د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

فنتازيا الأخوة الأعداء في اليمن.!!

Tuesday 27 June 2023 الساعة 11:47 am

أيّا كانت محاسنه وسيئاته.. كان "النظام القديم" في اليمن، بمثابة مقعد شامل لكل المؤخرات، ومظلة عامة لكل الرؤوس، وحدث ما حدث عام "2011"، ثم جاء "الحوثي" عام "2014"، وسحب المقعد والمظلة من تحت وفوق الجميع.!

"الحوثي" خصم. جاء من خارج الخارطة السياسية، ليمحو كل ألوان وملامح هذه الخارطة التي تشردت عناصرها القديمة خارجها على خارطة العالم، من أمريكا إلى ماليزيا، ومن ألمانيا إلى الحبشة والصومال.

ومع ذلك ما تزال بعض عناصر أو كوادر "فرقاء "2011"، المشردة في الخارج أو المحاصرة في الداخل. تنظر إلى "القضية اليمنية" من زاوية تلك النزوات والحسابات الانتهازية العدمية الصغيرة المتقادمة.!

ما تزال الجروح طرية، والأحقاد طازجة ضد "النظام القديم"، وضد بعضها، كأن لم تحدث كل تلك النكبات والنكسات والخسائر والهزائم التي عصفت بها وبالشعب عموما، من حينه:

كأن الأحزاب اليسارية لم يكن لها كيانات محترمة، ومؤسسات سياسية وإعلامية محمية، وحريات مصونة، وكانت كلماتها تهز الدولة، وكانت متواجدة في السلطة والمعارضة في ظل النظام القديم.!

"القبيلة السياسية"، خسرت كل شيء في اليمن، ومع ذلك ما تزال بعض قياداتها، تفكر وتتبجح بلؤم، كأنها لم تخسر نفوذها السياسي الذي كان بمثابة دولة داخل الدولة، في ظل النظام القديم.!

رؤوس أموال هذه القبيلة مثل الشيخ "حسين الأحمر"، ما تزال متخندقة في شرنقتها الخاصة، وتتحدث بثقة كأنها لم تخسر إمبراطوراتها المالية التي كونتها في ظل النظام القديم.!

كما لو أن "حزب الإصلاح" "فرع جماعة الإخوان في اليمن"، لم يخسر سلطته ونفوذه ومصالحه الهائلة في "النظام القديم" الذي كان أحد أركانه، ولم تتشرد قياداته في المنافي بعد خسارته لوجوده على امتداد اليمن.!

حتى بعض قيادات "المؤتمر الشعبي العام"، تتعامل بلؤم مع بعضها، ومع غيرها، كما لو أنها فقدت ذاكرتها كحزب واحد كان يدير السلطة، وبات مجموعة شراذم تتسابق على المصالح في خدمة كل السلطات.!

لم يتعظوا حتى اليوم بكل ما حدث، وبالتالي: لم يتغيروا، ولا يريدون الاعتراف بأن الوضع تغير، وأن المسألة باتت وجودية لأمة كاملة تقف على حافة الانقراض.!

كما لو أن عليهم أن ينقرضوا تماما للتخلص من تلك الضغائن الشخصية والفئوية القديمة  التي ضيعت البلاد والعباد، ومزقت الصف الوطني، ومكنت "الحوثي" من السيطرة على الدولة، والتمدد على حساب الجميع.!

لا أحب الوعظ، وليست الدعوة هنا لمراجعة الإخوة الأعداء حساباتهم تجاه بعضهم موعظة، هي فقط إشارة إلى ضرورة إنسانية وجودية، وحاجة سياسية مصيرية، لخصها "مارتن لوثر كينج" بعبارته الشهيرة: "إما أن نعيش جميعا كإخوة، أو نموت جميعا كأغبياء".