مفتاح الزوبة

مفتاح الزوبة

صنعاء.. نبش في الذاكرة

Saturday 30 April 2022 الساعة 09:03 pm

لكل واحد منا لحظات حياتية حُفرت في الذاكرة، وما أكثر ما حُفرت من ذكريات أليمة منذ انقلاب المليشيا الحوثية على النظام دون أن تلقي بالاً لمصير ملايين من البشر انقلبت حياتهم إلى جحيم.

قصص إنسانية مأساوية في صنعاء المكلومة حيث "سرق الحوثيون الغذاء من أفواه الجوعى" وحرموا السكان من أبسط حقوقهم ها هي تمر على ذاكرتي وأنا أتابع المشاريع الإنسانية المتواصلة للمقاومة الوطنية في الساحل الغربي بتوجيهات العميد طارق صالح والتي ازدادت وتيرتها خلال الشهر الفضيل.. 

قصص عشناها في هذه المدينة العتيقة قبل أن نغادرها لأقارب وجيران ومعارف وزملاء وأصدقاء حُفرت في الذاكرة.. رجال ونساء، أطفال وشيوخ، فتيان وفتيات تختلف تفاصيلها بينما النهايات التراجيدية واحدة، تختلف أسماؤهم بينما ألم المقارنة بين حالهم قبل حرب أشعلتها المليشيا وأثناءها واحدة.

فهذا موظف حكومي غدا جسده هيكلا عظميا لأنه لم يعد يتناول سوى وجبتين من البقوليات والخضار فقط، فهو غير قادر على شراء حاجيات الثالثة بعد انقطاع راتبه.. توفي هذا الصديق الذي لا تبارح صورته ذاكرتي في موجة كورونا التي اجتاحت العاصمة صنعاء العام قبل الماضي.

وتلكم أمهات كن معززات مكرمات في منازلهن قبل الحرب أخرجهن قطع مشروع المياه إلى الشوارع للحصول على بضع جالونات يوزعها فاعل خير، والذهاب والعودة لمنازل مشرفين أملاً في الحصول على سلة غذائية متوسلات بفلذات أكبادهن الذين دفعن بهم للجبهات.

وذاك فتى والده قيادي حوثي يتباهى بصوت مرتفع بجانب بقالة الحي أن 12 ألف ريال يومياً لم تعد كافية ليشتري حزمة القات، فيما كان في الأثناء صوت خافت لحرة يمنية يتوسل التاجر أن يقرضها عدداً من الأرغفة وبضع بيضات إلى حين عودة زوجها مساء من عمله.

من أجل ذلك، حتى إن وضعت الحرب أوزارها فإن تفاصيلها وآثارها على السكان ستظل في الذاكرة الجمعية لليمنيين، فما جرى ولا يزال يجري ليس بالهين، وما انتُهكت من حقوق وحريات وحرمات وكرامات لا تكفي لشرحها كتب ومؤلفات.