وقائع وتفاصيل خاصة- غزوات عُباد والشامي والمراني على تجار صنعاء.. مليارات في كرش الحوثي

السياسية - Sunday 18 August 2019 الساعة 08:55 pm
صنعاء، نيوزيمن، فارس جميل:

انتهت غزوة حمود عباد، ومحمد الشامي رئيس مصلحة ضرائب الحوثيين، ضد مركز سيتي ماكس، الذي أغلقوه أواخر أيام رمضان، ولم يتمكن من الفتح إلا بتسوية جائرة دفع فيها مبالغ مالية هائلة، بانتصار مليوني لعباد والشامي، وهزيمة مهينة لرأس المال الوطني، قال مصدر مطلع على القضية في وزارة المالية إن المبلغ الذي التزم به المستثمر المالك للمركز علوان المطحني وإخوته، وصل (721 مليون ريال) كتسوية ضريبية لسنوات ماضية فرضها الحوثيون، رغم وجود وثائق رسمية تثبت سداد المركز كافة الرسوم الضريبية للسنوات الماضية.

بالتزامن مع غزوة عباد/ الشامي، كان مطلق المراني ومسؤولو جهاز الأمن القومي التابع للحوثيين يشنون غزوة أخرى أوسع نطاقاً، شملت كل تجار صنعاء، وأبرزهم الصرافون وتجار الجملة.

قام مسلحون من الجهاز بتفتيش كل المحلات والمراكز التجارية ومحلات الصرافة، وحصروا وحرزوا مئات الملايين من الريالات من الفئات الجديدة التي لا يعترف الحوثيون بها ويحظرون تداولها في مناطق سيطرتهم، ثم تركوها بعد أن حرروا بها محاضر رسمية وانصرفوا.

بعد عيد رمضان مباشرة، قام موظفو الجهاز ذاته بالتواصل مع كل أصحاب المحلات والمراكز التي حرزوا مبالغ من العملة الجديدة فيها، وطلبوا من كل تاجر وصراف الحضور إلى مبنى الجهاز، وتسليم المبلغ المحرز للجهاز، وإلا سيقوم مسلحون من الجهاز بالمهمة حسب التهديد الذي تلقاه التجار يومها.

قال أحد التجار الذين نفذوا أوامر الجهاز وذهبوا لتسليم المبالغ المحرزة، إنه لأول مرة يزور الجهاز، وعندما دخل حاملاً معه بضعة ملايين من العملة الجديدة، تفاجأ بالأكوام الهائلة من الفئات النقدية الجديدة، متراكمة في إحدى القاعات، بمشهد لم يعهده من قبل حتى في ذروة عمل البنك المركزي اليمني، لكنهم طلبوا منه ترك فلوسه والمغادرة دون أي استلام رسمي بها، فقد تمت مصادرتها وانتهى الأمر.

قال الرجل، المبالغ الكبيرة كانت من نصيب مكاتب وشركات الصرافة، فأقل مكتب صرافة سلم للجهاز عدة ملايين، بينما المراكز التجارية ومحلات الجملة احتلت المرتبة الثانية بين مئات الآلاف وبضعة ملايين، وأن هذه المبالغ المقدرة بمليارات الريالات، صادرها الأمن القومي، ولم يعط التجار أية وثيقة استلام، تثبت أنهم سلموا له تلك المبالغ.

قبل عدة أشهر فرض الجهاز على كل محلات وشركات الصرافة تسليمه وبشكل يومي كل البيانات المالية والتداولات والتحويلات التي أرسلها أو استقبلها، مع كل بيانات المستفيدين، وقام عدة مرات بمصادرة أجهزة الحاسوب وسيرفرات وهاردات أي مكتب أو شركة تأخرت عن تسليمه البيانات المطلوبة، ولا تعاد لصاحبها إلا بمبالغ مالية كبيرة، لكنهم التزموا الصمت المطبق، فالتعامل مع الأمن القومي مسألة مرعبة، وهو تحت سيطرة جماعة مسلحة، لا تتمتع بأية مسؤولية أو تفرض أية محاسبة على عناصرها.

