حين حصدت الشرعية الفشل بأدواتها "الملوثة".. أمجد خالد أنموذجاً

تقارير - Monday 26 April 2021 الساعة 11:09 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

تسلط قضية اختطاف شقيق قيادي بالمجلس الانتقالي من قبل أحد القادة العسكريين التابعين للشرعية في عدن، الضوء على جانب مهم لصورة إدارة الشرعية وفشلها في كل معاركها العسكرية والاقتصادية على الساحة اليمنية.

فأمجد خالد قائد لواء النقل، المتهم باختطاف شقيق القيادي بالمجلس الانتقالي عبدالرحمن، مثل أحد أهم القادة العسكريين الذين اعتمدت عليهم الشرعية ولوبي الإخوان المسيطر عليها من أجل إحكام القبضة على عدن، وانتهى الأمر بهزيمة ساحقة لها أمام الانتقالي في أغسطس 2019م.

يمثل الرجل أنموذجاً صارخاً على تحكم مبدأ الولاء لهادي والإخوان على حساب الكفاءة في اختيار القيادات العسكرية والمدنية داخل الشرعية، والإصرار على فرضها رغم ما تحمله من تاريخ سيئ أو سلوك مشين تكون نتيجته فشلاً على كل المستويات.

عرف الرجل وعناصره بتجاوزاتهم واعتداءاتهم بحق أبناء منطقة دار سعد التي كانت تضم مقرا للواء النقل، في سلوك يقارب صفة المليشيات وأبعد ما يكون عن سلوك جيش دولة، ولم تكن حادثة اختطاف عناصره لعبدالمنعم شيخ شقيق القيادي بالمجلس الانتقالي عبدالرحمن شيخ إلا تأكيداً على ذلك.

أقر الرجل، في تسجيل صوتي، بقيامه بذلك ومبرراً فعلته بأنها للضغط على "الانتقالي" للإفراج عن أحد أتباعه لدى إدارة أمن محافظة لحج، وجاء اعترافه هذا من داخل مقر التحالف العربي الذي يتواجد فيه بصفته عضوا عن الشرعية في اللجنة العسكرية المكلفة بإعادة الانتشار وفق اتفاق الرياض، رغم اعتراض الانتقالي الشديد الذي أبداه على فرض الشرعية للرجل ضمن اللجنة رغم الاتهامات الموجهة له بالتورط في حوادث أمنية في عدن.

يذكر أن ما قام به أمجد خالد بحادثة مشابهة شهدتها عدن منتصف فبراير الماضي وكان بطلها زميل أمجد أي انه كان أحد القيادات العسكرية الذين اعتمدت عليه الشرعية في عدن رغم سلوكه السيئ.

حيث اقتحم العميد سليمان الزامكي منزل محافظ تعز نبيل شمسان في منطقة خورمكسر لاختطاف قائد القوات الخاصة بتعز العميد جميل عقلان، وإجباره على إطلاق سراح احد أتباعه متهم بقضايا جنائية وتم القبض عليه من قبل قوات عقلان في التربة جنوبي تعز.

الزامكي مثل أحد الخيارات الفاشلة التي حاولت الشرعية الرهان عليها لفرض سيطرتها على عدن، وخلال مواجهات أغسطس 2019م أصدر وزير الداخلية السابق احمد الميسري تكليفاً للزامكي بقيادة القوات الخاصة في محافظات عدن، أبين، لحج، والضالع بدلا عن قائدها اللواء فضل باعش الذي رفض أوامر الميسري بمواجهة الانتقالي.

رغم مخالفة التكليف لكون باعش معينا بقرار جمهوري، الا ان التكليف جسد العقلية التي تدار بها الأمور في الشرعية واورثتها لها الفشل كنتيجة لخياراتها وأدواتها التي اعتمدت عليها في مواجهة خصومها، سواء بمعارك عبثية في المحافظات المحررة أو على مستوى المعركة الوطنية ضد مليشيات الحوثي.

فحال الزامكي وامجد لا يختلف عن حال الميسري الذي اختاره الرئيس هادي وزيراً للداخلية لولائه وليس لخبرته الأمنية التي لا يمتلكها، وتقديمه على انه قائد "وحدوي" يتصدى لمشاريع الانفصال الذي نادى به الميسري ذاته على شاشات التلفاز منذ 2011م قبل ان يستعيد "وحدويته" بعد تعيينه وزيراً في حكومة بن دغر عام 2015م.

قاد الميسري معركة الشرعية في عدن مع ادواتها السابقة التي ظلت منذ تحريرها وهي على بناء قوتها المالية على حساب بناء قوة للشرعية، فكانت النتيجة جيشا وقوات وهمية على الورق فقط تبخرت في ساعات في أحداث أغسطس 2019م.

ولعل أقوى دليل على ذلك ما صرح به رئيس الوزراء الحالي معين عبدالملك بعد الإطاحة بالميسري من ان الحكومة وفرت أكثر من مليار ريال شهرياً بعد تحويل عملية صرف رواتب الوحدات الأمنية إلى شركات صرافة خاصة، ما يكشف حجم الفساد الذي كان يمارسه الميسري.

وإلى جوار الميسري كان وزير النقل السابق صالح الجبواني يظهر كدليل آخر على خيارات الشرعية الفاشلة في اختيار ادواتها لقيادة المرحلة، على حساب الكفاءة والنزاهة والخبرة، بل دون النظر إلى تاريخها في الانتهازية السياسية وتقلب المواقف حسب المصلحة.

جسد الجبواني مثالاً صارخاً لذلك باختلاف مواقفه بشكل جذري دون أي خجل من داعية للانفصال ورافض لشرعية هادي إلى احد مسعري الحرب ضد الجنوب باسم الوحدة وشرعية هادي.

ولا يمكن الحديث عن الجبواني والميسري دون الإشارة إلى المثل الأعلى لهما ورئيسهما في الحكومة حينها احمد عبيد بن دغر، صاحب التجربة الأكثر دهشة في الانتهازية السياسية والقفز من الشيء إلى نقيضه بكل سهولة بحثا عن السلطة على حساب المبدأ.

فالرجل الذي كان يمثل احد صقور الحزب الاشتراكي الرافضة للوحدة بين الجنوب والشمال ومن مؤيدي فك الارتباط الذي اعلن في 94م، ظهر بعدها بشكل مفاجئ إلى جوار الرئيس السابق علي صالح ليتحول إلى ابرز منظر للوحدة وانتقاد حزبه السابق بمناسبة ودون مناسبة.

ومع أحداث عام 2011م برز الرجل كأحد الصقور في معسكر صالح ضد الدعوات المطالبة بإسقاط نظامه وظل كذلك حتى مع انتخاب هادي في 2012م، وتوارى عن المشهد مع سقوط صنعاء بيد الحوثي عام 2014م رافضاً اتخاذ أي موقف، إلى أن ظهر فجأة في الرياض بعد عاصفة الحزم يترأساً اجتماعاً باسم المؤتمر للإطاحة بصالح من رئاسته وتنصيب هادي بديلاً عنه.

تلخص هذه النماذج قصة الشرعية وعقلية الرئيس هادي في إدارة الدولة خلال سنوات الحرب، تحولت معها مسمى الشرعية إلى تجمع للانتهازيين وتجار المواقف على حساب المبادئ والمعركة الوطنية في إسقاط انقلاب الحوثي واستعادة مؤسسات الدولة.