مفتاح الزوبة

مفتاح الزوبة

"النقاء وارث العيب"

Saturday 23 April 2022 الساعة 01:04 pm

يردد الحكماء في اليمن مقولة متوارثة عن الآباء والأجداد تتألف من ثلاث مفردات بسيطة، لكن الممعن فيها يجدها عميقة المعاني والدلالات، وهم يؤمنون بصدقيتها وتطابقها اللازم مع الواقع وهي "النقاء وارث العيب".

تذكرت هذه الحكمة وأنا أشاهد العميد طارق محمد عبدالله صالح يؤدي اليمين الدستورية عضوا في المجلس الرئاسي، وهو الذي خرج من صنعاء بعد خوضه معركة بطولية وطنية ضد مليشيا الحوثي في ثورة 2 ديسمبر قبل أربع سنوات ونيف والتي أشعلها واستشهد فيها الزعيم علي عبدالله صالح ورفيقه الأمين الشيخ عارف الزوكا -رحمة الله عليهما.

ومنذ وصوله معسكر بير أحمد في محافظة عدن وإعلانه تأسيس قوات حراس الجمهورية نال هذا الرجل من المضايقات والدعايات ووضع العراقيل والعقبات ومحاولات إفشال هذا المشروع الوطني بوسائل معيبة -دون الخوض في تفاصيل الكل يعرفها- لكنه نجح في السير بخطى ثابتة مدروسة نحو تحقيق الأهداف الوطنية التي رسمها واحداً بعد آخر.

يجدر بنا أن نتساءل هنا كيف تعامل العميد طارق مع من كان يفترض بهم شد أزره بدلا من الوقوف في طريقه، عندما انقلبت عليهم الأوضاع العسكرية والسياسية فيما كان تصاعد نجاحاته بلغ شأوا عظيما من المنعة والقوة والمنجزات والإنجازات؟!

الحقيقة أننا أمام أنموذج فريد في التعامل الإيجابي البناء.. فقد تعامل على مبدأ هم (إخوتنا بغوا علينا).. انبرى من الساحل الغربي بوسائل عديدة ناجعة شتت هجمات الحوثيين على المديريات الماربية وخففت وطأة حصارهم المدن وكبحت جماح تمددهم وانحسرت رقعة سيطرتهم في شبوة.

وبادر لمد يد العون للجيش والمقاومة عارضاً تقديم السلاح والرجال والعتاد، وإعلاميا آثر تجاهل الأكاذيب والإشاعات والادعاءات التي حيكت وتجاوز عمن أساء مع قدرته على الرد، ودعا القوى السياسية الوطنية لطي صفحة الماضي المؤلمة وفتح صفحة جديدة لتحقيق تطلعات الشعب اليمني.

وبعد ما حققه العميد طارق محمد عبدالله صالح بعد معاناته المريرة وما صار إليه اليوم من انتصارات ميدانية ونجاحات سياسية ترسم خارطة طريق وطنية لجمع كلمة الإخوة الأعداء والثقة التي أصبح يحظى بها من جموع اليمنيين لتنصيبه عضوا في مجلس القيادة الرئاسي، يمكن القول إن أبلغ تعبير لوصف كل ذلك هو المقولة اليمانية الأخلاقية الإنسانية "النقاء وارث العيب".

ولمن أُبهمت عليه العبارة يمكن القول إنها باختصار: تفسير عامي لقوله تعالى: (ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا....)، فمثلاً عند حدوث خلاف أو خصام أو حتى وصل الأمر إلى الاقتتال بينك وآخرين توصيك الحكمة بأن تتقي مهما أمعن خصمك في الشر تجاهك وفجَر في خصومته ولا تجاريه في الدناءة والغدر والفسالة والنكث بالعهود.

وتبشرك الحكمة أنك باتقائك في خصومتك مع من يتحصن بالشر فإن النصر سيكون حليفك مهما كانت أساليب خصمك الشيطانية فلن تمكنه منك، ونحن تعلمنا مذ كنّا في المدارس أن أقصر الطرق للوصول إلى نقطة هو الخط المستقيم.