هجمات 14 سبتمبر... ترامب حليف غير مُجدٍ وعدو مفيد للإيرانيين

السياسية - Thursday 19 September 2019 الساعة 10:46 pm
نيوزيمن، كتب/ أمين الوائلي:

في أغسطس الماضي وخلال الصخب والتوتر المصاحب للاعتداءات على سفن الشحن في الخليج وبحر عمان وإسقاط طائرة أمريكية بدون طيار، بدا أن الحرب أقرب من حيز انتظار، وأن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تشعران أخيراً بإهانة عميقة وعلى أهبة الاستعداد للتحرك والرد.

كثيرون من اعتقدوا أن طبول الحرب تقرع بقوة فوق أجواء الخليج، وانتظروا فقط ما سوف يحل بالإيرانيين الذين تجاوزوا الاستفزازات إلى الاعتداءات المباشرة. لكن الولايات المتحدة التي استغنت بإنتاجها عن النفط العربي كانت أبعد من أي وقت مضى عن التفكير في الرد. لم تعد معنية بحماية ممرات الشحن وطرق إمدادات الطاقة.

كل الذي حدث في نهاية المطاف أن الرئيس ترامب غرد في تويتر قائلاً: "لماذا يجب علينا نحن حماية خطوط النقل المعرضة للخطر دائماً، بدون مقابل، بينما الصين تحصل على 91 ٪ من نفطها، واليابان 62 ٪، والعديد من الدول الأخرى بالمثل.. يجب أن تحمي كل هذه الدول سفنها الخاصة". نعم تقاعست أمريكا عن الرد والردع. لقد منحت الإيرانيين التطمينات الكافية للتصعيد.. ثم احتجزوا السفينة البريطانية وقادوها إلى شواطئهم ببحارتها.

في ذروة التوتر ترقب الحلفاء أن تبادر واشنطن للاستجابة للاعتداءات الإيرانية، التي نتجت بالأساس كمضاعفات لقرارات إدارة ترامب بالانسحاب أولاً من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات ثم تشديدها بهدف تصفير الصادرات النفطية. لكن، ترامب غرد مجدداً في تويتر، أنه ألغى ضربة جوية في اللحظات الأخيرة لأنه -كما قال- خشي من أن يُقتل فيها 130 إيرانياً، رداً على إسقاط مجرد طائرة بدون طيار أمريكية (..).

أسقط ترامب بدوره المحاذير كاملة أمام الحرس الثوري ليفعل ما يشاء وفتح الباب على مصراعيه لعربدة إيرانية في الخليج وصلت ذروتها في الهجمات غير المسبوقة على معامل وحقول الطاقة لشركة أرامكو السعودية في أبقيق وخريص، الأكبر في العالم.

يومها، في مطلع أغسطس، صار بمقدور ستيفن أ. كوك، المستاء، أن يكتب في دورية "فورين بوليسي" الشهيرة تحت عنوان عريض "إيران تملك الخليج الآن" مذيلاً بعنوان جانبي "إن عدم استجابة إدارة ترامب للعدوان الإيراني قد بعث برسالة لا لبس فيها".

وقال كوك، "يجب على أي شخص لا يزال يعتقد أن الولايات المتحدة ستتحدى إيران بشكل مباشر أن يعيد قراءة تغريدة ترامب. إنها أكثر من ذلك. إنها نذير لما سيأتي في السياسة الخارجية للولايات المتحدة." لم يؤخذ كلامه على محمل الاهتمام والتنبه، لكن ما حدث بعد ذلك يعطي علامة كبيرة لتوقعات الرجل وتحليله.

لطالما كانت المسألة واضحة مع ترامب، الرئيس التاجر أو متصرف الرئاسة على طريقة تاجر العقارات الذي راح يستخلص الحلفاء والشركاء وزعماء الدول علانية وأمام الإعلام العقود والاستثمارات والمليارات، مقابل الدعم والحماية والتحالف، ورغم كل شيء لم يبذل بدوره شيئاً من ذلك. بعد يومين على هجمات السبت كان يتحدث للصحفيين كيف أن الاعتداء على السعودية وليس على أمريكا. وأنه يجب أن نتحدث مع السعوديين في كلفة ومقابل الحماية. عليهم أن يدفعوا. هكذا وهذا هو ترامب.

لقد أعطى هذا تطمينات متلاحقة للإيرانيين أنهم في مأمن من العواقب ومن الرد. تقاعست الولايات المتحدة مراراً. وتشجع الإيرانيون أكثر. واليوم نحن نعرف أن الولايات المتحدة سوف تناور ويسافر وزير خارجيتها للمنطقة ويتدرج ترامب في التغريدات والمواقف تنازلياً. ترامب لا يؤمن بخرافة النظام العالمي الذي يجب عليه من مركزه كرئيس القوة الأولى أن يعمل لحمايته.

وبتعبير ستيفن أ. كوك فإنه "مهما أرادوا، يجب أن يفهم قادة الحرس الثوري الإيراني الآن أنهم يستطيعون فعل أي شيء يريدونه في الخليج دون خوف من الانتقام. هذا لأن ترامب أوضح من حيث القول والعمل أن الولايات المتحدة في طريقها للخروج من المنطقة".

على المنطقة أن تتدبر أمورها وخياراتها دون تعويل كبير أو اعتماد استراتيجي على مصداقية وجدية الحليف الأمريكي وجدارته بالثقة. قال ترامب يوم الأحد، بعد هجمات أرامكو "نحن مستعدون" أي للرد. وقال مسئولون أمريكيون ذلك وأكثر. ويوم الأربعاء قال ترامب "أنظر في خياراتنا ولكن آخرها والنهائي هي الحرب، ولدينا كثير غيرها لنستخدمه"، ثم أعلن عن توقيع عقوبات جديدة خلال 48 ساعة. هذا أقصى ما لديه.

بوسعكم أن لا تراهنوا على الولايات المتحدة في عهد وعهدة ترامب خاصة. يمكنكم مجاراته في دبلوماسية التغريدات. لكن ترامب، وقد كتبت هذا مرة، آخر شخص في العالم يمكنه أن يأخذ قرار حرب أو أن يخوض حرباً.

دونالد ترامب حليف غير مجدٍ، لكنه عدو جيد ومفيد للإيرانيين.