قطر وإخوان اليمن والشرعية: استغلال أزمة عدن لتصفية حسابات مع التحالف وتصوير الانتقالي الجنوبي بالمنقلب

السياسية - Tuesday 20 August 2019 الساعة 12:22 pm
عدن، نيوزيمن، محمد الجنيدي:

التحم إخوان اليمن وحكومة الشرعية والجزيرة القطرية ببعضهم البعض كالعادة مستغلين أزمة عدن، والأمر ليس جديداً على أدوات قطر للسعي للإيقاع بدول التحالف العربي والانتقالي الجنوبي.

وبدأ عمل الماكينة الإعلامية القطرية والشرعية والإخوانية في اليمن التي تموّل من أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد وتهدف للتشويش على دول التحالف العربي، بدأت منذُ اندلاع مواجهات عدن بين قوات الحزام الأمني من جهة والحماية الرئاسية من جهة أخرى، يوم الخميس 8 أغسطس من الشهر الجاري.

فشل الشرعية

أسباب اندلاع المواجهات بين الحزام الأمني والحماية الرئاسية في مدينة عدن كانت واضحة ولا تحتاج إلى التفسير، بدءاً بفساد الحكومة التي لم تستطع توفير مرتبات منتظمة للموظفين، فضلاً عن عدم اكتراثها بملف الخدمات في المحافظات الجنوبية المحررة الذي يشهد تدهوراً كبيراً، وفشلها في تحرير ولو محافظة شمالية تحتلها جماعة الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، وصولاً إلى استفزازاتها المستمرة للجنوبيين بأعلام الوحدة اليمنية وتذكيرها بها لهم، واستئجار كتائب إعلامية تدافع عن فسادها وتلمع ما هو فاشل أمام المواطنين أصلاً.

ويبدو أن الانتقالي الجنوبي كان يغض النظر عن أشياء كهذه على أمل أن تحرز الحكومة أي جديد، إذ التزم خاصة بدعم تحرير محافظات الشمال التي لا تزال تحتلها الميليشيات الانقلابية وهو ما شكل لها إحراجاً أمام التحالف العربي، وظل يلتزم الصمت لسنوات مضت، غير أن استشهاد قائد اللواء الأول دعم وإسناد العميد منير اليافعي أبواليمامة ورفاقه في معسكر الجلاء بمديرية البريقة في بداية الشهر الجاري، كسر حاجز الصبر والصمت في آن واحد لدى المجلس الانتقالي، ورأى أن عبث الشرعية إذا ما ظل وقتاً أطول لربما يدخل المناطق الجنوبية المحررة في أتون صراع جديد كان الجنوب في غنى عنه.

بداية المواجهات

في السابع من أغسطس حاول مشيعون للشهيد أبواليمامة اقتحام قصر المعاشيق، مقر الحكومة في مدينة كريتر، غير أن الحماية الرئاسية أردت قتلى وجرحى من المدنيين، وهو ما أثار حفيظة المجلس الانتقالي، مفضلاً خيار إنهاء دور الحماية التي بدت ستدخل عدن في فوضى.

وبدأت المواجهات في اليوم الأول الخميس في مناطق ككريتر وخور مكسر قبل أن تتوسع إلى ريمي في مديرية المنصورة ودار سعد والبريقة.

واستخدم الحزام الأمني في المواجهات أسلحة خفيفة ومتوسطة، كما كان يتجنب الدخول في مواجهات مباشرة وجهاً لوجه عارضاً خيار الاستسلام والعفو العام، غير أن ألوية حكومة الشرعية كانت تظن أن ثمة منقذاً سيأتي، رافضة الاستسلام، واستخدمت أسلحة ثقيلة كالدبابات والمدفعية.

وسقطت معسكرات الحماية بفرض الحصار عليها بعد رفضها للحلول السلمية، حيث تجنب الحزام الدخول في مواجهات مباشرة، كون منتسبيها من مناطق جنوبية.

إشكالية الحماية الرئاسية

كانت إشكالية الحماية الرئاسية لدى المجلس الانتقالي ليس لأنها توالي حكومة الشرعية، بل لأنها تأتمر بأمر نائب الرئيس علي محسن الأحمر، كما أنه يتهمها دائماً بإيواء عناصر إرهابية.

ولا تحمي الحماية الرئاسية مدينة عدن منذ سنوات أو حتى المناطق التي تتواجد فيها وتقبع في معسكراتها، فيما يتولى الحزام الأمني حماية المدينة، كما أن الرئيس هادي غائب تماماً عن عدن، وهو ما يثير شكوكاً من غرض إنشائها وليس تواجدها فقط.

آلة إعلامية

في المقابل، لم تتوقف الآلة الإعلامية القطرية والإخوانية اليمنية والشرعية منذ بدء مواجهات عدن، وبدأت بالمناطقية بين الجنوبيين قبل أن يُفشل المجلس الانتقالي هذه الحجة التي طغت على المشهد الجنوبي بهدف اقتتال جنوبي جنوبي، وذلك من خلال العفو العام وعرض خيار الاستسلام لمن لا يقاوم والإفراج عن من أسروا بقبضة الحزام.

وعامل المجلس جنود الحماية وصولاً إلى قيادتها بكل تقدير واحترام، داعياً إياهم إلى الانضمام لهبة الشعب.

كما دعا الجنوبيين إلى عدم القول إن ثمة منتصراً في المواجهات تقديراً للطرف الآخر.

لكن المطبخ القطري وإخوان اليمن عكفا على بث شائعات أخرى تارة لإثارة الفتنة على دول التحالف وأخرى بين الجنوبيين وتارة يصور التحالف بأنه غدر بالشرعية، وأنها كانت وجهاً لوجه مع الحوثي في جبهات المناطق الشمالية وأنها أيضاً طُردت من عدن المدينة التي لم يتواجد فيها إلا بضعة وزراء سرعان ما يغادرون كأنها استراحة على أحد الشواطئ، بينما في الحقيقة هي تعيش خارج البلاد في فنادق فارهة غير مكترثة بما يجري منذ سنوات.

الشرعية والتحالف

حكومة الشرعية بدت بعد سيطرة قوات المجلس الانتقالي على مدينة عدن، تنتظر قراراً سعودياً يعيد لها قوات الحماية من جديد لتعود إلى الاسترخاء واستفزاز الجنوبيين كالعادة، لكن ذلك لم يحدث كأنما كانت السعودية تقول لها: اخمدوا ما تسمونه تمرداً بالقوات التي نصرف عليها والتي دعمناكم لإنشائها من أجل تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة ولتحرير الشمال، وإلا على ماذا ندعم منذ سنوات؟

وبدا واضحاً بأن عبث الشرعية وعدم إنشائها لجيش حقيقي وطني لا وهمي ولا حزبي أفقدها عدن وسيفقدها أماكن أخرى، إذ كشفت أزمة عدن أنها كانت تعتمد على التحالف وخصوصا السعودية بدرجة رئيسية، فيما كل الدعم المادي الذي قدم لها منذ بداية الحرب ذهب إلى حسابات شخصية من أجل البحث عن الرفاهية كما هو واضح للمواطن.

دفاع قطري عن الشرعية

من جانبها، تكشف أزمة عدن أن الشرعية مخترقة من قطر، إذ سخرت الدولة إمكاناتها الإعلامية إلى جانب إخوان اليمن للدفاع عن الشرعية، على الرغم من أن اليمن تقاطع قطر مع السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وكان يفترض من الدولة أن ترى غياب الشرعية لصالحها، غير أنها رأت وفقاً لوسائل إعلامها أن غيابها يعني خسارة موطئ قدم لها في الجنوب.

وقدمت قطر مؤخراً تقريراً مغلوطاً عبر الجزيرة لمراسلها من السودان فوزي بشرى يدافع عن الشرعية فيه ويصفي حسابات مع التحالف، حيث صور أن التحالف العربي طعن الشرعية من الظهر وانقلب عليها على الرغم من أنها ذاتها تقبع في الخارج وعبثية إلى حد لا يطاق من قبل المواطن في الجنوب، كما أن المجلس الانتقالي الجنوبي هو من يقود الخصومة معها لا التحالف.

وتعتقد قطر أنه يمكنها استغلال أزمة عدن للنيل خصوصاً من الإمارات للقول بأنها تتعاون مع الحوثيين، متناسية أن أبوظبي تدعم قوات في الساحل الغربي لليمن ضد الحوثيين، ودحرت الميليشيات من مناطق واسعة من الساحل، كما تدعم أيضا قوات الحزام الأمني التي تقاتل الحوثيين على حدود الضالع.

ولا يمكن أيضا القول بأن أبوظبي تدعم تقسيم اليمن وفقاً لما تدعيه مطابخ قطر، كونها تدعم قوات ضد الحوثيين وبدا واضحاً أنها تهدف للتخلص من الانقلاب، وهو ما جاءت من أجله، فهي تدعم مثالاً قوات طارق صالح نجل شقيق الرئيس السابق والقيادي الشمالي، ويمكن من خلال قراءة التدخل والمشهد في آن واحد أنها تدعم من يثبت الاستقرار وذا الشعبية والحليف الذي يكون صادقاً معها، فيما يبقى الانفصال والوحدة من وجهة نظر الدولة شأناً داخلياً.