الدكتور القربي: يتم ترتيب البيت المؤتمري.. نعترف بالشرعية وأثبتت عجزها والتحالف يدفع ثمن فشلها (حوار)

السياسية - Sunday 08 September 2019 الساعة 06:57 pm
القاهرة، حاوره/ محمد عبده الشجاع:

ضيفنا هذه المرة صاحب سيرة أكاديمية علمية وتعليمية طيبة، تقلد العديد من المناصب السياسية والقيادية الحزبية، تمكن من الوصول إلى أعلى هرم الديبلوماسية كوزير للخارجية.

عُرف بين أقرانه من المسؤولين بهدوء طباعه، وديبلوماسيته العالية، كانت له نشاطات عدة خارج الوظيفة العامة، سواءً فيما يتعلق بالصحة العامة أو بالمجتمع المدني.

هو ابن مدينة البيضاء، الرافد القوي للجمهورية ولثورتي سبتمبر وأكتوبر، ولد وترعرع وعاش معظم حياته وتعلم في مدينة عدن، عاصمة اليمنيين الاقتصادية، وتوأمة صنعاء في النضال المستمر ضد التخلف والجهل والكهنوت.

يقال بأن اختياره لحقيبة الخارجية كان اجتهاداً شخصياً من الرئيس السابق الزعيم علي عبدالله صالح، حيث وجد فيه الصفات المناسبة لشغل هذا المنصب.

طرحنا عليه مجمل القضايا في هذا الحوار، وقد أجاب بديبلوماسية معهودة، ووضوح وشفافية أيضاً، باعثاً بالكثير من الرسائل لكل الأطراف، وموضحاً نقاط التباين داخل حزب المؤتمر الشعبي العام.

إنه الدكتور أبو بكر عبدالله القربي، الأمين العام المساعد للقطاع الإعلامي بالمؤتمر الشعبي العام، وعضو مجلس الشورى.

شأن مؤتمري

**ما هي نتائج لقاءات جدة الأخيرة حول لملمة حزب المؤتمر الشعبي العام؟

أجرينا حوارات إيجابية مع قيادة التحالف حول اليمن ووضع المؤتمر الشعبي العام ومخاطر شق صفه، مؤكدين فشل تلك المحاولات وأن المؤتمر اليوم كما كان دائماً أكثر تماسكاً وقبولاً شعبياً من أي وقت مضى، وأن وحدته لا ترتبط باشخاص، وإنما تعتمد على كوادر وقيادات تمتد على كافة الساحة اليمنية، وأن ما تعرض له المؤتمر من تآمر في الداخل والخارج دليل على شعور خصومه بأنه رقم صعب؛ برؤيته السياسية، وحجم شعبيته، والخبرات القيادية بين أعضائه.

أما ما يقال عن انقسامات المؤتمر، فهي من صنع خيال خصومه، وترويجهم للانقسامات فيه، والتي لا تتعدى كونها تبايناً في وجهات النظر؛ حول الحلول وإنهاء الحرب، وهو أمر طبيعي يحدث في كل تنظيم أو حزب سياسي.

**دكتور، أين يكمن الخوف على هذا الكيان الواسع؟

باختصار، الخطر الأكبر على أي تنظيم يبدأ بانعدام الرؤية لدى قياداته، وانكفائها وتجاهلها للتحديات التي تعصف بالوطن، ولذلك فإن قوة الحزب تأتي من حراكه السياسي والجماهيري، فالمؤتمر بالرغم من ذلك قد بدأ باستعادة إرادته، ورسم طريقه لتحديات المرحلة القادمة، وسيظل صامداً بقوة؛ بفكره الوطني، وبفضل قياداته وكوادره المرتبطة بالأرض اليمنية وشعبها.

**كانت الديبلوماسية ظاهرة في تصريحاتك الأخيرة، السؤال هنا من يحق له من قيادات الخارج تصويب أي توجه لإيقاف أي محاول تفتيت للمؤتمر والجميع مدان بصورة أو بأخرى؟

هذه اشكالية تنظيمية نعمل على حلها لنحول الاجتهادات الشخصية إلى موقف تنظيمي.

**ما نوع الآلية التي تعملون من خلالها لترتيب البيت المؤتمري؟ وهل هناك تواصل مع الداخل؟

نعم هناك تواصل مع الداخل، وإصرار الجميع على وحدة قيادة المؤتمر لمكوناته في الداخل والخارج، مع التواصل بين الداخل والخارج وتبادل الرأي بينهما؛ سيتم ترتيب وضع البيت المؤتمري.

**ما هو موقع السفير أحمد علي في كل الذي يدور؟ وما هو أكثر شيء يضر المؤتمر وقياداته؟

السفير أحمد علي انتخب نائباً لرئيس المؤتمر في اجتماع اللجنة الدائمة الرئيسية قبل أشهر، ولا شك أنه سيقوم الآن بدوره كنائب رئيس؛ لتفعيل دور المؤتمر في الداخل والخارج.

