أنور العنسي

أنور العنسي

تابعنى على

حمود العودي

Tuesday 05 April 2022 الساعة 11:51 pm

هو ذاك الرجل النحيل، المعجون بتراب اليمن، الأكثر تواضعاً وقرباً إلى الأرض، المختلط بهموم البسطاء من الناس، الذي كرَّس فكره لدراسة مشكلات المجتمع مع الدين والتراث والتقاليد، وحاول إعادة صياغة علاقة سوية بين الإنسان مع الموروث والثقافة السائدة.

إنه أستاذ علم الاجتماع السياسي (حمود العودي) الذي دفع (الكثير) من حياته وحقه في الحياة ثمناً لتنوير المجتمع بحقه في الحياة وفي الكرامة والمدنية والسلام.

لم يكن ليقبل بالموروث على علاته دون شك أو نقد، لم يكن يرفضه بمعنى قتل الأب بالمطلق، أو الانسلاخ التام عن ذلك الموروث بالنهج الذي ذهبت إليه في أوروبا التي تعلم فيها تيارات ثورية وفلسفية متجاوزة!

رجلٌ لا أدري كيف له أن حظي بذلك القدر من التهذيب في عائلة ريفية، وكيف قفز إلى أعلى مراتب المعرفة الإنسانية في علم الاجتماع السياسي دون محفز سوى ذكائه الفذ وتفكيره المتقدم على عصره.

منذ وقت مبكر كنت أقدر استحقاقه لـ (الأستاذية) من ناحية اجتهاده في ارتقاء معارج المعرفة بشغفٍ وحبٍ كبيرين، وكذلك لـ (الدكتور) أنه (دكتور) بمقياس أن تفكيره في الواقع الاجتماعي لبلاده كان يقيسه بميزان حساس وليس بالحاجة إلى درجة علمية هو أكبر منها، لكنه بسبب هذا الذكاء بات يُنظر إليه على أنه الأخطر من وجهة نظر الإسلام السياسي الذي سيطرت توجهاته على المشهد بموافقة النظام والجوار!

لا أسرد هنا سيرة ذاتية للعودي يعرفها الجميع لكني أتحدث من منظور خاص عن عالِمٍ علَم كان آخر من أجريت معه لقاءً صحفياً لوكالة رويترز في منزله بمدينة حدة السكنية في صنعاء قبل مغادرتي البلاد، ولم يكتب لهذا اللقاء أن يُنشر خوفاً على حياته.

استباحني العودي في تلك المقابلة بسعة معرفته، ومعها بساطة وعمق منطقه المتسقين مع مكانته كعالم، وكذلك أخلاقه ولغته اللتين لا تميلان إلى المبالغة والادعاء.

لم أتعلم على يد العودي لكن قراءاتي لفكره جعلتني في ثمانينيات القرن الماضي مشدوداً إليه بكل الحواس بل وحتى آخر شرايين الجسد.

ملاحظة:

كتبت هذا المقال قبل عدة أشهر، وكنت أنوي نشره ضمن كتاب، لكن ما حدث له مؤخراً وللصديق عبدالرحمن العلفي والابن أنور شعب وهم في الطريق إلى الرياض حملني على نشر هذا التضامن العميق معهم.

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك