"من طرف واحد" استراتيجية الحوثيين لإنهاء اتفاقيات استوكهولم من الموانئ إلى الأسرى

السياسية - Wednesday 02 October 2019 الساعة 10:43 pm
نيوزيمن، كتب/ أمين الوائلي:

اتفاقات استوكهولم الثلاث: الحديدة، وتبادل الأسرى، وإجراءات بشأن تعز، تعثرت جميعها في مستوى التنفيذ. قبل قليل من اكتمال العام على انعقاد السويد اليمني لا يبدو أنّ شيئاً قد تغير عما كانت عليه القضايا الرئيسية قبل السويد. والتغيُّر حاصل في الاستعاضة عن الاتفاقيات وتنفيذها بخطوات أحادية التفافية من طرف الحوثيين تحوز رضا وترحابَ مارتن غريفيث والآخرين، في كل مرّة.

من الواضح في أكتوبر 2019، بإجماع؛ أنّ الاتفاقيات المنجزة للتنفيذ الفوري في ديسمبر 2018، شيء، والتطبيق هو موضوع آخر ليس بالضرورة أن ينجز في المستوى التنفيذي من العمل الذي يديره وسيط أممي لم ينجز شيئاً طوال عام ويراكم رصيداً من الدعم اللافت والتأييد في بيانات مجلس الأمن والمجموعات الدولية، وآخرها بيان الدول الخمس دائمة العضوية وآخرين معها خلال انعقاد دورة الجمعية العامة في نيويورك وتأييد الشرعية والتحالف جميعاً.

لكن الحيلة تجدي، كما يبدو، في الإفلات من شروط التنفيذ؛ عبر الذهاب إلى أخذ خطوات وإجراءات من طرف واحد. تعطّل الإجراءات التنفيذية المتفقة، وتحيل الاتفاقيات إلى الهامش. كما حدث مع اتفاق الحديدة ومسرحية الانسحاب الأحادي قبل أشهر. والآن يتكرر الأمر مع اتفاق تبادل الأسرى والإطلاق الأحادي لأعداد منهم. وفي المرتين الموقف المبدأي الثابت لمارتن غريفيث هو الترحيب والتأييد وتسويق هكذا التفاف على اتفاقيات نصيّة واجبة النفاذ بوصفها مبادرات عظيمة وفرصاً هائلة للسلام.

فشلت الأمم المتحدة في إحراز أي تقدم كما فشل المبعوث الأممي في إحداث اختراق ولو بسيط في أي من الملفات والاتفاقيات الثلاث، وعلى وجه الخصوص في الملف الذي اعتبر علامة نجاح وحيدة لمشاورات السويد قبل عشرة أشهر وبنى على تفاهمات ومفاوضات سابقة وهو الملف المتعلق بالأسرى والتبادل. انتهى هو الآخر إلى فشل ذريع. وبات الآن غريفيث يسوّق لخطوة أحادية ومن طرف واحد، صغيرة، كتعويض عن فشل في تنفيذ اتفاقية تبادل الأسرى.

قبل هذه المرة، حدث ذلك أيضاً، أو أسوأ منه، فيما يتعلق بتنفيذ اتفاقية الحديدة وبند الانسحاب من الموانئ وإعادة الانتشار. في الأخير وعندما عطل الحوثيون كافة الاتفاقات المشتركة للجنة التنسيق ومن ثم لجنة التنسيق نفسها والتي تعاقب عليها رئيسان والثالث عُين مؤخراً، أعلن الحوثيون عن خطوة أحادية ومن طرف واحد كما أسموها بالانسحاب من موانئ الحديدة. مسرحية تغيير الأزياء الشهيرة. نفسها التي رفضها باتريك كاميرت مطلع العام واصطدم بالمليشيات وأقيل نصرة لها. ونتذكر بيانات الترحيب والثناء من بعثة لوليسغارد والأمم المتحدة ومن المبعوث الخاص مارتن غريفيث.

كانت الاحتجاجات والتحذيرات تنبّه من مساوئ تجزئة التنفيذ لاتفاقيات استوكهولم. قيل هذا جهة الشرعية ومن داخلها مراراً عديدة. لكن التجزئة انتقلت من سيء لأسوأ. من تجزئة المواضيع الثلاثة، إلى تجزئة المجزأ وتفتيت الاتفاقيات وتهشيمها وإتاحة خيار التنفيذ الاعتباطي من طرف واحد وبما يناسب الحوثيين ويلبّي شروطهم وتعنتهم المبدئيّ الثابت في كافة المراحل والظروف.

بقيت الموانئ بيد المليشيات وبقيت المليشيات في الحديدة والموانئ الثلاثة ولم يحدث أي انسحاب أو إعادة انتشار للقوات ولا حتى نجحت البعثة الأممية في فتح شارع واحد وتطهيره من الألغام والمتفجرات أمام قوافل الإغاثة الإنسانية أو للوصول إلى المطاحن.

لكن هذا كله ينسى وكأنه من حقوق الحوثيين الذين يفرضون شروطهم ويسارع المبعوث والرعاة إلى الترحيب والتمرير، بل وتسارع الشرعية، علانية وسراً، إلى تمرير خيارات ورغبات المليشيات، انطلاقاً من الحديدة والموانئ في أكبر مثال على هوان وتواطؤ رسمي مع الانقلابيين ومبادلة تشددهم بالرضوخ والمحاباة.

ومؤخراً، فقط، على سبيل المثال، عرفنا من بيان اللجنة الاقتصادية الحكومية أنّ الشرعية أقرّت للحوثيين بالمسرحية وتخلّت عن شرط التراجع عن الخطوات الأحادية، وهي فقط الآن تشكو أنّ المليشيات لا تشركها في تحصيل الجمارك (!!) وحتى عند هذا المستوى من الهوان والتمكين للحوثيين، لم يقابلها المبعوث أو الأمم المتحدة أو أي متطوع باستجابة أو مواساة حتى لا أكثر.

في المُحصّلة يعمل غريفيث، الآن، بناءً على المبادرات الحوثية (العظيمة) في مساعيه لاستئناف المحادثات بسبيل "الحل النهائي واتفاق الإطار"، بما أنّ -أو ما يعني أنّ- اتفاقيات السويد نُفذت بنجاح (..) حوثي باهر.

وهو قال وغرّد، مارتن غريفيث، الأربعاء، مغادراً صنعاء "عقدت لقاءً مثمراً مع عبد الملك الحوثي ناقشنا خلاله السبل للبناء على مبادرتهم الأخيرة دعماً للتهدئة الفورية واستئناف عملية السلام في اليمن".

لم يتغيّر شيء خلال عام كامل. التمكين للحوثيين استراتيجية تراكمية تخدمها أطراف كثيرة. وكأنهم لوحدهم وليس هنالك من طرف آخر أو مقابل. في كل شيء سوف تجد أنّ هذا صحيح إلى حد بعيد.