أحد كبار مزارعي الزهاري بالمخا فجَّر الحوثيون منازله وأحرقوا مزارعه وشرَّدوا أسرته

المخا تهامة - Thursday 19 September 2019 الساعة 11:50 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

في منزل مكون من غرفتين في منطقة يختل، شمال المخا، حُشرت بداخله سبع أسر يصل عدد أفرادها إلى 29 شخصاً، غالبيتهم من النساء والأطفال، بعد أن حولت مليشيات الحوثي من حياة النعيم والعز الذي كانوا عليه إلى حياة أشبه بالجحيم.

جميع أفراد تلك الأسر هم أبناء وأحفاد زيد عوض مكي، أحد كبار مزارعي منطقة الهتيكة عزلة الزهاري قبل ثلاثة سنوات، عندما كان يملك خمس مزارع مع آبارهن الإرتوازية ومعدات فلاحة.

كان لدى مكي خمسة منازل متقاربة مبنية على الطريقة التهامية ومنزل مسلح يضم 11 غرفة بناه كي يتسع لجميع أبنائه وعائلاتهم.

كان المنزل نتاج سنوات من الغربة بالمملكة العربية السعودية لثلاثة من أبنائه، وقد تم الانتهاء من بنائه في 2015 بعد أشهر قليلة من اجتياح مليشيات الحوثي لمدن البلاد، وقد استفاد من عائدات مزارعه في تجهيزه بتكلفة وصلت إلى 30 مليون ريال.

كل شيء كان يمضي بسلام، وكان المزارع الودود يكتسب سمعة طيبة بين أبناء بلدته الريفية، وكانت مكانته الاجتماعية تجعله يعمل كمصلح بين الناس، يقضي حوائجهم ويحل مشاكلهم، ولهذا كان محبوباً وواسع التأثير.

كانت مليشيات الحوثي على علم بمكانته، ولذا طلبت منه إقناع الشباب للانخراط في صفوفها كمقاتلين مع ما عرف عنهم من بأس وشدة، لكنه رفض ذلك وآثر البقاء في الصف الجمهوري، مفضلاً ذلك على كل المزايا المالية التي عرضت عليه.

بحثت مليشيات الحوثي عن خيارات أخرى لإرغامه على القبول بعرضها، وهددت بنسف كافة منازله وإحراق مزارعه وتدمير ممتلكاته.

كان ذلك قبل أشهر قليلة من تحرير مديرية المخا، ولم يأخذ تهديدهم على محمل الجد، كما لم يصدق ذلك، لكن مليشيات الحوثي نهبت كل ما يملك من أموال نقدية وعينية من داخل المنزل وأجبرت الأطفال والنساء على الخروج إلى العراء دون رحمة، وعندما رفضت زوجته الخروج، مفضلة الموت على تدميره، باغتها عنصر حوثي بضربة عنيفة على رأسها، مما تسبب لها بشق بالجمجمة، أما الأثاث وما يحتويه من فرش وأغطية ومواد غذائية و منتجات زراعية، فقد تم إخراجها إلى الفناء ليتم إحراقها بالكامل.

وبالنسبة إلى المنزل فقد وضعت المتفجرات حوله وقامت بنسفه كلياً، يقول عنه مكي الذي كان لا يعلم بما يجري لتواجده خارج المنزل، اعتقدت حينها أنه ناجم عن إطلاق قذيفة مدفعية، لكنه في واقع لم يكن سوى صوت تفجير منزلي.

وصل النبأ إليه سريعاً، عبر اتصال تلفوني، بأن مليشيات الحوثي تبحث عنه لقتله، وقد فجرت منزله، وأحرقت خمسة منازل أخرى مبنية على الطريقة التهامية.

يضيف مكي لنيوزيمن، كان النبأ محزناً وسيئاً في آن معاً، فأن تفقد منزلك أشبه بأن تفقد كرامتك، فبدون منزل ليس للحياة طعم وليس لها لذة، لأن المرء يبدأ حياة التشرد والنزوح والتنقل من مكان إلى آخر وهجران الأماكن التي عشت فيها أجمل سنوات العمر، فضلاً عن خسران كل ما بنيته طوال عمرك، إنها في حقيقة الأمر رحلة عذاب، لا يعرف عن مأساتها سوى من تجرع مرارتها وذاق ويلاتها.

ويمضي قائلاً: أحرقت مليشيات الحوثي مزارعي الخمس، وقامت بصب مادة الديزل على النخيل المثمرة وأحرقتها بالكامل، أما الآبار الإرتوازية فقد نهبت مولداتها.

فقد الأبناء أيضاً

يعد مكي أنموذجاً لشخص بات معدماً بعدما فقد كل شيء، وتحولت حياته من حياة الغنى إلى الفقر مع ما صاحب ذلك من ألم نفسي وقهر لا يمكن وصفه.

فذاك الرجل البالغ من العمر خمسين عاماً مع كل ما جرى له، فقد أيضاً ثلاثة من أبنائه في جبهات القتال ضد مليشيات الحوثي وأصيب الرابع بإعاقه دائمة، وجميعهم تركوا له نحو 20 طفلاً يتولى أمر تدبير معيشتهم اليومية.

يعتقد مكي أن الجميع تخلوا عنه، ولم يقدم له أحد يد المساعدة، رغم التضحيات التي قدمها والخسائر التي تعرض لها، لكنه ما يزال يأمل بالمنظمات العاملة في المخا وفي مقدمتهم الهلال الأحمر الإماراتي لما عرف عنه من جوانب إنسانية.

يدعوهم مكي اليوم إلى مساعدته على العودة إلى حياته الطبيعية، ببناء منزله الذي يحفظ أسرته من التشرد والضياع ويعيد لها كرامتها.