مفتاح الزوبة

مفتاح الزوبة

عن السلام ويد الحوثي مكبلة بالأجندات

Wednesday 27 April 2022 الساعة 08:42 pm

يخبرنا التاريخ القديم والحديث عن انهيار دول وتمزق مجتمعات نتيجة حروب أو صراعات بينية لكنها أعادت بناء نفسها وطببت جراحاتها وبُعثت من جديد كما العنقاء في الأساطير.

في العصر الحديث، ألمانيا واليابان خرجتا من الحرب العالمية الثانية مهزومتين ومدنها شبيهة بالأطلال، ومع الإرادة الجمعية للألمان واليابانيين عادتا في فترة وجيزة دولتين مستقرتين من أقوى اقتصادات العالم.

وهناك أيضاً رواندا هذا البلد القابع في شرق وسط إفريقيا عانى حروب تطهير عرقية في تسعينيات القرن المنصرم راح ضحيتها أكثر من 800 ألف إنسان، وعندما وجدت إرادة السلام بين زعامات "الهوتو والتوتسي" المتناحرتين ها هي راوندا اليوم في طليعة دول إفريقيا في النمو الاقتصادي.

وإجمالاً يمكن القول بعد سبع سنوات من الحرب والدمار في اليمن وسقوط عشرات آلاف الأبرياء والمعاناة التي يعيشها الملايين من أبناء الشعب اليمني أصبح من الواضح أن طرفا واحدا لن يستطيع الانفراد بحكم اليمن، وأن محاولة فرض أمر واقع على اليمنيين ستبوء بالفشل، وأن اليمن بلد لن يكون إلا ضمن محيطه العربي ولن ينسلخ عنه.

مجلس القيادة الرئاسي الممثل فيه جميع الأحزاب والقوى الفاعلة والمؤثرة بالمناطق المحررة أعلن منذ أول يوم لتشكيله مد يده للسلام وتنحية السلاح جانباً، في بادرة نالت تأييد اليمنيين والإقليم والمجتمع الدولي ككل، لكن حقيقة هذا الإعلان الشجاع يعتمد على مدى تجاوب الحوثيين وتفاعلهم الإيجابي معه.

يحتاج الحوثيون لاتخاذ قرار شجاع مماثل -لا سبيل للأجندات الإيرانية إليه- والموافقة على الجلوس إلى طاولة مفاوضات مستديرة والمبادرة لإبداء حسن النية بإنجاز عملية تبادل شاملة لإطلاق سراح جميع الأسرى والبدء بفتح الطرقات والمعابر -لا سيما في تعز- والسماح بحركة السكان ومرور المساعدات الإنسانية.

ويحتاج الحوثيون قبل ذلك لقرار أشجع بالتخلي عن المشروع الإيراني للهيمنة على المنطقة، والتخلي عن فكرة الولاية والأحقية الإلهية في الحكم، والنظر إلى ما تسببوا به من كوارث منذ استيلائهم على السلطة بالقوة وقيامهم بأعمال استفزازية لدول الجوار لا تفسير لها سوى تنفيذ أجندات النظام الإيراني في المنطقة.

إن السلام العادل والشامل والمستدام في اليمن ليس بمستحيل إن وجدت الإرادة السياسية والرغبة الجمعية لوقف الحرب والإيمان بقبول الآخر والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات وأن صندوق الانتخابات هو الطريق الوحيد للوصول إلى السلطة.