فيصل الصوفي يكتب عن بيان الإصلاح: هكذا أرسى الإخوان مداميك الجمهورية والديمقراطية!

السياسية - Friday 13 September 2019 الساعة 10:20 pm
نيوزيمن، كتب/ فيصل الصوفي:

بيان حزب الإصلاح بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة والعشرين لتأسيسه، فيه زيف وكذب وادعاء وغير ذلك كثير يستدعي ما نعلقه عليه.. لكننا سنكتفي، الآن، بتسجيل ملاحظات ثلاث:

الأولى، حول المديح العالي لإسهامات حزب الإصلاح اليوم وشباب الحركة الإصلاحية الناشئة أمس، والتي قدمها مع التيارات الجمهورية لإرساء مداميك النظام الجمهوري.. وهذا في الحقيقة لا يحتاج إلى تذكير ولا تأكيد لولا البيان.. فقد أسهم شباب الحركة الإصلاحية قبل، ثم حزبهم الإصلاح لاحقاً في إرساء مداميك الجمهورية بطريقة بديعة.

أسهم الإخوان المسلمون في دمك هذا المدماك الجمهوري بالفتوى التي عبروا بها عن نظرتهم الشرعية لثورة سبتمبر بوصفها ثورة علمانية جاهلية، وهي الفتوى التي قال النائب الإصلاحي عبد الله العديني إنه والمخلافي والزنداني وغيرهم من جماعة الإخوان أوضحوا فيها معارضتهم للنظام الجمهوري.

أسهم بالفتوى الشهيرة التي صدرت باسم القاضي يحيى الفسيل، بضرورة تطليق نساء الجمهوريين، لأن عقود الزواج تمت خلافاً لأحكام الشريعة الإسلامية ومن قبل أناس غير مسلمين.. أي جمهوريين. والفسيل إخواني، وهو أول من أسس نظام التعليم الخاص بالجماعة والذي كان يعرف بالمعاهد العلمية؟

بعد تولي القاضي الإرياني رئاسة المجلس الجمهوري أواخر العام 1967، وشروعه في عملية التحديث، قام الزنداني والمخلافي والسنيدار وعبد السلام كرمان... وغيرهم من الإخوان المتكتلين تحت لافتة الجمعية العلمية، بتنظيم مظاهرات احتجاجية على مظاهر التنمية الجديدة لنظام الإرياني.. ولم يهدأوا إلا بعد تعيينهم في المجلس الوطني في مارس عام 1969، وتعيين كبيرهم وحاميهم الشيخ عبد الله الأحمر رئيساً لهذا المجلس ومعه أخوهم العتيد محمد سعيد القباطي الذي صار أميناً عاماً له، وقد كان المجلس مكوناً من 45 شيخاً، ولأنه لم يتسع إلا لهم تم تتويجهم على قمة لجنة صياغة دستور دائم دام بمواده المستنبطة من الشريعة الإسلامية والقرآن والسنة، فجاءوا به في ديسمبر 1970 شرعياً مسلماً حنيفياً، يحرم التعددية ويجرم الحريات ويمنح الإخوان صلاحية تعطيل العقول وتكريس التخلف.. ودار بهم دستورهم دورة إخوانية جديدة فكان مجلس الشورى المعين عام 1971 يضم 18 شيخ دين و92 شيخ قبيلة.. لقد كان عليهم أن يرسوا المداميك كلها.. حتى لقد أرسوا النظام الجمهوري من خلال تأسيس أول منظمة إرهابية في اليمن لاستهداف الجمهوريين ومصالحهم، وهي منظمة سبأ التي تحدثنا عنها في مكان آخر.

