عبدالرحمن علي الزبيب

عبدالرحمن علي الزبيب

تابعنى على

اختلالات البناء.. زلازل ستدمر اليمن

Tuesday 28 February 2023 الساعة 03:29 pm

عقب مشاهدة العالم للأضرار الجسيمة والضحايا بعشرات الآلاف الناتجة عن الزلازل العنيفة التي ضربت تركيا وسوريا خلال شهر فبراير 2023م قامت جميع دول العالم -ما عدا اليمن- بإعادة النظر في مواصفات المباني ومواد البناء ورفع مستوى جودة مواد البناء والمباني وتطويرها لمواجهة الزلازل والحد من الدمار الناتج عن الزلازل وتشديد ضوابطها.

هناك تجاهل كبير في اليمن وعدم اهتمام بمخاطر استمرار اختلالات مواد البناء والمباني في اليمن ومخاطر التوسع في إنشاء مبان متعددة الطوابق، رغم عدم صلاحية التربة اليمنية على تحمل البناء لأكثر من أربعة طوابق، كون معظم المدن اليمنية تقع في مجاري المياه وسيول الأمطار (أرض هشة) والتي تتمايل المباني وتنهار بشكل متسارع.

يتم هذا في ظل بوادر إنهاء الحرب في اليمن والتي ستكون أول الخطوات هي إعادة الإعمار.

 وإذا استمر الوضع كما هو عليه وانتشار اختلالات المباني ومواد البناء وغياب وتغييب الرقابة عليها نخشى أن تهدر أموال إعادة الإعمار في مباني ومنشآت سريعة الانهيار.

كل ذلك التجاهل في اليمن رغم التحذيرات المتعددة من متخصصين وباحثين بمخاطرها وآخرها تحذيرات وزير الأشغال العامة والطرق الذي دق ناقوس الخطر من مخاطر انهيار ودمار واسع للمباني والعمارات في اليمن إذا ما تعرضت اليمن لزلزال بسيط أقل من ربع قوة زلازل تركيا الحالية بسبب اختلالات البناء ومواد البناء في اليمن وعدم تمكين وزارة الأشغال ومكاتبها بالمحافظات من تطبيق نصوص قانون البناء والقوانين ذات العلاقة لضبط وتطبيق الاشتراطات وضوابط البناء ومواصفات ومقاييس مواد البناء.

وأشار وزير الأشغال إلى ارتفاع ومضاعفة أسعار الشقق السكنية ومواد البناء كسبب رئيسي في انتشار اختلالات البناء لتحقيق أرباح سريعة في ظل إحجام أي دور رسمي لضبط الأسعار وانفلات أسعار مواد البناء والمباني والشقق السكنية في اليمن.

 ومنح القانون وزارة الأشغال ومكاتبها صلاحيات واسعة للرقابة السابقة والمصاحبة واللاحقة لجميع الإنشاءات والمباني من جميع النواحي وأهمها:

1- الرقابة على مواصفات وصلاحيات مواد البناء المتواجدة في السوق الوطنية ومنع استيراد أو تصنيع مواد بناء مخالفة للمواصفات العالمية أو مواد بناء منتهية الصلاحية في ظل معلومات غير مؤكدة بإغراق السوق الوطنية بمواد بناء مخالفة للمواصفات ومنتهية الصلاحية والبداية بالفحص المستمر والدوري على مصانع الإسمنت الوطنية والتأكد من مواصفاته وكذلك الإسمنت والحديد المستورد والتأكد من أنه ليس "اكسباير" مع انتشار شائعات غير مؤكدة بإغراق السوق اليمنية بإسمنت وحديد ومواد بناء منتهي الصلاحية "اكسباير" وبأسعار مرتفعة يهدد بانهيار المباني في اليمن ما يستوجب ضبط أي مخالفات واتخاذ إجراءات قانونية رادعة لضبط المخالفين دون تمييز ولا استثناء.

2- الرقابة وفحص الأرض المقام عليها المباني والتأكد من صلاحيتها وتحملها للمباني وفقا لمقاييس ومعايير علمية عالمية وعدم منح تصاريح بناء إلا بعد التأكد من صلاحية الأرض وتحملها للمباني وإزالة المخالفات لذلك، خصوصا أن معظم المدن اليمنية قائمة في مجاري مياه ولا تتحمل تربتها إقامة مبان لأكثر من أربعة طوابق، وأي توسع في إنشاء مبان فيها يعرضها لانهيارات متسارعة.

3- التشديد في توافر الشروط القانونية في المباني من النواحي الهندسية وعدد الطوابق والمنافس والأحواش والقدرة على التحمل والصمود.

4- الرقابة على جميع مراحل البناء ابتداء من فحص التربة وفحص الخلطات الإسمنية قبل الخلط وأثناء الخلط وعند الصب وبعد الصب وكذلك الرقابة على جميع مواد البناء المستخدمة في البناء وضبط المخالفين لها وعدم السماح بأي قصور أو تجاوزات.

5- ضبط أسعار مواد البناء سواءً المستوردة أو المصنعة محليا التي يتسبب انفلات أسعارها في خفض جودتها ورفع أسعارها للحصول على أرباح طائلة.

