ملزَمة الرؤية الحوثية.. حارس قضائي لـ(قطيقطان) وسوق دسِم لـ(المتعرّطين)

السياسية - Wednesday 18 September 2019 الساعة 10:52 pm
صنعاء، نيوزيمن، مهدي العمراني:

تحدّثت الرؤية الحوثية لبناء الدولة المزعومة بإسهاب في محور القضاء، واعدة بـ"تطوير البناء المؤسسي والتنظيمي لأجهزة السلطة القضائية، وتطوير وتحديث الإدارة القضائية وفق أسس علمية حديثة تسهم في الارتقاء بالعمل القضائي وتحسين مستوى الخدمات القضائية المقدمة"، هذا غير حديثها عن تنمية القدرات البشرية القضائية والإدارية للسلطة القضائية وتلبية احتياجها من الكوادر القضائية المؤهلة.

وعمليّاً يمكن القول إن مليشيا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- أحدثت في محور القضاء تطوراً ملموساً غير مسبوق، لكنّ هذا التطوّر السريع ليس لـ"الارتقاء بالعمل القضائي وتحسين مستوى الخدمات القضائية المقدمة"، وإنما لخدمة الجماعة وتطويع واستغلال القضاء لتصفية حسابات سياسية، وذلك باستحداث وإنشاء ما أسمته مليشيات الحوثي "الحارس القضائي"، والمعنى هنا استيلاء أحد نافذيها على ممتلكات وأصول شركات وعقار من تعتبرهم (خونة بسبب تأييدهم للعمليات العسكرية للتحالف).

> ملزَمة الرؤية الحوثية.. ‎استغلال تام للقضاء واغتيال مُبكّر للعدالة‎

اعتداء سافر على اختصاص السلطة القضائية

وفي تعليقه على الإجراء يعتبر النائب أحمد سيف حاشد، تعيين حارس قضائي واحد لأكثر من ألف شركة وعقار "فاجعة قضائية بكل المقاييس وجنون عظيم يثير الأسئلة والمخاوف، ويصيب العدالة في مقتل"..

ويضيف القاضي أحمد سيف حاشد: "حارس قضائي فرد لكافة الشركات المحجوز عليها، أمر بالمقياس القضائي أكثر من فاجعة، أشبه بمجزرة للقضاء والقانون!! متسائلاً في هذا السياق: "هل يريدون من القضاء شرعنة استيلائهم على الشركات الخاصة؟!!".

ويؤكّد حاشد أنّ القاضي وحده هو من يحدّد الحارس القضائي، معتبرا تدخّل سلطة الحوثيين ممثلة بمسمى المجلس السياسي الأعلى، في هذا الأمر، هو "في حقيقته تعدٍّ وتدخل سافر في اختصاص السلطة القضائية.."

ويثير النائب حاشد تعليقاً على ذلك مجموعة من الأسئلة منها "لماذا يتحول المجلس السياسي لغطاء لأفعال خارج القانون، ولماذا لا يثقون في القضاء ليعيّن حارسا قضائيا، ثم لماذا يحولون القضاء إلى غطاء لشرعنة كل باطل، ثم يتهمون القضاء أنه فاسد؟!".

"مشرف قضائي" لشرعنة السطو على الممتلكات

> ملزَمة الرؤية الحوثية.. اختطاف ناعم للدولة وقطرَنة عصريّة حديثة (2)

مؤكداً في هذا السياق أنّ السُّلطة الفاسدة هي من تفسد القضاء، بل وتثقله بالفساد عندما تتدخل في اختصاصاته وتتعدى عليه بسلبه صلاحياته التي تؤثّر على سير العدالة، وتفرض عليه إرادتها على نحو يصادم الدستور والقانون، بل والمنطق والمعقول والمفترض"..

لقد جاءت حكاية "الحارس القضائي الحوثي" لتنسف مضامين مبادرة الحوثي قبل أن ترى هذه الأخيرة النور، وتؤكد لمن لا يزال يتغنّى بعظمة ودستورية وقانونية وحداثية الرؤية، أن ما تضمنته وما يقال عن الرؤية ليس سوى مادة للاستهلاك الإعلامي، وتخدير موضعي وقطرنة عصرية حديثة، وأنّ ما يجرى على أرض الواقع في الساحة القضائية مختلف تماماً، وأنّ القضاء بات مختطفاً ومعطّلاً مثله مثل بقية أجهزة الدولة، وفي أحسن الأحوال بات مستغلاً وغطاءً لشرعنة خدمة الجماعة، وأن ما يمكن تسميته "المشرف القضائي" سلب صلاحيات السلطة القضائية وضرب استقلالها في مقتل.

لقد انقلبت مليشيات الحوثي بالتدخل السافر في شؤون القضاء وسلب صلاحياته، على برنامج الحكومة التي تديرها، والذي جاء فيه: "تفعيل نشاط ودور الهيئات القضائية وأجهزة العدالة للقيام بواجباتها ومهامها في إطار تطوير وإصلاح المنظومة التشريعية والقضائية، لتحسين أداء العمل القضائي والرفع من مستواه، وتيسير إجراءات التقاضي".

قانون "قطيقطان"

ويمكن القول إن مليشيا الحوثي بإنشاء واستحداث جهاز "حارسها الحرامي.."، اغتالت العدالة والقوانين ومبادئ الدستور، وتصادمت كلياً مع المادة الدستورية رقم (149) والتي تنص أنّ "القضاء سلطة مستقلة قضائياً ومالياً وإدارياً"، وأنّ القضاة مستقلّون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون"، وحسب المادة الدستورية فلا يجوز لأية جهة وبأية صورة التدخل في القضايا أو في شأن من شئون العدالة، معتبرة مثل هذا التدخل "جريمة يعاقب عليها القانون، ولا تسقط الدعـوى فيهـا بالتقـادم".

وفي تعليق ساخر له على تعيين الناشط الحوثي أسامة سارى حارساً قضائياً على 8 شركات، غرّد النائب أحمد سيف حاشد، على صفحته قائلاً: "لا يجوز للمجلس السياسي أن يعيّن حارساً قضائياً، ولا يجوز للحارس القضائي أن يعيّن حارساً قضائياً آخر أو مندوباً بصلاحيات الحارس القضائي".

> ملزَمة الرؤية الحوثية.. اختطاف ناعم للدولة وقطرَنة عصريّة حديثة (1)

مضيفاً بلهجةٍ ساخرة: "المحكمة وحدها هي من تملك تعيين الحارس القضائي، ولكنّ في بلاد "قطيقطان" يجوز كلّ شيء، حتّى الجمع بين الأختين، فضلاً عن البنت وأمّها"..

ومن جانبه يرى المحلل السياسي اليمني عبدالوهاب الشرفي، أن ما يجري تحت مسمى "الحراسات القضائية هو نهب لأموال الناس بالباطل ودوس على القانون والشرع بالأقدام، ونسف للسُّلطة القضائية برمتها، وسوق رائج ودسم للمتعرّطين".

وأضاف، في تعليق له على فيس بوك: "أوقفوا هذه المهزلة، وهذا الابتذال، ورمّموا آثارها الكارثية قبل أن تتفاقم وتفتح باباً خطيراً سيتّسع لضرب حرمات أموال الناس من شق وطرف".

------------(يتبع)

..............................

* قطيقطان من القطقطة، وتعني في اللهجة الصنعانية الدارجة، عمليات سطو وفساد ونهب ممتلكات، و"المتعرّطين" تقال لعديمي الخبرة والانتهازيين.