ليست هذه الغزوات وحدها، فقد تلتها غزوات أخرى بفعل الانتصارات الهائلة التي حققتها الجماعة ومسلحوها على التجار والمستثمرين اليمنيين، وانتقلت العدوى لمكاتب وجهات أخرى.

مكتب الصحة بالأمانة لصاحبه طه المتوكل وشركاه، نفذ حملات تفتيش مشابهة، شملت محلات العطور وأدوات التجميل، وابتزت التجار ملايين الريالات بدورها.

طلب المكتب من التجار عدم بيع العطور التي تقتصر بياناتها على اللغة الإنجليزية، وضرورة أن تكون بيانات أي صنف من العطور مكتوبة باللغة العربية، وإلا ستتم مصادرتها.

وعندما يحصل مندوب المكتب على ما يريده من مال، ينصرف، ويعود المرة التالية بطلبات جديدة، وهي عدم البيع لأي صنف إلا بعد فحصه لدى المكتب للتأكد من مطابقته للمواصفات.

"المشكلة أنه ليس لديهم أية معامل أو مختبرات، ولا توجد مواصفات يمنية خاصة بالعطور، وهذه الشروط لمجرد المساومة على مبالغ مالية ندفعها دون أي سندات استلام من قبلهم"، قال أحد تجار العطور، وهو يتحدث بمرارة عن
خضوعه كباقي التجار لعمليات ابتزاز شبه يومية.

وآخر تقليعة كانت لمكتب السياحة، الذي يريد فرض رسوم لمصلحته بنسبة 3% من إجمالي مبيعات أي مطعم سياحي بصنعاء، وليس فقط من الأرباح.

"لا أتذكر آخر مرة زارنا فيها سائح عربي أو أجنبي، ولا أدري ما هو دور مكتب السياحة"، قال صاحب مطعم سياحي بصنعاء.

في غزوة المطاعم التي نفذها مكتب الأشغال العامة ومكتب الضرائب على المطاعم الكبيرة والمتوسطة بصنعاء، تمت مطالبة أصحابها بمئات الملايين من الريالات، وبتخصيص مواقف واسعة للسيارات، وأغلقوا الكثير منها لعدة أيام.

طلب الشامي رئيس مصلحة ضرائب الجماعة من كل مطعم مبالغ تقديرية تراوحت بين (150 و450 مليون ريال) كضرائب سنوية، من أصحاب هذه المطاعم حسب
نشاطها وحجمها، وبشكل عشوائي، وطالبهم بتسويات السنوات الماضية التي سبق لهم دفعها كاملة بوثائق رسمية.

وضع مندوبو الضرائب أمام صاحب مطعم شهير مبلغ مليار و200 مليون عليه دفعها عن خمس سنوات، حسب موظف في مكتب ضرائب الأمانة، وأغلقوا المطعم لأيام، لرفض صاحبه الموافقة على هذا المبلغ الخيالي.

بعد فحص المستندات المالية وسجلات الحسابات، تم فرض مبلغ 80 مليون ريال على صاحب المطعم، أي أن المبلغ المطلوب بداية كان قرابة 14 ضعفاً للمبلغ
المستحق على المطعم فعلياً.

"فكرت أنا وإخواني وشركائي بإغلاق المطعم نهائياً، ومغادرة البلاد، لكن ما منعنا هو عشرات العمال الذين يعيلون أسرهم وأطفالهم بالعمل معنا، وأغلبهم طلاب بالجامعة، فخضعنا لما فرضته الجماعة مرغمين، فلا دولة تحمينا منهم، لكن من سيفكر مجدداً بالتورط في الاستثمار هنا؟"، قال مدير مطعم بصنعاء، ثم تساءل: "معروف أن الضرائب تدفع مقابل الخدمات، فما هي الخدمات التي يقدمونها، وحتى رواتب الموظفين صادروها؟ ثم إننا نشعر بالذنب أنهم يستخدمون هذه الأموال لمصلحتهم الشخصية، وما تبقى يصرفونه على قتل إخواننا في الجبهات، لكن ما بيدنا حيلة، فمن سيحمينا منهم إن رفضنا؟".