أما أكثر ما يضر بنا كمؤتمريين فهو كثرة الكلام وقلة العمل.

**دكتور، كان للمؤتمر الشعبي علاقات على مستوى العالم.. ما مصير هذه العلاقات اليوم؟

ما زالت علاقات المؤتمر كما هي مع الدول الصديقة، كما أن المجتمع الدولي ما زال ينظر إلى المؤتمر باعتباره التنظيم القادر على إنقاذ اليمن من أجواء الصراع، وأنه من سيسهم في بناء اليمن الجديد.

وضع البلد

**دكتور، ما هي زاوية قراءتكم لمستقبل البلد، أعني على ماذا نستطيع أن نعول للخروج من كل هذا؟

الخروج من الوضع المأساوي الحالي يتطلب من القيادات الحزبية والسياسية أن لا تأخذها العزة بالإثم، وأن تضع مصلحة اليمن أولاً مع امتلاك الشجاعة لتقديم التنازلات؛ من أجل تحقيق التوافق على الحل السياسي العادل والشامل، أما اذا ما استمر الحال على ما هو عليه، فالله المستعان.

**الوضع الإنساني من أكثر الأوضاع مأساوية وهو مغيب لدى أجندة المتصارعين يحضر للمزايدة فقط، ما الحل بنظرك، هناك انعدام تام للخدمات الأساسية، انقطاع الرواتب، وتزايد أعداد المعتقلين؟

الوضع الإنساني ومعاناة اليمنيين لن يتوقفا إلا بتوقف الحرب، فالمعاناة أصبحت فرصة للبعض للاتجار بأقوات الناس وحياتهم وإذلالهم، وسيستمر الحال إذا لم ينته هذا الصراع.

**لماذا لم يستطع الحوثيون حتى الآن أن يصبحوا مكوناً سياسياً يعملون وفق رؤى تخدم البلد بدلاً من كل هذا الخلط والفوضى والتسلط؟

لا شك أن تحول جماعة أنصار الله إلى حزب سياسي سيمثل علامة فارقة في توجهه ونظرته إلى بناء الدولة المدنية وسيكون خطوة لانطلاقة مفاوضات الحل السياسي الشامل.

**كيف تقرأ دور الشرعية ممثلة بهادي؟ دور دول التحالف والتعاون الخليجي؟ الدور المشبوه للجمهورية الإيرانية؟

الشرعية التي يعترف بها الجميع، ونحن في المؤتمر من المعترفين بها أيضاً، أثبتت عجزها في إدارة الأزمة، وتقديم المبادرات لحلها، كما فشلت في إدارة الدولة سياسياً وعسكرياً، ولذلك تعرضت للتهميش.

أما دول التحالف التي دفعت ثمناً باهظاً للدفاع عن الشرعية واستعادة الدولة، فإنها اليوم تعاني نتيجة فشل الشرعية، وعدم قدرتها... إضافة إلى التباين في مواقف دول التحالف وتجاذب مصالح دولية أضاعت فرص الحل.

أما إيران فإنها تعمل وفق رؤية واضحة، حماية لمصالحها وتعزيزاً لدورها الإقليمي، واثبتت نجاحها في تحقيق هدفها، وعجز العرب عن ضبط تحركها؛ نتيجة غياب استراتيجية متكاملة للأمن القومي لدول الجزيرة على الأقل، إن لم يكن على المستوى القومي العربي.

**أين تذهب قرارات الاتفاقيات التي تبرم وآخرها اتفاق استكهولم؟

كل القرارات والاتفاقات التي تصدر لمجرد إخفاء الإخفاق في تحقيق اتفاق مكتمل العناصر يكون نتيجتها الفشل.

**ما حدث مؤخراً في الجنوب من أحداث كيف تقرأه في ظل الدعوة إلى دولة اتحادية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني؟

لا أريد أن استفز في ردي أحداً ممن يعيشون على الوهم، لأنه بالرغم من أن مخرجات الحوار الوطني قدمت الحلول لكثير من القضايا في حينه، إلا أن الأحداث التي عشناها منذ 2014م، وما نراه على الأرض اليوم سياسياً وعسكرياً وأمنياً؛ يفرض علينا إعادة النظر في بعض مخرجات الحوار، التي لم تحظ بالإجماع، حتى نضمن التوافق والخروج إلى يمن جديد؛ بدستوره وقوانينه التي تعالج اختلالات الإدارة في الماضي، وفي نفس الوقت تحافظ على وحدة اليمن وعلى نسيجه الاجتماعي.

وزارة الخارجية

**كيف تم تغييب دور وزارة الخارجية سواءً كان هناك وزيراً على رأسها أو كان المقعد شاغراً؟

عندما يحدث هذا التغييب للخارجية فالمسؤول الأول عنه هو رئاسة الدولة، لأن الخارجية هي من يعبر عن موقف الدولة ورئيسها.

