحد من هذه الأمة، توقفنا عند الكثير من القضايا، برغم أن الواقع اليمني أكثر إلحاحاً.

* إبراهيم الحمدي وتلك الأيام

> نبدأ من الغداء الأخير.. لماذا لم نرك ضمن المشاركين في تقرير الجزيرة؟

- أولاً سألوني عن حياة الحمدي ولست شاهداً، كل الذي لديَّ هو نفسه ما هو متداول بين الناس، لم يسألني عن شيء وليس لديَّ ما أقوله بالنسبة للغداء الأخير.

أما بالنسبة لحياة الرئيس الحمدي، فقد تحدثت أنه كانت هناك توقعات بأن الرجل كان يعد نفسه، كان شخصاً بارزاً في حياته، كانت أوامره وقراراته قوية ولديه رؤية للإصلاحات، في وقت كان جهاز الدولة مترهلاً، ورجل الدولة الأول لا يحكم في الواقع.

الأهم هو تبني الحمدي برنامج "الثلاثي الأول" الذي يضع أساساً لكيفية عمل خطة خمسية، لأنه لم تكن توجد بيانات لدى الدولة حينها.

كان توجهه واضحاً للناس، وبدأ بإصلاح القوات المسلحة، الرجل جاء مختلفاً في أشياء كثيرة، من ضمنها "المظهر" لأن الرئيس الإرياني كان مظهره ما زال يذكّر الناس بحقبة زمنية ماضية، فجاء الحمدي مختلفاً عمن سبقوه إلى جانب شغله الإداري.

أتذكر بعد صعوده بأيام قليلة جداً بدأ خطابه موجهاً نحو الفساد، عملية بناء الدولة المركزية الحديثة ذات النظام والقانون، وانطلق من مشروع "التعاونيات"، وهي كانت تجمع بين "التعددية والديمقراطية" التي لم يكن يتحدث عنها؛ وإنما في واقع الأمر كانت تمارس، وبدأ الناس بالعمل والتحرك وكان هذا انعكاساً لتوجهات الحاكم، وكانت عملية التنمية هائلة وسريعة؛ لأن الكثير من الشباب شعروا أن الرجل يعبر عن طموحاتهم.

> يُقال حتى المشايخ أنفسهم بدأوا العمل؟

- فعلا بدأوا ينافسون مع بقاء قيمتهم، لكن في أماكن كثيرة كان هناك شباب جديد يهزمهم ويزيحهم.

> لكن السياسة خبيثة كانت ترتب لقتل هذا المشروع؟

- هذه المشكلة. لذا هو ركز على موضوعين: لجان التصحيح المالي والإداري، صحيح أنها كانت بالتعيين، لكنه كان يختار ممن كانوا شباباً.

حتى إن أبي كان يخبرني بأن مظاهر "الرشوة"، على سبيل المثال، تلاشت مرتين بعد الملكية: عقب صعود (السلال) إلى الرئاسة، وأيام الحمدي، إلا أنه قال إن أيام إبراهيم كانت بصورة أكبر وأوضح.

بالنسبة للتعاونيات كانت تجربة تمزج بين "التنمية والديمقراطية" فالناس هنا تختار وتحاسب.

أتذكر حين قام الحمدي بتجميد مجلس الشورى، ثم أعاده قبل أن يجمده من جديد.

وأتذكر حديثاً لجريدة الأهرام، بدأ يتكلم عن مواجهة الفساد، والإصلاح الإداري، عملية بناء الدولة؛ وهو شعار رفعه وظل يعمل عليه، وكرس ذلك في كل خطاباته، "الدولة المدنية الحديثة ذات النظام والقانون".

* صنعاء والذي كان

> نعود إلى صنعاء، هل ستعود هذه المدينة مفتوحة كما عبر عنها الكاتب محمد عبد الولي؟

- صنعاء لم تكن يوماً مدينةً مفتوحة، باستثناء أيام الحمدي الذي حاول أن يفتحها على دول كثيرة، صنعاء ظلت سجناً كبيراً واليمن بشكل عام، اليمن زنزانة كبيرة.

> أنت ككاتب ورئيس تحرير وصاحب امتياز، ألا ترى أنه كان هناك حراكاً غير عادي، بالأمس نشر عبد الرحمن الغابري على صفحته وهو المصور الأول في اليمن، مجموعة صور لمؤتمر نقابة الصحفيين الذي عقد في عام 96م وكان مشهداً نادراً؟

- أتذكر في ذلك المؤتمر كان هناك تحالف بين الإصلاح والمؤتمر، وحُشر فيه حتى الفرَّاشين، أي كل موظفي المؤسسة الإعلامية والصحفية.

أنا يومها عملت نقطة نظام وطالبت بتصحيح البيانات، فتوقف المؤتمر ثلاثة أيام وحين خرجنا دخلوا معانا في حوار، كان ضمن المحاورين (نصر طه مصطفى)، وضمن ما قاله لنا. "إذا كنتم أنتم تحكموا ستفعلون ما نفعله نحن".