 كما يتسبب الارتفاع الجنوني لأسعار مواد البناء في خفض نسبة المواد المستخدمة في البناء لعدم قدرة المواطن اليمني على دفع قيمتها المرتفعة وكذلك ضعف الصيانة والتشطيبات للمباني مما يعجل في تعرضها للتآكل والانهيار وذلك بسبب عدم ضبط أسعار مواد البناء والمغالاة فيها ومضاعفتها بجنون لا معقول.

حيث يعود السبب الرئيسي لاختلالات البناء إلى سعي بعض الشركات التجارية، سواء العاملة في استيراد أو صناعة مواد البناء أو شركات المقاولات.. سعيها جميعا للحصول على أرباح طائلة بتخفيض جودة مواد البناء ومواصفات المباني ورفع أسعارها بشكل جنوني ومنفلت ودون ضوابط ومحددات في ظل غياب الرقابة عليها وامتناع الجهات ذات العلاقة في ضبط أسعار مواد البناء بسقوف عليا محددة ووفقا لأسعار التكلفة مع هامش ربح بسيط لا يتجاوز 1%، واعتماد فواتير التخليص الجمركي لتحديد وضبط الأسعار وإصدار قائمة سعرية بمواد البناء وضبط المغالين والمخالفين لتلك القائمة كون مواد البناء لا تقل أهمية عن المواد الغذائية.

ضبط أسعار مواد البناء والمباني والشقق السكنية سيرفع من مواصفاتها وسيحسن جودتها لعدم وجود مجال للربح السريع فالأسعار منضبطة ومحددة.

تشهد دول العالم حراكا نشطا وواسعا لتشديد ضوابط ومواصفات مواد البناء والمباني بالتزامن مع الزلازل المدمرة التي اجتاحت تركيا وسوريا وبعض دول العالم في شهر فبراير 2023م وما خلفته تلك الزلازل من دمار وانهيارات لمبان وعمارات وتضرر مدن واسعة وسقوط ضحايا بعشرات الآلاف رغم شدة وقوة تلك الزلازل والتي كانت لمواصفات مواد البناء والمباني دور خطير في تسارع انهيار بعض  المباني وتحطمها السريع وصمود مبان أخرى.

وأحالت الحكومة التركية شركات مقاولات تركية إلى التحقيق بشبهة ضعف المواصفات لتلك المباني وضعف مواد البناء المستخدمة فيها رغم أن تركيا تعتبر من أفضل دول العالم في البناء.

 لم تصمت الحكومة التركية إزاء تلك المخالفات ولم تحاول إخفاء اختلالات البناء خشية من فقدان شركات المقاولات التركية لثقة العالم فيها، لأن ضبط المخالفين سيعزز من ثقة العالم في شركات المقاولات التركية ويعزز دور الصناعات التركية في مجال مواد البناء لوجود ضوابط وردع للمخالفين.

وفي اليمن هناك صمت وتجاهل خطير إزاء انتشار مخالفات البناء وغياب الرقابة وعدم ضبط المخالفين رغم أن الموضوع خطير وبحاجة لإرادة وطنية لتلافي المشاكل قبل تفاقمها وقبل وقوع الكارثة.

وفي الأخير:

ندق ناقوس الخطر من دمار اليمن بسبب اختلالات مواد البناء والمباني وانفلات أسعارها وضعف مواصفاتها وتدني جودتها ونؤكد على وجوبية منح وزارة الأشغال العامة ومكاتبها في المحافظات صلاحياتها القانونية للقيام بالرقابة على مواد البناء والمباني في جميع المحافظات والتأكد من الالتزام بالشروط والمعايير العلمية والمواصفات في المباني ومواد البناء المستخدمة فيها وضبط أي اختلالات ودراسة إصدار تعميم عام بمنع إنشاء أي مبان أكثر من أربعة طوابق إلا بعد توافر كافة الشروط والمعايير وأهمها صلاحية التربة التي ستقام فيها المباني وقدرتها على تحمل تلك المباني، حيث ونؤكد أن معظم مدن اليمن مقامه على أراض رخوة هشة غير قابلة لإنشاء مبان أكثر من أربعة طوابق.

لا قدر الله وتعرضت اليمن لزلزال خفيف سيكون الدمار واسعا والضحايا بالآلاف نتيجة اختلالات مواد البناء والمباني وعدم ضبط المخالفين..

بسبب اختلالات مواد البناء والمباني ستتآكل في المدن وتنهار بشكل متسارع حتى لو لم تتعرض لزلازل كون الاختلالات هي أخطر زلزال مدمر.

كما أن استمرار اختلالات مواد البناء والمباني وإعاقة دور وزارة الأشغال العامة في ممارسة صلاحياتها القانونية في ضبط اختلالات البناء  ستعيق جهود إعادة إعمار اليمن وتضيع الجهود والامكانيات في ثقوب الفساد في ظل بوادر انتهاء الحرب وتحقيق السلام، وستكون أول الخطوات بعد الحرب هي إعادة الإعمار.

ونؤكد على أن زلازل اختلالات البناء ستدمر اليمن.. ووجوبية الضبط.