**هل عرض عليك العودة إلى الوزارة من قبل الشرعية أو من سلطة صنعاء؟ أم أن هناك تغييبا متعمدا لكثير من قيادات المؤتمر في عدم اشراكهم في أي عملية سياسية؟ أم الأمر لم يعد مغرياً؟

الحمد لله لم يعرض علي ذلك، كما أنه لم يعد لدي الرغبة في شغل وظائف تنفيذية أياً كانت، وكل ما يشغلني الآن هو إنقاذ اليمن مما هي فيه.

**كيف قرأت مشهد خالد اليماني وهو يجلس إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي الموقف الذي شكل صدمة للكثير؟

الوزير خالد اليماني دبلوماسي فطن وأعتقد أنه وقع في مطب دبر له.

**أراك مهتما بالقضايا العربية ومتابعا لكل التحركات ومنها القضية الفلسطينية، تعليقك على صفقة القرن؟ وهل هناك أمل في عودة الشمل العربي؟

صفقة القرن كما أراها هي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية، ولكني على ثقة أن إرادة الشعب الفلسطيني ستفشلها.

كما أن فرض الحلول لن تنجح وبالذات عندما لا تكون حلولاً عادلة.

**أين هو دور الجامعة العربية اليوم؟

من المؤسف أن الجامعة العربية فقدت القدرة على القيادة والمبادرة، لأن قادتها أرادوا لها ذلك، خاصة وأنهم رفضوا كل المشاريع التي قدمت لإصلاح العمل العربي المشترك، وهو ما يجعلنا اليوم ندفع ثمن تهميش الجامعة.

علي عبدالله صالح

**كيف تلقيت خبر استشهاد الزعيم صالح ونائبه عارف الزوكا بعد كل هذا العمر من العمل معا؟

كانت صدمة مؤلمة وسيظل استشهاده بالنسبة لنا نموذجاً يحتذى للتضحية والوفاء للعهد بالدفاع عن الثورة والجمهورية والوحدة وكيان المؤتمر الشعبي العام.

**قراءتك لدور الإخوان المسلمين في اليمن على الأقل خلال العقد الأخير؟ ودور اليسار أيضا؟

تجربة المؤتمر مع الإخوان طويلة، بدأت مع بدء الحوار الوطني عام 1980م، ومرت بمحطات متعددة من الاتفاق والاختلاف، وكان من الواضح دائماً رغبتهم في الانقضاض على السلطة، إلا أن حكمة الزعيم والشيخ عبدالله بن حسين، رحمهما الله، منعت حدوث الصدام بينهما، ولكن مع غياب الشيخ عبدالله لفترة عن صنعاء نتيجة مرضه؛ رفعت الكوابح عن الرغبة في السلطة، لتصبح السلطة هدفاً بدلاً من أن تكون وسيلة، وجاءت بعدها أحداث 2011م، ومحاولة اغتيال قيادة الدولة في جامع الرئاسة؛ لتضع نهاية لعلاقة المؤتمر مع تنظيم الاصلاح.

أما أحزاب اليسار فهي في حاجة لمراجعة مع النفس والخروج من عباءة الآخرين.

**دكتور هل لديك مذكرات شخصية، أقصد هل بدأت بكتابتها بعد هذا العمر الطويل من العمل السياسي والمؤسسي والحزبي؟

بدأت بتجميع المادة ولكنني لم أجد الوقت حتى الآن للبدء في الكتابة.

**بالنسبة لمذكرات الزعيم علي عبدالله صالح أين هي متى ستخرج، الناس متلهفون لقراءة الغامض في حياته؟

لا علم لي بذلك.

**هل هناك موقف مع الزعيم علي عبدالله صالح لا يمكن نسيانه؟

نعم. وهي اللحظات التي شاهدته فيها وهو في غرفة الانعاش، بعد تفجير جامع الرئاسة وهو ما بين الحياة والموت.

** ماذا تعني لك العاصمة صنعاء؟ وما هو قيمة الإنسان اليوم في هذه المدينة؟

لا يمكن أن اتحدث عن صنعاء دون التحدث عن توأمها عدن، لأن لكل منهما مكانة في القلب والوجدان.

عدن موطن مولدي التي نشأت بها وتعلمت فيها التسامح والعلم، وأوصلتني إلى الجامعة وما بعدها من دراسة عليا، واعشق صنعاء التي احتضنتني ومكنتني من الإنجاز، سواء في جامعة صنعاء، أو كوزير للتربية والتعليم، أو وزير للخارجية، أو في العديد من مجالات النشاط السياسي والاجتماعي. إنهما توأما الوحدة اليمنية ونبع المحبة، ولكنهما اليوم ضحية الصراع السياسي على السلطة.

أما قيمة الإنسان اليمني فهي معدومة أينما نظرت.

**هل هناك من مشاريع أو رؤى على المستوى الشخصي؟ وأنت صاحب سيرة ذاتية علمية وتعليمية وسياسية ممتلئة؟

ما يشغل بالي الآن هو البحث عن مبادرة للسلام

شكراً جزيلا دكتور..

* نقلاً عن مجلة العربي الأمريكي اليوم