عبدالوهاب قطران

عبدالوهاب قطران

أبراج جديدة بصنعاء.. ثراء فاحش في زمن المجاعة!

Wednesday 15 March 2023 الساعة 07:28 am

عصر يوم الاثنين وأنا في طريقي للمقيل، بشارع صفر بصنعاء، هالني مشهد البوكلين وهو يرزم ويدوس بقوة، ويهد عمارة اربعة دور مسلح مبنية حجر وقيص عباصري غاية بالجمال والاناقة، مبنية على الخط الرئيسي ركنية..!

ما هذا الثراء الباذخ بزمن الجوع والعوز والفاقة، يشترون عمائر وقيص، كلها على الخطوط الرئيسية (ركنيات) ويهدونها ويعيدون بناءها "أبراجا"، والسواد الاعظم من الشعب لايجدون قوت يومهم..!

من أين لهم كل هذا الثراء الفاحش المستفز المتبجح؟!

* * *

عن بعض مظاهر الجوع في صنعاء:

قبل ظهر اليوم (الثلاثاء) اصطحبني صاحبي بجولة صباحية لجنوب العاصمة صنعاء جهة بيت بوس.

وصلنا إلى تحت حصن بيت بوس التاريخي الحصين، أذهلتني النهضة العمرانية جنوب العاصمة سيما شارع الخمسين وبيت بوس احياء برجوازية مزدهرة، انتشرت هناك المولات الكبيرة الضخمة، والابراج والفلل الفاتنة، مر الوقت بسرعة مذهلة.

دخلت الساعة على الواحدة والنصف ظهرا شعرت بجوع يمزق احشائي 

سألت صاحبي: كم في جيبك؟ قال: خمسة آلاف ريال لا غير.

قلت: غدنا. قال: الزلط قليلة ما باتغدينا الثلاثة.

قلت له: عرج بنا على مطعم القوزي نفر فحسة وخبز وصلى الله وبارك.

وصلنا المطعم مزدحم ساخن، طلبنا نفر سلته وثنتين خبز، بالخمسة الآلاف التى بجيوبنا، شرعنا بتناول غدائنا الزاهد، فإذا برجل بمنتصف العقد الخامس وجه مغطى بلحية سوداء كثة قصير القامة معصوب الرأس مكسور الجناح طل علينا، وبيده كيس بلاستيكي به كدمتين قائلا: انا جائع اتغدى معاكم.

قلت له: تفضل، تغدينا سويا وكان يأكل بخجل.

قلت له: تغدى لا تستح، سأله صاحبي: من أين أنت؟ قال: نازح من الملاحيظ.

نهضنا من على المائدة ونحن ما زلنا نشعر بالجوع بعد ان نفد نفر السلتة والخبزتين، وكانت سيارة صاحبي ايضا جائعة والمحطة مؤشرة حمراء تكاد تتوقف لنفاد الوقود.

وصلنا وسط العاصمة شارع الزبيري، مزدحم بالسيارات الفارهة، اطل علينا شابان مفتولي العضلات لحيتاهما كثتان، ملامحهما غليضة، عاصبين رأسيهما بمشدتين وسط الرأس، احدهما يحمل فوق جنبه الكريك، والاخر يحمل بيده المالج، او البروة، فقالا بصوت: جاوعين نشتي نتغدى، لم نجد عمل.

 فقال لهم صاحبي السائق عاد احنا بنتحاكى على الغداء ذلحين، وقمنا جاوعين ضاويين نوفي بالبيت ما شبعنا..

هذه هي صنعاء، تعيش بها امتان من الناس، اقلية تعيش حياة البذخ والترف والرفاه وتتركز بيدها الثروة والعقارات وتستحوذ على كل شيء وبخزائنها البلايين، واغلبية مسحوقة جائعة تعيش ببؤس وتعاسة وفاقة..!!!

* * *

قلك من الآن سيكون شعارهم "طلاق يا الراتب، طلاق"!!!

هيا فهمتوا اصل الملعوب والا لسه؟

انا فهمت زمااان قبل حوالي ست سنوات، وكتبت مقال مطول بعنوان "الحوثي حل الدولة ولن يدفع مرتبات موظفيها".

وكم اشفق على السذج الذين ما زالوا يتابعون آخر اخبار الهدنة والمفاوضات حول اوهام المرتبات وما زال لديهم امل ان مرتباتهم سترجع يوما ما..

الآن خلااااااص اعلنوها صريحة دون مواربة" طلاق يا الراتب، طلاااااق"

* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك