أخونة تعز مهمة قديمة بالتوازي مع أخونة الدولة.. قراءة في مسار الأدوات والبؤر الحاضنة للإخوان (4_1)

السياسية - Thursday 22 August 2019 الساعة 10:54 pm
القاهرة، نيوزيمن، محمد عبده الشجاع:

ما لم تحترم الفصائل السياسية في تعز نفسها، وتبجل التنوع العريق الموجود داخل المحافظة، وتؤسس لمواطنة متساوية تحرر هذه الجغرافيا من الكهنوت، فإن ذلك سيفتح باب التأويلات والمعارك الجانبية، التي تشبه معارك الغابات، ضد التنوع بكل أشكاله؛ المناطقي والسياسي، والاجتماعي والفكري.

وما جرى في الفترة الماضية، البعيدة والقريبة، دليل على أننا أمام موجة انتهازية غير صحية، ستعمل على تشتيت الجهود، وتغيير مسار التنوع إلى مسار عنصري مناطقي مدعوم بمجاميع مسلحة تنفذ أجندة مجهولة النسب، وأهدافاً فئوية تلغي أي شراكة أو نشاط اجتماعي متكامل.

تعز.. تنوع لا يموت

وحدها التيارات الدينية المتطرفة من تعمل على قلب موازين الحياة، تقول التواريخ بأن مدينة ك"تعز" لم تتعرض للتهشيم والرجعية في التاريخ الحديث والمعاصر كما هو الآن.

يأتي ذلك امتداداً لما ترسخ في الأذهان من أفكار (حسن البناء) مؤسس جماعة الإخوان عام 1928م ومرشدها الأول، والذي اغتيل في 12 فبراير 1949م، و(السيد قطب) الذي حكم عليه بالإعدام من قبل نظام جمال عبد الناصر عام 1966م، إبان صدام مرير مع أفكار الجماعة، واتهامه بالتحريض على الدولة، والذي أدى بعبد الناصر إلى إطلاق مقولته الشهيرة "الإخوان المسلمين لا هُمّ إخوان ولا مسلمين".

تتويج للأفكار

إن ما أحدثته جماعة الحوثي الإرهابية، مؤخراً، في هذه المدينة وغيرها، ليس سوى تتويج واستحقاق تسببت به مراحل احتقان أيديولوجية عمياء.

فمنذ ظهور جماعة الإخوان المسلمين في اليمن كانت تعز البؤرة الحاضنة لهذا الفكر، إذ لا يمكن لجماعة كهذه لها جذورها وأجندتها ومشروعها الكبير أن تذهب بعيداً عن مدينة فيها كل مقومات النجاح والسيطرة والبسط.

أخذ هذا المشروع الرجعي أبعاداً ومراحل عدة، كان الانفجار العظيم له مع بداية الوحدة اليمنية 1990م، حيث اشتغلت الفقاسة بكل طاقتها، ولم تترك أي جهد لعمل آخر غير حشد الأنصار، وتعبئتهم بأفكار مشبعة بالتصادم مع الآخر داخل المجتمع والاشتباك مع الدولة بقوانينها المارقة، ما خلق عنفاً داخلياً وولد جيلاً لا يمكن له العيش إلا في جو "الخلافة الإسلامية"، ومعاناة المسلمين في شعب أبي طالب، والدعوة السرية الخارجة من دار الأرقم ابن أبي الأرقم.

حرب المناطق الوسطى

لم تكن حرب المناطق الوسطى في (تعز، إب، البيضاء، ذمار، وريمة) والتي اشتدت وتيرتها نهاية السبعينات، سوى دافع لامتلاك زمام القوة لدى هذه الجماعة، حيث مثلت الرافعة الأهم لمواجهة أي مد يساري، وقد اتخذوا من مواجهة "الشيوعية" هدفاً سامياً، كونها العدو الأول للإسلام في الظاهر، وفي باطن الأمر طريقاً لإظهار قدراتهم في خوض معارك متنوعة، تحمل طابعاً دينياً يكفل لها مساراً مريحاً، ويعمل في الوقت نفسه؛ كأحجية لمستقبل يخصها وحدها.

ولمواجهة الشيوعية ومخاطر المشاريع الاشتراكية، كان لا بد من إيجاد منابر تربوية "عقائدية" حاملة للفكر الإسلامي الإخواني، يصاحب ذلك الكثير من الأنشطة الواسعة؛ رحلات ترفيهية، حركة كشفية تقوم بتدريبات تشبه تلك التي لدى الأنظمة الرسمية في معسكرات الجيش، حتى زيارة القبور؛ للتذكير باليوم الآخر والموت كحقيقة مطلقة وحتمية، يتخلل كل ذلك حفظ بعض سور القرآن والأحاديث، مثل الأربعين النووية وبعض مما جاء في البخاري ومسلم، وهذا كان ذات أهمية قصوى ومن أساسيات البرنامج اليومي.

ناهيك عن اتخاذ العمل، الدعوي السري، خارطة طريق، أولاً.. لكي يتعلم كل فرد الكتمان والاعتياد على السرية التامة، والجانب الأهم أن كل هذا يأتي تيمناً أو أسلوباً تقليدياً لما كان يفعله النبي محمد قبل 1400 سنة.