الثانية، يقول الإصلاح في بيانه للناس، إنه حزب سياسي وطني يمني ملتزم بالدستور والقوانين النافذة والنظام الجمهوري والتعددية السياسية والحزبية والديمقراطية والانتخابات الحرة النزيهة وسيلة وحيدة للتداول السلمي للسلطة.. والشاهد على مصداقية الإخوان في هذا الموضوع هو أنهم يزاوجون بين الديمقراطية والشورى على الرغم من أن الثانية ضد الأولى، وقد كتبوا في النظام الأساسي للحزب: الديمقراطية الشوروية.. الديمقراطية المنضبطة بقواعد الإسلام.. ومن جهة ثانية أنهم عندما أدركوا أن الرئيس علي عبد الله صالح كان يفكر جدياً في إيجاد تنظيم سياسي شمالي باسم المؤتمر الشعبي، ليكون مقابلا للتنظيم السياسي الحاكم في الجنوب، قالوا له: ما حاجتك للمشقة والكلفة لإيجاد حزب جديد، خذ لك حزب جاهز مجهز، وهو نحن جماعة الإخوان، فقد ظللنا الخادم المطيع، وكنا لك اليد التي ضربت معارضيك في المناطق الوسطى، وتعرف أن التعدد السياسي لا يجوز شرعا حفاظا على وحدة الأمة من الخلاف.. كان هذا في العام 1981، أما في الانتخابات التشريعية التي جرت في مطلع يوليو 1988، فقد استبقوها بمعارك شرعية وسياسية، لكي يبقوا هم المرشحين والفائزين بمقاعد مجلس الشورى، ولما حاول الرئيس تشجيع نساء على ترشيح أنفسهن، أصدروا فتوى مؤداها أن العضوية في مجلس الشورى تعتبر ولاية عامة، والولاية العامة قد قصرها الشرع على الذكور، فلا يجوز للمرأة أن تترشح في هذه الانتخابات.. أصرت امرأة تدعى فائزة المتوكل على ترشيح نفسها، فما كان منهم إلا ان أطلقوا بيانات التحريض، وتهديدها شخصياً وتخويف عائلتها، فتراجعت المسكينة بعد أن وجدت نفسها وحيدة أمام الجيش الإخواني الضارب.. وقد شارك الإصلاح في الاستفتاء العام، ولم يكذب في بيانه، ولكن استفتاء لإرساء مداميك الوحدة والنظام الدستوري.. شارك مرتين، كانت الأولى في الاستفتاء الشعبي على دستور الوحدة الذي نظم في مايو 1991، حيث قاوم الدستور قبل الوحدة باعتباره علمانياً يعطي نواب الشعب حق وضع القوانين، وأيضا لأنه يعتبر الحدود الشرعية وسائل تعذيب... والمرة الثانية مقاطعته الاستفتاء الشعبي على تعديلات الدستور في فبراير 2001.. لذلك يعتبر مشاركاً في الحياة السياسية وتطويرها.

الملاحظة الثالثة، يحسد الإصلاح أو الإخوان المسلمون على زهدهم في الحكم.. إذ زعم أن ليس له في حكومة الرئيس هادي اليوم سوى 5 وزراء من بين 38 وزيراً، وأنه في العام 2011 وما بعده شارك في حكومة الوفاق بـ 4 وزراء فقط من بين17 وزيراً.. والصواب أنه أب وأم معظم وزراء اليوم ونوابهم وكل وكلاء الوزارات وأكثر المحافظين ووكلاء المحافظات.. أما حكومة 2011 فالصواب أيضاً أن من بين رئيس الوزراء و44 وزيراً في حكومة الوفاق كان للإصلاح فيها 6 وزراء ينتمون للحزب تنظيمياً، و5 يوالونه دون رابط تنظيمي رسمي، وكان باسندوة رئيس الحكومة يمثل الإصلاح كما هو معروف، باعتباره رئيس لجنة الشيخ حميد، وبصفته أيضاً رئيس المجلس الوطني للثورة الشعبية- الشبابية، الطرف الثاني في حكومة الوفاق.. لكن يبدو أن كتبة بيان الإصلاح نسوا أسماء وزراء مثل عبد الرزاق الأشول، محمد السعدي، عوض السقطري، عبدالقادر قحطان، سعد الدين بن طالب، صخر الوجيه، حورية مشهور، العمراني، سميع، العرشاني... وغيرهم.