> اليوم هل تتصور نفسك كرئيس تحرير أنك في صنعاء مع أسامة ساري وصلاح الدكاك وعابد المهذري والعماد، تنزل صورة السيد في الصفحة الأولى مع الديباجة؟

- أنا لا أستطيع وهم لن يقبلوني، مستحيل أن أصدر صحيفة صفحتها الأولى فيها السيد مع الديباجة، الصحافة ليست مهمتها تبجيل الحاكم مهما كان، حتى لو كان الحاكم مستنير ويعبر عن مطالب الناس، لأنه لا يمكن أن يتحول هذا الحاكم إلى مسخ كبير، عندك الحمدي كنا في أحاديثنا مع الناس ننتقد بعض الجوانب، لأن للنظام ممارسات تتعارض مع طموحات المواطن والتوجه العام.

* الهاشمية السياسية (بعد 26 سبتمبر 1962).

> بالنسبة لمصطلح الهاشمية السياسية كيف قفز فجأة إلى المشهد؟

- الهاشمية السياسية ليست وليدة، هي حكمت اليمن منذ مجيء الإمام (الهادي الرسي).

> أقصد أن هناك جيل تفاجأ بها إلى درجة أنهم اسقطوا دولة؟

- كانت موجودة حتى بعد 26 سبتمبر، موجودة خارج السلطة؛ ترتب لإعادة تموضعها وموجودة داخل السلطة تنافق وتمارس تخريب متعمد؛ حتى تقنع الناس بأن هذا النظام غير صالح للحكم، للعودة إلى الإمامة وايصال النظام إلى مرحلة إنهيار.

> لكن يبدو أن الكثير كانوا يعتقدون أن الثورة غيرت كثير من المفاهيم؟

- مش كلهم أعتقد بعض النخب كانت تدرك أو كثير منها، كانت الهاشمية السياسية موجودة حتى في جهاز الإعلام في المكنة الإعلامية، في مرحلة من المراحل كان الإعلام في الجمهورية العربية اليمنية يتنازعه طرفان "التيار الماركسي والهاشمي"، وكان التيار الماركسي تيار حديث ونشيط في السبعينات وما بعدها.

* لم أترك الناصري واختلفنا بسبب الإصلاح.

> ما يخص تجربتك في الدولة في إطار الوظيفة العامة؟ لم تكن قريباً من الدولة والسلطة ولا بعيداً عنهما؟

- كنت موظف بموجب قانون الخدمة المدنية، لكني لم أخذ حقي في الوظيفة بسبب انتمائي السياسي، فأنا موظف منذ العام 81م.

> أتت مرحلة اتهم فيها العديني أنه بدأ يميل إلى السلطة وأنه ترك الناصرية؟

- لم اترك ناصريتي أبداً، يمكن اختلفت مع زملائي في التنظيم، خلافات حول الأداء التنظيمي، في مرحلة من المراحل أثناء الحوار مع الإصلاح.

> هذا كان سبق حوار المشترك؟

- نعم. وكان الإصلاح يحاورنا من أجل أن يبتز المؤتمر لا أكثر، وقد فشل هذا الحوار، الإصلاح كان يجلس معنا على طاولة واحدة وعينه على المؤتمر، وكانت جماعة الإصلاح تفصح أن هناك عقدة بينهم وبين الحزب الاشتراكي، وأن تقاربهم مع الناصري يمكن أن يسهل التفاهم مع "مجلس التنسيق" الأعلى للمعارضة، ثم دخل الاشتراكي كطرف ولعب (جار الله عمر) دوراً مهماً فيما بعد، انضج فكرة اللقاء المشترك.

أنا كنت متوجس وغير مطمئن إليهم، وكان رأيي ألا نقيم أي تحالف أو تنسيق مع الإصلاح. ولذا أنا اختلفت مع الناصري من داخل التنظيم وليس من خارجه، وكل تنظيم فيه مشاكل.

> هل صحيح أن الناصريين 7 أنفار؟

- هذا ما يقوله الاصلاحيون في تعز.

> أنت من عشاق عبد الناصر وهو شخصية لا يختلف عليه إثنان، ولك موقف من الإتفاقيات التي ابرمها السادات، أنا هنا أريد أن أعرج على "سايكس بيكو" و "كامب ديفيد" للوصول إلى "وارسو"، الى موقف وزير خارجية الشرعية السابق، خالد اليماني، هو يجلس بجوار نتنياهو.. ما هي الفاتورة بالمقابل؟

- إسرائيل في واقع الأمر لا تدفع فواتير أبداً.

> ممكن نقول أن وقوفه بينهما كان صدفة؟

- لا. ليس صدفة. حتى وإن كان المفروض أنه ينسحب.

> المشهد كان مؤذياً؟ مع أنه برر ذلك بأنه من أجل وقف التمدد الإيراني؟

- وقوفه هو مش فقط لأنه جلس بينهم، وإنما من حيث المبدأ المفروض ألا يحضر من الأساس. لديه معركة مع إيران موضوع لا يرتبط بما ذكر، فإسرائيل ليست عدو مباشر لإيران والعكس. إسرائيل عدو للعرب وإيران لن تحرر العرب ولا فلسطين، قضية فلسطين ورقة للضغط والابتزاز.

يتبع…